مجموعة “الأصدقاء المدافعين عن ميثاق الأمم المتحدة”… تحالف لمواجهة الإرهاب الاقتصادي الغربي
الوقت – وفق مصادر إخبارية، فإن 16 دولة عضو في الأمم المتحدة، بما في ذلك إيران والصين، قدَّمت خطةً لتشكيل تحالف ضد العقوبات الأحادية الجانب والتهديد باستخدامها ضد دول أخرى. کما تعمل هذه الدول على تشكيل تحالف للدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة.
أعضاء هذا التحالف، المعروف باسم مجموعة “الأصدقاء المدافعين عن ميثاق الأمم المتحدة”، هم إيران والصين وكوريا الشمالية والجزائر وأنغولا وبيلاروسيا وبوليفيا وكمبوديا وكوبا وإريتريا ولاوس ونيكاراغوا وفلسطين وسانت فنسنت وغرينادين وسوريا وفنزويلا.
يمكن تحليل تشكيل هذا التحالف على أنه تشكيل قطب جديد للتطورات العالمية، ضد الأحادية الأمريكية في النظام الدولي الحالي الذي يمر بمرحلة انتقالية.
مجموعة الأصدقاء المدافعين عن ميثاق الأمم المتحدة
أعلنت مجموعة الأصدقاء المدافعين عن ميثاق الأمم المتحدة، المكونة من 16 عضواً، في بيان: إن “التعددية تتعرض حالياً لهجوم غير مسبوق، وهذا يشكل تهديداً للسلام والأمن العالميين”.
کما تؤكد الوثيقة التي نشرتها المجموعة، أن “العالم يشهد جنوحاً متزايداً نحو النزعة الأحادية، وهو ما يمكن ملاحظته في الإجراءات الانعزالية والتعسفية، مثل اللجوء إلى التدابير القسرية أحادية الجانب أو الانسحاب من الاتفاقات المهمة والمنظمات المتعددة الأطراف، فضلاً عن الجهود المبذولة لتقويض الجهود الحيوية لمواجهة التحديات العالمية والمشتركة”.
من المؤكد أن الوثيقة التي نشرها أعضاء هذا التحالف الجديد ضد العقوبات والنزعة السلطوية، تظهر أن الهدف الأساسي لمؤسسي هذه المجموعة هو مواجهة النهج التخريبي والإرهابي للدول الغربية، في استخدام الأدوات الاقتصادية لدفع الأهداف السياسية إلی الأمام، من خلال النزعة السلطوية والهيمنة والضغط على الدول الأخرى، وخاصةً الدول المنافسة للغرب.
تحوُّل وزارة الخزانة الأمريكية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية للاتحاد الأوروبي إلى وزارة حرب
حول سبب تشكيل مجموعة الأصدقاء المدافعين عن ميثاق الأمم المتحدة، يمکن القول إن السبب الأهم هو استخدام القوى الغربية وتحديداً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأدوات الإرهاب الاقتصادي والتحريض ضد منافسيهم على المستوى الدولي.
في الماضي، كان من الممكن دائمًا أن تمارس أي دولة ذات موقع عسكري وسياسي أعلى نفوذها كقوة عظمى، ولكن على مدار العقود القليلة الماضية شهدنا استخدام القوة الناعمة التي تركز على قوة الدولار كأداة قوية للتأثير السياسي والدبلوماسي، وهو ما يُعرف باسم دبلوماسية الدولار.
في الواقع، كانت دبلوماسية الدولار مصطلحًا استخدمه لأول مرة الرئيس الأمريكي “ويليام هوارد تافت” في أوائل القرن العشرين (1909-1913). وكان قد صرَّح أنه يريد استخدام الدولار بدلاً من الرصاص، وهي سياسة كان من المقرر أن تحل محل دبلوماسية المدفعية البحرية في ذلك الوقت.
بالطبع، استنكرت دول أمريكا اللاتينية هذا المصطلح على مدى العقود الماضية، وكان يُنظر إليه على أنه أداة للتجارة الأمريكية على حدودها الجنوبية.
وهکذا في الوضع الجديد، نرى أن دبلوماسية الدولار تتجه نحو الإرهاب الاقتصادي. والآن، على عكس الماضي، عندما كانت وزارة الحرب الأمريكية أو لجنة الأمن والدفاع في الاتحاد الأوروبي مسؤولةً بشكل أساسي عن التعامل مع الخصوم، باتت وزارة الخزانة واللجنة الاقتصادية والاجتماعية للاتحاد الأوروبي هما العاملان الرئيسان في الحرب ضد الجهات الفاعلة الأخرى.
في السنوات الأخيرة، أصبحت وزارة الخزانة عملياً غرفة الحرب الأمريكية ضد منافسيها الدوليين. وقد هيمنت سياسة العقوبات على نهج السياسة الخارجية للولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، وخاصةً في سنوات ما بعد الحرب الباردة. کذلك، توسَّع نطاق عقوبات واشنطن ضد منافسيها، مثل الصين وإيران وروسيا، لدرجة کبيرة جداً.
بحيث إنه في استراتيجيتها الجديدة، لجأت وزارة الخزانة الأمريكية، إضافة إلى فرض العقوبات علی الحكومات والشركات العامة والخاصة، إلى فرض العقوبات على الأفراد والشخصيات السياسية في الدول الأخرى.
في الواقع، يعتقد صانعو السياسة في البيت الأبيض، من الجمهوريين والديمقراطيين، أنه يجب شن الحروب بوسائل أخرى غير الأسلحة العسكرية. في هذه الأثناء، فإن أهم أدواتهم هي استخدام الأسلحة الاقتصادية، أي العقوبات.
وفي تحليل هذا الوضع، يمكن القول إن وزارة الخزانة الأمريكية قد ابتعدت عن المكانة المالية التي يُتصور لمثل هذه الوزارة في العالم، وأصبحت وزارةً بها جنود يرتدون البدلات وتحاول فرض عقوبات على دول أخرى ودراسة عناوين العقوبات.
وهذا النهج، إضافة إلى وزارة الخزانة الأمريكية، فقد حظي باهتمام الاتحاد الأوروبي، وشهدنا على مدى العقود القليلة الماضية سياسة فرض العقوبات من هذا الاتحاد، تماشياً مع واشنطن.
بالطبع، تم النظر في هذا النهج من قبل المراقبين والمنظرين للقضايا الدولية أيضًا. وفي هذا الصدد، اقترح “إيان بريمر” و”كليف كوبشان” وهما من علماء السياسة الأمريكيين، مفهومًا يدعی “اعتبار الشأن المالي سلاحًا”، وذلك بالنظر إلی سياسات بعض الدول الغربية في استخدام الأنظمة المالية كأدوات للدبلوماسية القسرية ضد دول المعارضة.
ووفقًا لهذين العالمين، فإن الولايات المتحدة في الوقت الحاضر وبدلاً من الاعتماد على المكونات التقليدية لتفوقها الأمني - بما في ذلك التحالفات مثل الناتو والمؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي – تحولت إلى استخدام النظام المالي كسلاح لتعزيز سياستها الخارجية والأمنية، واستخدام التهديد بقطع الوصول إلى أسواقها وبنوكها كأداة ضد الدول المنافسة.
العقوبات الأمريكية تمنع المواجهة العالمية ضد كورونا
من المواقف الرئيسة لدول التحالف المناهض للأحادية الأمريكية في الأمم المتحدة، لفت الانتباه إلى دور العقوبات الأمريكية في إبطاء المسار العالمي لمكافحة أزمة وباء كورونا، الذي لا يعرف حدودًا ويتطلب تصميمًا عالميًا مشتركًا للسيطرة والقضاء عليه.
وكان للعقوبات الأمريكية، على الرغم من الشعارات الكاذبة من قبل المسؤولين الأمريكيين، تأثير عميق على قدرة الدول التي فرضت عليها عقوبات على الوصول إلى الأدوية والإمدادات الطبية الأخرى اللازمة لحماية المجتمع من انتشار الفيروس، بحيث إن المدنيين يدفعون اليوم الثمن الرئيس للعقوبات الأمريكية والغربية.
هذا في حين أنه مع اقتراب عدد القتلى في الولايات المتحدة من 600 ألف، فقد شهد هذا البلد أكبر كارثة لتفشي كورونا عالمياً، وفي الواقع أثرت سياسة العقوبات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية في الإسهام في تفشي فيروس كورونا عالميًا، على حياة الأمريكيين بشكل غير مباشر.
وقد أدى ذلك إلى زيادة التكاليف العالمية لمكافحة كورونا، وبالتأكيد يرى المجتمع الدولي الآن أن البيت الأبيض متورط في تشكيل مثل هذا الوضع.