ماذا تريد «إسرائيل» من الحديث عن قدرات المقاومة البحرية؟
} عمر عبد القادر غندور*-البناء
فعلاً نحن ننظر بعين الريبة الى التصريحات «الإسرائيلية» التي تتحدث عن تنامي قدرات حزب الله البحرية! حيث ورد في تقرير عسكري «إسرائيلي» «أنّ حزب الله بات أكثر خطراً على مياهنا الإقليمية من خطره على شمال البلاد»!
وقالت السرية البحرية 914 «الإسرائيلية» المسؤولة عن قطاعها البحري إنها ستوفر استجابة لتهديدات حزب الله سواء في أيام قتال أو حرب أو شنّ هجمات.
وفي برقية أخرى، انّ القطاع البحري يبدو هادئاً لكنه مليء بتهديدات محتملة!
وتقول وسائل إعلام «إسرائيلية» إنّ رسالة أمين عام حزب الله الأخيرة تضمّنت على أهميتها سببين أساسيين، فهي تأتي أولاً في سياق تطورات كبيرة تحصل في المنطقة والعالم، وتندرج ثانياً في توضيح موقف المقاومة بعد سلسلة تقديرات برزت أخيراً من الجانب «الإسرائيلي» في ضوء رحيل دونالد ترامب ووصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض.
في الشق المتعلق بتطورات المنطقة، لا شك انّ إدارة الرئيس بايدن تحمل مقاربات جديدة تختلف عن الإدارة السابقة بنسب متفاوتة تبعاً للملفات، وانْ كانت المصالح الأميركية هي الثابت الوحيد من بين المتغيّرات، لكن من السذاجة الاعتقاد انّ الإدارة الأميركية الجديدة مقبلة على تغيير تحالفاتها او الارتداد عن مسار التطبيع، لكنها تدرك انّ الإيرانيين يتمتعون بإرادة صلبة وهامش واسع من الاختيارات بحيث لا يقتصر همّها على البرنامج النووي بل يشمل بشكل أساسي دعمها لجميع الأنشطة المقاومة لـ «إسرائيل».
ويقول رئيس المعهد «الإسرائيلي» اللواء عاموس بادلين إنّ لعبة الحرب والتهويل بها تظهر الحاجة إلى معالجة مسألة الصواريخ الدقيقة لحزب الله، وانّ تبادل الضربات المضبوطة يمكن ان تؤدّي الى مواجهة أوسع بين الطرفين، وهنا مربط الفرس في الخطاب «الإسرائيلي».
ومع ذلك يعترف رئيس المعهد «الإسرائيلي» بمحدودية القدرة «الإسرائيلية» مقابل تعاظم قوات أعدائه وقدرتهم على إلحاق الأذى بالجبهة «الإسرائيلية».
وهم بذلك يضمرون شراً ولا يقولون إلا كذباً، ولا بدّ للمكر ان يحيط بصاحبه .
وتكشف صحيفة «يديعوت أحرونوت» من خلال إشارتها الى مئات الصواريخ الدقيقة لدى محور المقاومة يمكن ان تشلّ منظومات عسكرية ومدنية في الجبهة الداخلية، الأمر الذي ينسجم مع التقرير الصادر عن «معهد أبحاث الأمن القومي» الذي يوضح انّ التهديد الاستراتيجي يكمن في آلاف الصواريخ الدقيقة من لبنان وسورية والعراق وإيران وربما اليمن.
من خلال المتابعة لتقارير العدو «الإسرائيلي» وتصريحات قياداته ينبغي الحذر الشديد من هذه الأخبار التي تصوّر في ظاهرها خوفاً من إعدائها الذين يملكون أسلحة دقيقة، وآخرها ما يشير الى قدرات حزب الله البحرية، ولكنها تفاصيل تستبطن سوءاً وغدراً قد يقع في وقت غير متوقع ومن خارج الاحتمالات، مموّهة بخداع برع فيه الجانب الصهيوني منذ ان ابتلع فلسطين عام 1948، وما يضمر العدو إلا مكراً ولا يقول إلا كذباً.
ومن مراجعة الأحداث التي سبقت الحروب «الإسرائيلية» كانت مثل هذه التسريبات التي تبثها قيادات دولة الاحتلال هي السمة الواضحة التي لا غبار عليها، والتي تؤشر الى الإعداد لغدر جديد، ولا ينبغي لهذا المكر ان يحقق غايته، ولا نشك انّ محور المقاومة على دراية وتبصّر ووعي سيلاقي مثل هذا المكر الصهيوني وإفشاله…
والمستجدّ في الساعات الماضية ما تردّد عن تململ من عدم زيادة المخصصات للجيش «الإسرائيلي»، ولا ندري اذا كان ذلك من ضمن «المسكنة» او «التراخي» وليس بالضرورة ان يكون صحيحاً، لا بل من ضمن المكر «الإسرائيلي».
وتنقل صحيفة «إسرائيل هيوم» عن اللواء المتقاعد غرشون هكوكين قوله: «انّ الميزانية الأمنية أهمّ من كلّ شيء وحزب الله وحماس ومؤيدوهم يهدّدون تل ابيب بمئات الصواريخ نحو الجبهة الداخلية، ومخطئ من يظنّ انّ تهديد حزب الله وحماس لا يرتقي الى مستوى التهديد الوجودي. وانّ الردّ المطلوب من الجيش الإسرائيلي على هذه التهديدات الجديدة أكثر تعقيداً، كما انه أعلى بعدة مرات، وبالطبع هناك أيضاً التهديد الإيراني وعلى عكس الاتجاهات السائدة في أوروبا لا يزال معظم مستوطني «إسرائيل» يفهمون تماماً ما قاله بن غوريون في نهاية «حرب الاستقلال» طالما لا يوجد خطر نشوب حرب في العالم علينا ان نحمل السيف جيلاً بعد جيل لضمان سلامة الدولة بقوة السلاح «الإسرائيلي».
ونحن نضع خطين تحت كلمتي «خطر وجودي» ونرى فيهما أعلى الدرجات ومنتهى الاستعدادات لمكر صهيوني مقبل.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي