الحدث

بكركي مصرّة… وستحافظ على هذه الجوهرة

“ليبانون ديبايت” – فادي عيد

كشفت أوساط كنسية، وفي ضوء ما يتردّد في بعض المواقف السياسية الأخيرة، أن هناك من يحاول، عن سابق تصوّر وتصميم، الخلط ما بين الحوار وما بين الثوابت التي أعلنها البطريرك بشارة الراعي، الترويج بأن بكركي، ومن خلال الحوار مع “حزب الله”، قد تراجعت عن المؤتمر الدولي ومطلب الحياد، وبالتالي، اختلفت المسألة عند هذا الحدّ ولم تعد هذه الطروحات واردة.

وأكدت أن هذا الأمر غير صحيح إطلاقاً، لأن بكركي تعتبر أن الحوار هو الوسيلة الأساسية بين اللبنانيين، وأبواب بكركي دائماً مفتوحة للجميع، وهي لم تُقفِل هذه الأبواب يوماً أمام أي فريق سياسي، وقالت إن “هذا شيء، وقناعات بكركي الوطنية والسياسية شيء مختلف تماماً”، لأن المسألة تتعلّق برؤية الكنيسة للبنان، وتتعلّق بثوابت الكنيسة التاريخية، والتي لا تتبدّل مع الحوار أو من دون الحوار.

كما أن هذه الثوابت التي لا تتبدّل مع تغيير الظروف، وفق الأوساط نفسها، لإنها نظرة ثابتة للكنيسة، وساهمت مساهمة أساسية في إنشاء الكيان اللبناني، وفي وصول لبنان إلى ما وصل إليه من استقرار وازدهار وتعايش ليكون نموذجاً حضارياً بالتعايش بين الطوائف في المنطقة.

وبالتالي، تابعت الأوساط الكنسية نفسها، أن المقصود من هذا المزج وهذا الخلط وهذا الترويج، هو ضرب صورة بكركي، والقول أنها تراجعت عن ثوابتها ومبادئها ومنطلقاتها ومسلّماتها، وهذا الأمر غير صحيح، لأن بكركي اليوم، وأكثر من أي يوم مضى، متمسّكة بما طرحته، إن لجهة الحياد الذي لا ترى أن من دونه يُمكن إنقاذ لبنان، بدليل أنه منذ اللحظة التي تمّ فيها إسقاط الحياد، سقط لبنان، ودخل في ما دخل إليه من كوارث وتحوّل من دولة إلى ساحة، وبالتالي، لا بد من العودة إلى الحياد، والذي يشكل المدخل الوحيد للإستقرار وترسيخ وتثبيت هذا النموذج وتعميمه.

وذكّرت الأوساط، بأن بكركي هي أيضاً على قناعة تامة بعقد المؤتمر الدولي، إذ من دونه سيبقى لبنان دولة فاشلة، ولا بد من إجماع دولي على دعم دستور لبنان والقرارات الشرعية والدولية كمدخل لهذا السياق، ولذا، فإن هذا الخلط ما بين الحوار والثوابت، هو خلط متعمَّد ومقصود، ولكن لا أساس له. وشدّدت على أن الكنيسة ماضية قُدُماً في طرح الحياد وبعقد مؤتمر دولي، وأبوابها مفتوحة لأي نقاش، لأن ما تطرحه يجسّد آمال وتطلّعات اللبنانيين وأهدافهم، فهي لا تطرح نظرة فئوية تتعلّق ببكركي وحدها، بل هي تطرح مسألة تتعلّق بجميع اللبنانيين وبمستقبل لبنان واستقراره وازدهاره والسلام فيه. وبالتالي، فإن طرح بكركي يتعلّق بجميع اللبنانيين من دون استثناء، وهي لن تتراجع عن هذا الطرح بدليل أن المشروع الآخر أوصل إلى الإنهيار وإلى الفشل والكارثة، وعليه، فإن بكركي سوف تذهب باتجاه المزيد من الإصرار لإخراج لبنان من الواقع الكارثي الذي وصل إليه بسبب المشروع الآخر الذي أدّى إلى الواقع الحالي الدقيق والخطير.

ولذلك، وبحسب الأوساط عينها، فإن بكركي ستبقى مصرّة على طروحاتها بالنسبة للحياد وعقد المؤتمر الدولي من أجل دعم لبنان، كونها تدرك أن هذه المسألة لن تتحقّق بالطبع غداً أو في فترة قريبة، ولكن الكنيسة مصرّة على إنجاز ما تطرحه، وعندما تتمسّك بأي مسألة فهي تحقّقها، ولذا، فهي ماضية على هذه الطريق، وأي كلام عن أن الحوار سيجعل بكركي تتجاهل أو تتناسى أو تُسقط طروحاتها وثوابتها، هو مجرّد كلام واهم، ذلك أن بكركي التي ساهمت في بناء لبنان، ستحافظ على هذه الجوهرة، وهي معنية بإيصال لبنان إلى شاطئ الأمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى