نقطة مركزية وأساسية بين بكركي والقوات
“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
رأى مصدر قيادي قواتي رفيع، أن المشهد السياسي اليوم في لبنان ينقسم إلى شقّين، الأول حكومي بكل تفرّعاته وانقساماته وسجالاته بين بعبدا وبيت الوسط، وزيارات الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى بعبدا، والتي لم تثمر ولم تسفر حتى الآن عن إنتاج حكومة، في ظل جولات خارجية يجريها الحريري في محاولة لفتح آفاق التأليف، ولكن من الواضح أن لا تقدّم على هذا المستوى، بل اقتراحات وأفكار جديدة كان أبرزها مقترحات وأفكار لتوسيع الحكومة إلى عشرين وزيراً الذي طرحه الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، كحلّ يؤدي إلى ولادة الحكومة، وتبنّاه كطرح رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.
وبالتالي، فإن عملية التأليف ومنذ أربعة أشهر إلى اليوم تراوح مكانها، ولا يمكن الحديث عن أي تطوّر على هذا الصعيد، خصوصاً في ظل كلام دولي واضح المعالم أن لا مساعدات للبنان من دون ولادة الحكومة، لأنها المعبر إلى هذه المساعدات، وتحديداً على الحكومة أن تقوم بالإصلاحات المطلوبة لأن غياب الإصلاحات والحكومة يعني انعدام الأمل بالمساعدات الخارجية.
أما الشقّ الثاني، يضيف المصدر نفسه، فهو الشقّ المتعلّق بالمعارضة بكل عناوينها وتفرّعاتها، والشقّ المتعلّق بمتابعة انفجار المرفأ والتحقيق والمذكرة التي قدّمها تكتل “الجمهورية القوية” إلى الأمم المتحدة من أجل تشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية، وأيضاً الشقّ المتعلّق بالمطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، كهدف أساسي لإعادة إنتاج السلطة، لأنه في ظل السلطة الحالية لا أمل بحكومة أو بدون حكومة لحصول الإنقاذ، والأمر سيّان ولا يمكن الوصول مع هذا الفريق الحاكم إلى أي نتيجة، وبالتالي، فإن كل ما يحصل اليوم على المستوى الحكومي هو مضيعة للوقت، ويجب حصر الجهود وتركيزها باتجاه إعادة إنتاج سلطة جديدة كمدخل للإنقاذ.
أما العنوان الثالث في الشقّ المتعلّق بالمعارضة، فقد حدّده المصدر القواتي، بمحاولة تشكيل نوع من جبهة تكون بمثابة قوة ضغط من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، وفي طليعتها تقصير ولاية مجلس النواب.
ولفت المصدر، إلى العنوان الرابع الذي يستقطب حوله المؤيّدين من كل حدب وصوب، وهو يتعلق بمواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان بدأ في مرحلة معيّنة بطرح مبدأ الحياد، ثم استكمله بطرح المؤتمر الدولي، والذي ردّ عليه السيد نصرالله بأنه يؤدي إلى الحرب الأهلية. وأوضح المصدر، أن أبواب بكركي عادت لتستقطب من جديد الداعمين لطروحاتها، خصوصاً وأنها أوضحت أن طرحها الأخير، أتى على خلفية غياب أي مرجعية لبنانية موثوقة قادرة على إخراج لبنان من أزمته، وبالتالي، فإن لبنان اليوم هو بحاجة إلى مرجعية دولية تنهي هذا التعثّر، لأنه في حال عدم إنهاء هذا التعثّر، فإن لبنان مقبل لا سمح الله على انفجار، إذ هو اليوم وسط الإنهيار الذي ينذر بالتحوّل في أي لحظة إلى انزلاق نحو وضع كارثي.
ومن هنا، واستباقاً لكل هذا الأمر، ومن أجل معالجة موضوع بناء الدولة وقيامها، لاحظ المصدر القواتي، أهمية الذهاب إلى مؤتمر دولي يطرح كل هذه العناوين، لأنه إذا كان “اتفاق الطائف” قد أنهى الحرب الأهلية، فإننا اليوم بحاجة إلى مؤتمر يعيد بناء الدولة التي لم يتم بناؤها بسبب مجموعة عوامل وظروف واعتبارات بدأت بالإحتلال السوري ولم تنتهِ مع سلاح “حزب الله”، ولذلك، فإن هذا المؤتمر بات يشكل ضرورة، وفي هذا السياق بالذات، تندرج زيارة وفد “القوات اللبنانية” إلى بكركي من أجل إعلان التأييد للبطريرك الراعي، والتكامل معه في نقطة مركزية وأساسية وهي أن شكوى البطريرك من عدم وجود مرجعية محلية قادرة على حلّ النزاعات، هي نفسها تشكل هدفاً لدى “الجمهورية القوية” من أجل انتخابات نيابية مبكرة، لأن المرجعية الحالية فاقدة للأهلية الوطنية، ولم تعد قادرة على إخراج لبنان من أزمته، لا بل هي المسؤولة عن وصول لبنان إلى ما وصل إليه، وبالتالي، فإن المطلوب مرجعية لبنانية قادرة على إخراج لبنان من هذا التعثّر.