بين الزنجي والأفريقي والعنصرية
بات لفظ “الزنجي” قبيحاً، في هذه الأيام، مثل شتيمة…
شربل داغر-نداء الوطن
فيما تعلمتُ من الرئيس الشاعر السنغالي الراحل ليوبولد سيدار سنغور، في اكثر من لقاء واجتماع معه في الثمانينات، أنه لفظٌ مُتَبنى منه، ومن شعراء كبار معه. بل بلغ اللفظ عندهم صياغةَ المفهوم الإيجابي لحركتهم التحررية من الإرث الاستعماري: “الزنوجة”.
وهو ما وردَ أيضا في عنوان الانطولوجية التي أعددتُها عن شعرهم، وترجمتُها إلى العربية، وأصدرتُها قبل سنوات…
ما قام به سنغور وأقرانه كان يتعين في رفع التحدي بوصفه عنوان اليقظة والتحكم بالمصير. فاستعملوا لفظ المستعمِر، وتبنوه، وتفاخروا به، ما يفرغُه من حمولات العنصرية والتمييز.
وهو ما فعلَه الكاتب الجزائري، كاتب ياسين، بدوره، فرفع التحدي بالفرنسية ذاتها، لغة المستعمِر، في وجهه…
هكذا بات التغني بالأسود، بجمالية السواد، أقرب إلى هوية ضدية، وعلامة على نهوض…
لهذا يبدو رفض الكلام عن الزنجي، اليوم، خاصة بين لاعبي الرياضة الأغنياء، مثل شجار في مقهى، في ملعب، وبعيدٍ عن افريقيا نفسها.
شجارٌ، فيما تبدو القارة السوداء مهملة، منسية، متروكة لقحط مواردها، ما يجعلها… بعيدة عن الركب العالمي في التطور، فيما ظهرت فيها بداية البشرية، مثلما علمني سنغور وقرأتُ في عدة كتب.
فمحاربة العنصرية ضرورية، وتتعدى تلفظ هذا الاسم او اللقب وغيرها، لتشمل المساواة بين الجميع من دون تمييز.
كلنا، واقعاً، احتمالات متلونة، متدرجة ومتشعبة من هذا السواد الذي انشق فيه فجر الإنسان عن إنسانية لا تزال تتخاصم في كونها واحدة، في هذه الأرض التي تضيق بها.