اليمن يفعّل عمليّات الردع… والمقداد لمشرفيّة: العرقلة الغربيّة تؤخّر عودة النازحين تحذير من يوم صعب وتحرّكات تستهدف المقار الرئاسيّة اليوم… والدولار يتراجع / مطالبات بتفعيل الحكومة المستقيلة… ودعوة الأمن والقضاء لملاحقة المضاربين
كتب المحرّر السياسيّ-البناء
الوضع الإقليمي الضاغط على ملفات المنطقة في ظل التردد الأميركي بحسم الخطوات المطلوبة لفتح طريق الحلحلة في الملفات الساخنة والاستحقاقات الضاغطة، خصوصاً الملف النووي الإيراني، والحرب في اليمن، يشهد تصعيداً متزايداً. ففي الملف النووي أعلنت إيران إقفال الطرق أمام أي بحث بالحلحلة قبل الإعلان الأميركي الواضح برفع العقوبات من دون شروط. وفي الملف اليمنيّ شهدت الحرب تحوّلات نوعية مع القصف السعودي الذي استهدف بصورة وحشية أحياء سكنيّة في العاصمة صنعاء، ومع الردّ النوعي اليمني الذي تمثل بإطلاق عدد من الصواريخ البالتسية والطائرات المسيّرة نحو العمق السعوديّ خصوصاً ما أصاب مجمع أرامكو النفطي. وقد أعلن عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي أن عمليات الردّ ستكون متزامنة ومتوازية ومتلازمة مع استمرار العدوان والحصار على اليمن.
بالتوازي، كان وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد يؤكد أمام الوفد اللبناني الزائر الذي يترأسه الوزير رمزي مشرفية، أن سورية تسعى لعودة مواطنيها النازحين سواء في لبنان أو غيره، لكن التعامل الغربي القائم على التوظيف السياسي لقضية النزوح ووضع ضغوط لمنع العودة هي التي تعرقل هذه العودة.
في الشأن الداخلي رأت مصادر سياسيّة متابعة للملف الحكومي أن التعثر سيطول بعد المواقف التي صدرت عن الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري وتفويته للفرص التي فتحتها مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضمن إطار مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والتخلي عن الثلث المعطل، وفي هجوم الحريريّ على حزب الله وتحميله مسؤولية تعثر تشكيل الحكومة، تحت عنوان لم يقنع أحداً هو ربط الملف الحكومي بالملف النووي الإيراني، فيما كان حزب الله يفتح للحريري باب النزول عن شجرة التصعيد بدعوته لحكومة من 20 الى 22 وزيراً، من دون ثلث معطل وتفهم تمسك الحريري بوزارة الداخلية بدلاً من الاصطفاف الكامل وراء مطالب حليفه التيار الوطني الحر. وتوقعت المصادر بقاء الحريري بعيداً عن أي مبادرة جدية لولادة الحكومة، في ظل ارتباكه بين استرضاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وخشيته من إغضاب الإدارة الأميركية الجديدة التي فتحت ملف ملاحقة ابن سلمان.
من دون حكومة جديدة تتجه الأنظار نحو تفعيل حكومة تصريف الأعمال، ومطالبات لرئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بعدم التفكير بالاعتكاف، بل بالتفكير بصورة معكوسة بتفعيل حكومته، وقد انضمّ النائب السابق وليد جنبلاط لهذه المطالبات، ومن ضمنها دعوة للقيادات الأمنية والقضائية للتحرك سريعاً لقمع المضاربين الذين يتلاعبون بسعر الصرف، خصوصاً بعدما بات أكيداً ان لا سبب اقتصادياً أو مالياً يمكن أن يفسر ارتفاع سعر الدولار بـ 30% خلال أسابيع قليلة. وربطت مصادر تتابع التحركات التي شهدها الشارع بالضغط المفتعل على الليرة عبر رفع سعر الصرف عن طريق المضاربة لإشعال الشارع بالتحركات التي يتوقع أن تشهد اليوم تصعيداً، في ظل تحذيرات من مشاريع لمحاصرة المقارّ الرئاسية.
