كيف أحبط السيستاني مشروع الإسلام الأمريكي؟!
متابعة ـ ياسر الربيعي ||
لم تكن زيارة زيارة البابا للمرجع الأعلى هي الحدث التاريخي، بل كان بيان المرجعية بعد الزيارة هو الحدث التاريخي الحقيقي الذي بدأت تتكشف أبعاده الشاملة ورسائله الى مختلف الاطراف.
قد يعجب الإنسان كيف يصبح بيان من أقل من صفحة حدثاً تاريخياً، خصوصاً لمن لا يعرف كيف أصبحت فتوى من بضعة أسطر حدثاً صنع تاريخاً مشرفاً للمرجعية وللشيعة وللعراق. فتلك السطور التي كتبها شيخٌ بلا سلاح وهَنَ العظمُ منه واشتعل الرأس شيبا، فعلت في أسابيع ما قال عنه أوباما أنه يحتاج عشر سنوات (باستخدام السلاح الأمريكي).
تلك الفتوى افشلت الحرب العسكرية التي خاضتها الولايات المتحدة عن طريق داعش التي صنعتها لهذا الغرض فاضطرت لترك أجندة الحرب الخشنة (بالسلاح) واتجهت الى الحرب الناعمة (بالثقافة) لكي تحتلَّ عقول العراقيين فتعزلهم عن المرجعية فلا يبقى في العراق جيل يعرف الله او الاسلام أو الجهاد فتتخلص امريكا من هذا الدين الذي يقف عائقاً أمام مشاريع البيت الأبيض إذا انطلقت فتوى المرجعية.
*
بالحرب الناعمة سوف تستريح أمريكا من القتال وتوفّر العتاد، وتحتفظ بالأموال ما عدا ملايين قليلة تصرفها على “ناشطين سلميين!” ومنظمات مجتمع مدني يدخلون دورات في السفارات الامريكية او في بعثات الى امريكا فيغيرون البنية الفكرية حسب الخطة التي وضعتها مؤسسة راند التابعة للمخابرات الامريكية.
وكانت موجة الإلحاد وموجة الانحلال الخلقي التي بلغت ذروتها في رفع علم المثليين في سفارة الاتحاد الاوربي في بغداد، ثم بدأ صنع الثورة الملونة التي استغلت الشباب الأغرار المظلومين من قبل السياسيين الفاسدين لكي يستخدموهم لاستبدال حكومة فاسدة بأفسد منها ولتكون النتيجة: للشباب الأغرار البطالة والفقر والإهمال، وللناشطين المناصب والمكاسب والرواتب.. وهكذا تحققت أهداف ما أسموها ثورة تشرين!
*
على خط موازٍ كان مشروع الإسلام الأمريكي يسير بخطى حثيثة يقود عربته المعمم الامريكي الذي لا يملك من الدين الا عمامة سوداء على رأس خالٍ من العلم لا يُحسن جملتين فصيحتين.. هيـّأتْ له محطة باكو كل أسباب الزعامة المصطنعة من شهادات بتوصيات، ولقاءات بشخصيات، ومؤتمرات حوار أديان وكراسي يونسكو وفاتيكان في محاولة إجلاسه في موقع التأثير على قرار المرجعية بالاستعانة بالنسب العائلي.
وكاد المخطط أن ينجح وهو يحاول الاقتراب من مركز القرار الشيعي ليحصل على تزكية تعطيه صلاحية التربّع على عرش الشيعة، او صنع المتربّع الذي يتواءم مع القيم الامريكية (كما ينص تقرير المخابرات الامريكية في مشروع الإسلام الديمقراطي المدني).
*
وفي غفلة من الزمن استغفل المعمم الأمريكي بعض المقربين من بيت المرجعية مستغلاً المكانة التي يتمتع بها أستاذ المراجع الامام الخوئي قدس سره فحصل على تزكية شكلية تمثلت بحضور بعض العلماء في حفل تنصيب من يجهل مبادئ العلوم الدينية والدنيوية على رأس مؤسسة تحمل اسم اعظم مرجع راحل ..تمَّ تنصيبه اميناً على دار العلم ومجمع الحوار الديني ليكتب على مؤسسته زوراً: بإشراف المرجعية العليا (السيد السيستاني).
وظنَّ المعمم الأمريكي أن اللعبة قد ركبت، والحيلة قد انطلت والمسيرة قد انطلقت.
لكن العين الراصدة لسماحة السيد السيستاني لم تخطئ هذ المعمم المنحرف ولم تغفل تحركاته العالمية وادعاءه تمثيل آراء السيد السيستاني حتى أصبح بنظر الكثير من البسطاء ناطقاً باسم السيد السيستاني وممثلاً له في نشاطاته الدولية ولقاءاته مع أركان المشروع الأمريكي في المنطقة والغرب.
وبلغ به الصَلَف أن يشيع ما صدّق به بعض المتشرعين من أن سماحة السيد السيستاني أعطاه مبلغ 40 مليون دولار من الحقوق الشرعية (بعضها نقداً، والبعض الآخر بوكالةً خطيةً من المرجع -لم يرها أحد- لكي يستحصل بها باقي المبلغ من التجار).
كانت تلك الوكالة المزعومة كذبةً تشبه كذبة المبلغ النقدي الذي ادعى ان السيد السيستاني منحه اياه لإنشاء مسجد ضرار للإسلام الأمريكي. الهدف من الكذبة هو التستر على مصدر تمويله الاصلي بعشرات الملايين من الدولارات لكيلا يُسأل: من أين لك هذا؟
بلغت اساءةُ استخدامه لاسم السيد السيستاني أوجَها فبدأ العلماء والفضلاء يتساءلون: ألم يجد المرجع الاعلى من يمثله غيرَ جاهل بالمذكر والمؤنث، والفاعل والمفعول، و الجار والمجرور لكي يضعه على رأس مؤسسة علمية تحمل اسم استاذ المراجع؟
وتطورت التساؤلات ولاحقت نشاطَ المعمم الامريكي المحموم مع الفاتيكان وبعض المسؤولين الاوربيين والامريكان والإسرائيليين وملوك ورؤساء وزارات ورؤساء أحزاب فاسدة وعميلة.
وتلـّقفه الإعلام العراقي والخليجي وقناة الحرة وأخواتها لتلميع صورته وليصنع من جثّته زعيما شيعيا يتمتع بمكانة عالمية وعلوم لا تحصى.
*
واخيراً برز دوره في ترويج الديانة الابراهيمية التي بدأت اول خطواتها بزيارة البابا الذي أدّى هذه الصلاة في اور وأدّتها معه جوقة الديانة الابراهيمية التي يراد لها أن تحل محل الإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
*
وجاء البيان الصاعقة، وإذا بالمرجع يطلق لاءاته السبعة على كل أشباح الليل التي تتلصص لاختراق المرجعية والسيطرة تدريجيا على قراراتها:-
- لا للدول الكبرى
- لا للاحتلال
- لا للتطبيع
- لا للحصار
- لا للتوقيع على إعلان ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب
- لا للرأسمالية المتوحشة التي تمتص ثروات الشعوب
- لا…
سبع لاءات أطلقها السيد السيستاني على كل مشاريع امريكا في الشرق الاسلامي فخرّب ما بنته امريكا على يد حكومة الكاظمي المنبوذة من قبل المرجعية والتي نصبها السفير وجمع فيها الفاسدين الجدد من الناشطين والناشطات.
وأصابت اللاءاتُ المعممين الذين جندتهم محطة باكو ومنحتهم كل الدعم المالي والاعلامي والسياسي، وارادتهم قناة خلفية تربط حكومة السفارة مع معممي السفارة علّهم يفتحون لها باب المرجعية التي اغلقت الباب على كل مرتبط بمشاريع امريكا الدينية والسياسية.
*
اللاءات السيستانية السبعة اصابت المشروع الأمريكي الواسع بمقتل تحتاج عقوداً قبل أن تعثر على بديل يمكن ادخاله للحوزة كما يدخل فيروس الايدز الى اجسام المثليين.
لقد نجحت السفارة في الدولة لكن المرجعية نجحت في الحوزة والدولة معاً حين قاطعت معممي السفارة وحكومة السفارة، وأغلقت عليهم الباب ادانةً وطردا.
بالبيان التاريخي ذي اللاءات الثلاثة وقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، وألقي السحرة ساجدين.