دخول مناطق جديدة الى الشارع يُشير الى اتساع المعركة السياسية
عيسى بو عيسى
من الواضح أنّ غالبيّة القوى إستبدلت خياراتها في سبيل تحقيق ماّربها فاختارت الإنتقال إلى الشّارع لتوجيه الرسائل، الأمر الّذي ترجم بموجة واسعة من التّحركات، تزامنت مع إنهيار سريع في سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بعد أن كانت في الماضي تحرص على دعوة المواطنين الّذين يلجأون إلى الشّارع إلى إفساح المجال أمام المفاوضات السّياسيّة.
هذا الواقع، ساهمت في تأكيده أوساط سّياسيّة الّتي أشارت الى أنّ ما يحصل في الشّارع لا ينحصر في التحركات الشعبية، بل على العكس من ذلك يأتي في سياق الضّغوط لفرض التّنازلات على مستوى الملفّ الحكومي بشكل أساسي، على قاعدة أنّ البلاد لم تعد تحتمل حالة المراوحة القائمة، الأمر الّذي كان قد بدأ مع إنتقال السّجال السّياسي إلى مستوى جديد، بعد بيان رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الّذي تناول فيه حزب الله للمرّة الأولى منذ فترة طويلة.
وتلفت هذه الاوساط الى أنّ الموجة الجديدة من التّحركات لا يبدو أنّها ستكون قصيرة المدى، حيث أنّ هناك من يريد الإستمرار بها حتى تحقيق الأهداف المطلوبة منها، أيّ فرض التّنازلات على كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، وهو ما يتأكد من خلال تسريب معلومات على نطاق واسع بأنّ التّحرّكات الّتي سيشهدها الأسبوع الحالي ستكون على نطاق أوسع، لا سيما إذا ما ترافقت مع إستمرار الإنهيار في سعر صرف الدّولار.
وبالتالي، تتضح الصورة تقول الاوساط وفق التالي : إن محاولة إضعاف العهد أو إسقاطه وإن كانت مستحيلة إنما تبدو واضحة بشكل جلي خصوصا أن «نفس» المتظاهرين الذين يقطعون الطرقات أصبح واضحا ودون أقنعة ويربطون تحركاتهم من خلال رفع صورة البطريرك بشارة الراعي في محاولة للإيحاء أن مطلب بكركي يتماهى مع هذه التحركات ، إلا أن هذه الاوساط تلفت أن توضيحات الصرح البطريركي جازمة لهذه الناحية حتى أنها غير راضية عن بعض جوانب هذه المطالب حيث أن سيد بكركي في هذا الاطار بالذات في واد اّخر وليس في أجندته على الاطلاق إسقاط الرئيس الماروني ولن يسجلها سابقة في تاريخ البطريركية.
وتشير هذه الاوساط إلى أنّه لم يعد سرّاً أنّ تحريك سعر الصّرف يأتي دائماً في إطار الرّغبة في الضغط على المستوى السّياسي، إلا أنّ اللعبة هذه المرّة من دون سقف، بحسب ما يظهر، بدليل تجاوزها الحدود المعقولة، في حين أنّ هذا السّلاح كان في الماضي، تحديداً منذ تكليف الحريري، يستخدم ضمن إطار محدّد، كان يُصنّف على أساس أنّه الهامش السّياسي في هذه اللعبة، الأمر الّذي من المفترض أن يكون العامل الأساسيّ في دفع المواطنين إلى الشّارع.
لكن اللافت ملاحظة هذه الاوساط دخول مناطق جديدة على خط التّحركات في الشّارع وعمليات قطع الطّرق، ولهذا الامر قراءة مختلفة لما يحصل في الوقت الرّاهن، حيث تشير إلى أنّ الهدف الأساسيّ هو تحسين أوراق القوّة قبل الوصول إلى مرحلة التسوية الإقليميّة، نظراً إلى أنّ خطوط التّواصل على هذا الصّعيد مفتوحة والنّتائج من المفترض أن تبدأ بالظهور مع بداية الشّهر المقبل.
وتلفت الاوساط نفسها إلى أنّ مشاركة بعض القوى الجديدة في التّحرّكات يوحي بأنّ الأمر قد يكون أبعد من ذلك، أي ليس فقط إنتظار التّسوية الخارجيّة بل إستعجالها على قاعدة أنّ الأمور بدأت تخرج عن السّيطرة في الشّارع، في حين أنّ الحفاظ على الإستقرار المحلّي لا يزال أولويّة لدى معظم القوى الخارجيّة الفاعلة على السّاحة اللّبنانية فيما عملية «العزل» القائمة لمكون كبير في البلاد لا يمكن إدخالها ضمن التسويات الكبرى على أن التعويل يبقى على موقف حزب الله المركزي.