مبادرة إبراهيم الرئاسية: عون مؤيّد… وباسيل معارض؟
|
كريستال خوري – أساس ميديا-الأحد 07 آذار 2021 |
الشارع أشبه ببركان يهدّد بالانفجار في أيّ لحظة. كل عوامل خروجه من عقاله موجودة. ويمكن له في أيّ لحظة أن يرمي حِمَمه يمنةً ويسرة، ليطيح بما تبقى من هيكل الدولة الآخذة في التحلل. لكن هذا لا يعني أن لا مصلحة لأطراف محلية وخارجية بصبّ الزيت على نار الاعتراضات الشعبية، لتحوّلها إلى تسونامي هائج قد يأكل الأخضر واليابس.
وبالفعل، يقول بعض المتابعين إنّ حركة الشارع لا تشي بأنّ توقيتها بريء. ثمة من يضبط هذا التوقيت على ساعة التطوّرات السياسية. وبنظره يبدو أنّ لحظة متغيّرات ما قد حانت. وفق هؤلاء، فإنّ امتداد حركة الشارع على مساحة كبيرة من الخريطة اللبنانية، بتنوّعها السياسي والحزبي والطائفي، فيه إشارات سياسية، قد تعني أنّ زمن الضغط قد انطلق.
وفق هؤلاء، لم تكن التسريبات عن عرض وُصف بأنّه غير رسمي، حول قبول الرئاسة الأولى بقاعدة حكومة 18 وزيرًا من دون ثلث معطّل فيها، عن عبث، ولا تمّ نشرها أيضًا عن عبث. ولا تنازل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن تمسّكه بحصرية التمثيل الدرزي في الحكومة عن عبث أيضًا.
في الواقع، بلغ الوضع الاقتصادي الاجتماعي في لبنان مراحل خطيرة جدًّا. وما مشاهد الذلّ التي تُعرض عن تقاتل اللبنانيين على كيس حليب مجفّف مدعوم، إلّا عيّنة بسيطة لما يمكن أن ينتظرنا في ما لو استمرّ المسار الانحداري أكثر. ولهذا، يعرف الممسكون بالقرار جيدًا، أنّ الوضع قد يخرج في أيّ لحظة عن السيطرة، حتّى لو دفعت بهم مصالحهم الضيّقة وأنانيتهم، إلى تغليب حساباتهم الشخصية على المصالح العامة. لكنهم يدركون جيدًا أنّ هامش التذاكي ضاق جدًّا ومساحة اللعب على الهامش تقلصت كثيرًا.
ولهذا ثمّة من يعتقد أنّ المسعى الذي قاده المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، يندرج في لحظات مصيرية جدًّا، يدرك الجميع أهميّتها، باعتباره يمهّد أرضية تفاهم سيحلّ عاجلًا أم آجلًا، ويسمح بولادة الحكومة على وقع تقاطعات إقليمية يُفترض أن تولد في لحظة ما ولو متأخرة.
بهذا المعنى يقول هؤلاء، إنّ الحريري نفى أن يكون قد تسلّم عرضًا رسميًّا من دون أن ينفي علمه بما نقله إليه اللواء إبراهيم، لأنّ الأخير لم يقدّم طرحه، بل حمل تصورًا رسميًّا منقولًا من جانب الرئاسة الأولى، حرصًا على مسعاه من تضرّره قبل نجاحه. بدليل أنّ قصر بعبدا لم ينفِ أبدًا ما جاء في التسريبات المنقولة على لسانها. لكنّ المطلعين يؤكدون أنّ الرئاسة الأولى أبدت موافقتها على طرح اللواء إبراهيم، لكنّ الممانعة أتت من جانب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي سارع إلى تسريبه من باب حرق تلك المبادرة لا إنجاحها، ولأنّها لا تتوافق مع حساباته الشخصية المرتبطة بمصير مكانته السياسية حصرًا.
ويشير هؤلاء إلى أنّ الحريري استاء من التسريب، خصوصًا أنه صوّره بصورة المعرقِل، في حين أنّ حقيقة الأمر، وفق المتابعين، مختلفة كليًّا. إذ طلب أن يكون العرض رسميًّا ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولكي لا يتم إحراجه مجدّدًا عبر التخلي عن العرض، كما كان يحصل في الكثير من المرّات، حين يتدخل باسيل في اللحظات الأخيرة لينسف ما يكون قد اتفق عليه الحريري مع رئيس الجمهورية. حتى أنّ إعلام “تيار المستقبل” اضطرّ مرّة إلى اتهام “وطاويط الليل” بعرقلة مساعي التأليف، وقد قصد بها تدخّل وزير الخارجية السابق في اللحظات الأخيرة. الأمر نفسه الذي تكرّر في الأيام الأخيرة.
وفي السياق عينه، يقول المتابعون إنّ انكفاء “حزب الله” عن مساجلة الحريري بعد اتهامه بالالتزام بروزنامة إيران بشكل يحول دون ولادة الحكومة، مؤشر إضافي على أنّ “الحزب” يدعم مبادرة اللواء عباس إبراهيم ومؤيّد لفحواها، لكنّه يرفض الاصطدام بممانعة جبران باسيل، ويترك للتطوّرات تفعل فعلها. وقد يكون الشارع هو مفتاح الحلّ والربط.