وعلى وقع كسر سعر صرف الدولار الرقم القياسي منذ اندلاع أحداث 17 تشرين 2019 إثر بلوغه 11000 ليرة في عطلة نهاية الأسبوع، يستمر مسلسل الغضب الشعبي وقطع الطرقات وما يرافقها من أحداث أمنية متفرقة بين قطاع الطرق والمواطنين والمرشحة للمزيد من التوسّع، بحسب مصادر أمنية رسمية لـ«البناء» والتي تحذر من أن البلد يتجه إلى حالة من الانفجار الاجتماعي والفوضى الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية ما يستدعي من السلطة السياسية الإسراع في المعالجات التي تبدأ بتأليف الحكومة كي لا تُرمى المسؤولية على عاتق الأجهزة الأمنية المكشوفة سياسياً ولا تستطيع السيطرة على الوضع الأمني في مرحلة الجوع والفقر والفوضى والانهيار.
وتتزاحم المؤشرات التي تشي بأن الاستقرار الاجتماعي والأمني والسلم الأهلي بات في خطر كبير. فيما علمت «البناء» أن جهات خارجية وداخلية اتخذت القرار بإشعال الفوضى في لبنان بالتزامن مع تشديد الحصار الاقتصادي والمالي، والهدف بات أبعد من تأليف الحكومة، بحسب المصادر، بل «مرتبط بالصراع وسخونة المفاوضات بين الأميركيين والإيرانيين على الملف النووي، فضلاً عن المعطى الإقليمي المتمثل بتأثر الرئيس المكلف سعد الحريري بالموقف السعودي وتريثه بتأليف الحكومة قبل نيل رضى المملكة». موضحة أن «الضغط على لبنان لدفع رئيس الجمهورية وحزب الله للتنازل في ملفات عدة منها تسهيل تأليف حكومة وفق شروط الحريري والجهات الإقليمية والدولية التي تقف خلفه وفي ملفات أخرى كسلاح المقاومة وترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة».
واللافت هو صدور دعوات مجهولة المصدر والهوية عبر منصات التواصل الاجتماعي لإقفال الطرقات في كل لبنان والتظاهر بدءاً من صباح اليوم! فيما لم تحرك الأجهزة الأمنية ساكناً امام هذه الدعوات المخالفة للدستور والقوانين والتي تمسّ باستقرار البلد وتخالف الأصول المرعية الإجراء للتظاهر والتجمع والتعبير عن الرأي. علماً أن الأجهزة تملك كافة المعلومات عمن يدير الغرف السوداء ويشغّل ويحرّك مجموعات قطع الطرقات على الارض ويصدر التعليمات اليهم بشكل يومي.
كما علمت «البناء» أن «خطة يجري إعدادها لتنفيذ هجمات على مقار رئاسية مثل قصر بعبدا ومجلس النواب والسراي الحكومي ومنازل عدد من السياسيين والوزراء. وأمس تم استقدام ألواح من الإسمنت المسلح، لحماية مداخل مجلس النواب في وسط بيروت استعداداً للتظاهرات الشعبيّة. كما علمت أن بعض الجهات تستدرج حزب الله وحركة أمل الى الاقتتال في الشارع وإيقاع الفتنة بأكثر من منطقة من خلال إقفال طريق بيروت – الجنوب. وقد جرت اتصالات مساء السبت بين قيادتي أمل وحزب الله مع قيادات الأجهزة الأمنية لفتح الطريق تجنباً لردات فعل المواطنين الذي يسلكون هذه الطريق يومياً وبالتالي لدرء الفتنة التي لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي.
وتم التداول في برقية بتوقيع عقيد قائد قوى الامن الداخلي في منطقة جبل لبنان، يطلب فيها من قائد الدرك وكافة قطعات منطقة جبل لبنان أخذ العلم بأنّ «مجموعات الثورة ستتحرّك صباح الاثنين يوم 8 آذار المقبل وتقطع الطرقات في المنطقة بدءاً من الساعة السادسة صباحاً تحت عنوان «اثنين الغضب»، بالإضافة الى اخذ كل التدابير اللازمة إزاء هذه التحركات المرتقبة».
وكان ليل السبت الأحد شهد توترات أمنية مخيفة في مختلف المناطق اللبنانية في وقت واحد، وقد شعر المواطنون أن لحظة الفوضى الأمنية والانفجار الاجتماعي قد دنت وقد بدأ المواطنون يتحدّثون عن سيناريوات للجوع والفقر والتموين والحرب الأهلية والتقسيم والأمن الذاتي. ووقع أكثر من إشكال بين المواطنين وقطاع الطرق لا سيما في الشويفات، حيث دهس مواطن عدداً من المحتجين وإشكال في الغازية أدى الى سقوط عدد من الجرحى.
وكان عدد من المحتجين على دراجات نارية توجّهوا من بعض مناطق الضاحية الجنوبية الى قصر بعبدا للاعتصام، وردّدوا شعارات تدعو رئيس الجمهورية ميشال عون للاستقالة. وأشارت المعلومات الى أن لواء الحرس الجمهوري وفرع المكافحة كانوا على أهبّة الاستعداد لمنع الدراجات النارية الآتية من الضاحية الجنوبية من الوصول الى بعبدا. وتساءلت مصادر ميدانية لماذا لا تصدر وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الامن الداخلية وقيادة الجيش قراراً بمنع التجول بالدراجات النارية في ساعات الليل؟
وفيما حاولت بعض الجهات السياسية والإعلامية الإيحاء بأن مجموعات الدراجات النارية ينتمون الى حركة أمل وحزب الله نفى الطرفان في بيان «أي علاقة لأنصارهما بأعمال الشغب، ويطالبان الأجهزة الأمنية والقضائية بملاحقة ومقاضاة كل من تعرض للأملاك العامة والخاصة».
وأصدرت وزارة الدفاع قراراً بتجميد رخص السلاح على الأراضي اللبنانية كافة.
كما شهدت بيروت سلسلة تظاهرات سلمية أبرزها أمام مصرف لبنان، حيث قام المحتجون بإنزال راية المصرف من على ساريته، وسط مطالبات برحيل حاكم المصرف رياض سلامة، وقاموا بإحراق الراية ودوسها بالأرجل.
وبشكل مفاجئ أقفلت العديد من التطبيقات الالكترونية التي تتحكّم بأسعار الصرف في السوق السوداء ولم يعلم إذا تمكّنت الأجهزة الأمنية من إقفالها أم أقفلت بقرار ذاتي نتيجة الخوف والتمويه. وتساءلت مصادر «البناء» عن «سبب تقاعس مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي بإقفال هذه التطبيقات وإلقاء القبض على مستخدميها أينما كانوا وذلك بتهمة تهديد الاستقرار النقدي للبلد».
وبعد مناشدات المواطنين وقوى سياسيّة تحرّك القضاء على صعيد أزمة الدولار وأصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تعميماً، إلى الأجهزة الأمنية كافة على الأراضي اللبنانية، «إجراء الاستقصاءات اللازمة والضرورية لملاحقة كافة المتلاعبين والصرافين بالعملة الوطنية والمضاربة غير المشروعة في العملات الأجنبية والعمل على توقيفهم أينما وجدوا والتحقيق معهم ومعرفة الجهات المحرّضة لهم والمشاركة معهم، للنيل من مكانة النقد الوطنيّ ومخابرتنا بالنتيجة بالسرعة الممكنة».
واستمرّت الإشكالات داخل السوبرماركات على السلع المدعومة ووقع إشكال كبير في إحدى السوبرماركات الكبرى في فرن الشباك بعد أن امتنعت عن بيع الزيت المدعوم للمواطنين وخبأته. عندها، تدخّل بعض الأشخاص وأجبروا السوبرماركات ببيع الزيت المدعوم.
كما لوحظ ارتفاع إضافي في أسعار السلع وبعد ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير أقفلت العديد من المحال التجارية والسوبرماركات أبوابها بسبب حالة الإرباك التي عاشتها بسبب ارتفاع سعر الدولار وكذلك خوفاً من السرقات. كما لوحظ خلوّ الشوارع من المارة والسيارات والتزم المواطنون منازلهم في مختلف المناطق بسبب الخوف من الوضع الأمني المتوتر والسرقات والتعديات لا سيما في الليل.
وواصل سعر صرف الدولار تحرّكه في السوق السوداء، وسجل أمس 10250 ليرة للشراء و10510 للمبيع. وكان انخفض صباحاً مسجلاً 10150 ليرة للشراء و10250 ليرة للمبيع.
أما المؤشر الأخطر فهو تلويح الرئيس حسان دياب بالاعتكاف من تصريف الأعمال للضغط لتأليف الحكومة. ولفت في كلمة له أمس، أن «لا حل للأزمة الاجتماعية من دون حل الأزمة المالية، ولا حل للأزمة المالية من دون استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة. أي نقاش آخر خارج هذا السياق هو عبث سياسي، ومحاولة لتقاذف المسؤوليات، وهو ما قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف وتعطيل الهامش الذي نتحرّك فيه لتسيير أمور البلد، حتى أشارك في الضغط لتشكيل الحكومة». ودعا الى حسم النقاش حول تفعيل الحكومة في مجلس النواب باعتباره مرجعيّة تفسير الدستور.
وسبق موقف دياب زيارة قامت بها السفيرة الأميركية دورثي شيا الى منزل دياب.
وفي ما علمت «البناء» أن تيار المستقبل يرفض تفعيل حكومة تصريف الأعمال لاعتباره أنها محاولة للضغط عليه في ملف تأليف الحكومة واستهداف لموقع الرئاسة الثالثة بالإبقاء على الفراغ فيها. لفتت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» إلى أن «الأمر لا يحتاج الى تفسير عندما يتعلق بتسيير أمور الدولة ومصلحة الناس. فالدستور والقانون وجدا أساساً لهذا الهدف»، مشيرة إلى أن «القضية ليست قضية تفعيل بل القيام بواجبها تجاه الناس بالدرجة الاولى».
وبحسب خبراء دستوريين لا توجد نصوص دستورية واضحة تتناول هذا الموضوع ما يجعل الممارسة العملية طاغيةً على النصوص. وتختلف الاجتهادات والآراء حول تحديد مفهوم وحدود تصريف الأعمال. إلا في الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور التي تناولت موضوع تصريف الأعمال في معرض تناول صلاحيات رئيس مجلس الوزراء: «لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها، أو اعتبارها مستقيلة، إلّا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال».
وأوضح الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين لـ«البناء» أن «من واجب الحكومة المستقيلة تصريف الأعمال ولا يجوز أن تعتكف لأن ذلك يعني تعطيلاً للمرافق العامة. لا سيما أن الاعتكاف في زمن الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي والأمني هو هروب من تحمل المسؤولية الوطنية».
وأكد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أنه «في غياب الحكومة الجديدة نتيجة حسابات خاطئة لا بدّ من تفعيل حكومة تصريف الاعمال فوق الخلافات السياسية والسجالات السياسية».
على صعيد آخر، تستمرّ المشاورات على خط بكركي – حارة حريك لاحتواء تداعيات مشهد الصرح البطريركي والمواقف التي تخللتها وسط تحضير للقاء قريب بين الحزب والراعي. وأوضحت أوساط مطلعة أن «عضوي لجنة الحوار بين بكركي وحزب الله الأمير حارث شهاب والحاج محمد سعيد الخنسا تواصلا منذ ايام واتفقا على الاجتماع خلال يومين في مكتب الحوار في الحازميّة الذي يستخدمه عضوا اللجنة المطران سمير مظلوم وشهاب كمكتب لهما لهذه الغاية، لكن لم يتم تحديد جدول أعمال للاجتماع بل هو سيكون بداية للحوار لاحقاً حول عناوين توضع خلال هذا اللقاء القريب». وأكدت مصادر الطرفين أن «الاتصالات لم تنقطع بين شهاب والخنسا، ولو انها تراجعت بسبب تفشي فيروس كورونا سابقاً، وبعد مواقف البطريرك الراعي لا سيما خلال تجمع يوم السبت قبل الماضي في بكركي». وتضيف: «المهم أنه تم الاتفاق على مواصلة الحوار وهذا بحد ذاته إنجاز يعيد المياه إلى مجاريها». ورجحت المصادر أن تعقد الاجتماعات تباعاً مرة في مكتب الحازمية ومرة في أحد مكاتب الحزب.
على صعيد أزمة النازحين السوريين برزت زيارة وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي مشرفية الى دمشق حيث التقى وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف في «سبل تعزيز التعاون لعودة جميع اللاجئين السوريين إلى سورية بطريقة آمنة وميسرة». وأكد مشرفية أن «الزيارات مستمرّة حتى تأمين عودة اللاجئين السوريين وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها لبنان»، مبيناً أن «عودة الأمن والاستقرار إلى الكثير من الأراضي السورية والتسهيلات التي تقدمها الدولة السورية شجعت الكثير من اللاجئين على العودة إلى وطنهم».