هذا ما أبلغه “المستقبل” للراعي… عن تعهّد الحريري
تتسابق العوامل الضاغطة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، مع الوقت، وكلها تصبّ في خانة واحدة: الانفجار الحتمي. هل سيتأتى نتيجة رفع الدعم تدريجياً عن المواد الأساسية؟ أم نتيجة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار وملحقاته من مواد استهلاكية؟ لم تعد الأسباب مهمة طالما أنّ كلّ الدروب ستصل إلى البركان الذي سيرمي حممه يمنة ويسرة. يبقى السؤال حول التوقيت فقط.
بعض التقارير الدبلوماسية تشير إلى أنّ شهر آذار سيكون حاسماً لكون سياسة تقاذف المسؤولية حول الجهة التي ستتبنى خيار رفع الدعم، ستقود حتماً إلى مشهد سوداوي لن يعفي أحداً من أكلافه السياسية. فحكومة حسان دياب المستقيلة ترفض وضعها في الواجهة لتحمل مسؤولية خراب اقترفته أيدي قوى سياسية حكمت على مدى عقود. فيما مجلس النواب يعفي نفسه من هذا القرار كونه يعود عملياً إلى السلطة التنفيذية.
في هذه الأثناء، تشهد المشاورات الحكومية جموداً مثيراً للريبة. تتصرف الطبقة السياسية وكأنّ شيئاً لا يحصل، وكأنّ الموت لا يلاحق اللبنانيين إلى أبواب المستشفيات. وكأنّ الجوع لم يعد يميّز بين الطبقات الاجتماعية التي باتت جميعها معدومة. وكأنّ الخوف والاحباط لا يجتاحان الأذهان مما يخبئه المستقبل.
خطوط الاتصال بين قصر بعبدا وبيت الوسط، مقطوعة، ولا يبدو أنّ الجهات المشتركة التي كانت تحاول إزالة بعض الألغام، في وارد تشغيل محرّكاتها على هذا الخط، طالما أنّ العوامل لم تتغيّر، ما يعني أنّ أي محاولة ستؤدي إلى النتائج المحققة سابقاً.
هكذا، لا يزال المشهد عند آخر احداثيات وضعها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أمام رئيس الجمهورية ميشال عون في لقائهما الأخير: النقاش مفتوح حول أسماء الوزراء المسيحيين الذين وضعهم الحريري في خانتيّ رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر”. أمّا غير ذلك، فالباب مقفل، وتحديداً بوجه المطالبة بثلث معطل قوامه ستة وزراء للعهد و”التيار”، إلى جانب وزير سابع للطاشناق. وهي معادلة مرفوضة من جانب الحريري.
وفق “تيار المستقبل”، لم يشهد الملف الحكومي أي تطور جديد من شأنه أن يساعد على انتقال المشاورات من مربع إلى آخر أو حتى على توجّه رئيس الحكومة المكلّف إلى قصر بعبدا. ولذا فإنّ حالة الجمود هي المسيطرة خصوصاً وأنّ الأجواء الدولية متشنّجة ولا تتيح وضع لبنان على سلّم الأولويات، ما يحيله إلى ثلاجة الانتظار، مع العلم أنّ وضعه الاجتماعي لم يعد يحتمل الانتظار أبداً.
ويرى “المستقلبيون” أنّه لا يمكن توقّع المزيد من التضحيات، والتي يعتبرها البعض تنازلات، من جانب الرئيس الحريري، ليس لكونه يعاند القيام بهذه الخطوة بل لقناعته أنّ المجتمع الدولي الذي لا يزال حتى اللحظة حريصاً على مساعدة لبنان، يمانع في تقديم أي تنازلات من جانب رئيس الحكومة، ويفترض أن تأتي المبادرة من رئاسة الجمهورية، إن من خلال تدخّل الحلفاء لدفع الفريق العوني للتقدم خطوة للأمام والتخلي عن هذا الثلث المعطل، وإن من خلال ضغط خارجي، لا يزال حتى اللحظة غير متوفر.
ويقول هؤلاء إنّ وفد “تيار المستقبل” أبلغ البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي خلال الزيارة التي قام بها أمس إلى بكركي، بأنّ الرئيس الحريري لا يقفل بابه أمام أي محاولة تفاهمية ومنفتح على أي طرح من شأنه اعطاء هذه الحكومة فرصة للقيام بمهمتها ومراجعة المعايير التي تضعها الرئاسة الأولى، إلا أنّ أبواب المجتمع الدولية هي المقفلة على أي حكومة فيها ثلث معطّل لفريق من لون واحد. وكشفوا أمام الراعي أنّ رئيس الحكومة مستعد لتضمين البيان الوزاري لحكومته، تعهداً واضحاً بأن تكون حكومته ذات فترة زمنية محددة لتنفيذ مهمتها، وليتمّ بعدها اسقاطها في مجلس النواب، اذا فشلت في مهمتها.
ورداً على اتهام رئيس الحكومة المكلف بأنّه يحاذر التأليف بسبب الفيتو السعودي، يجيب قيادي في “تيار المستقبل”: “فليزركوه، وليساعدوه على تأليف الحكومة وفق المعايير التي يضعها المجتمع الدولي. واذا فشل في مهمته فليسقطوه في مجلس النواب!”.