أهالي الضحايا يتوعّدون “منظومة النيترات”: لن تقتلونا مرّتين! “8 آذار” تطمس “4 آب”: حاكْمَك ظالْمَك
“القضاء مخطوف والخاطف معروف”… بهذه العبارة اختصرت مصادر قضائية التعليق على قرار تنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي فادي صوان “بدفع سياسي واضح”، مبديةً حسرتها إزاء إمعان الطبقة السياسية في تشويه صورة السلطة القضائية وضرب مصداقيتها أمام الرأي العام، عبر تعمّد تصوير الجسم القضائي على أنه “دمية” بيد هذه الطبقة، بالتوازي مع إجهاض أي محاولة لاستنهاض استقلاليته “بدءاً من حجز التشكيلات القضائية في قصر بعبدا، وصولاً إلى تطويق التحقيق العدلي في انفجار المرفأ”.
وكذلك في التشخيص السياسي للمشهد، تقاطعت الآراء المعارضة عند التسليم بنجاح قوى 8 آذار في تحقيق “هدف مزدوج” في مرمى القضاء، سواء عبر نجاحها في دفع محكمة التمييز الجزائية إلى إقصاء القاضي صوان عن الملف وكفّ يده عن التحقيق، أو من خلال جعله “عبرة” لمن سيخلفه في مهمة التحقيق العدلي في هجمة استباقية لتدجين أي نزعة قضائية جديدة باتجاه تجاوز “الخطوط الحمر” السياسية، توصلاً إلى تحقيق الهدف المركزي في طمس معالم انفجار 4 آب وتوجيه رسالة واضحة للشعب اللبناني مفادها: “حاكمك ظالمك” ولا مناص من الخضوع لقضائه وقدره.
أما في الوقائع المتصلة بقرار تنحية صوان، فتصف مصادر قانونية حجة تضرّر الشقة التي تملكها زوجته في منطقة الأشرفية جراء انفجار المرفأ لتبرير التنحية بأنها حجة “ركيكة”، بشهادة شاهد من أعضاء الغرفة السادسة في محكمة التمييز الجزائية القاضي فادي طليع العريضي الذي خالف قرارها، وفنّد الموجبات القانونية والقضائية الموجبة لرد دعوى “الارتياب المشروع” المقدمة من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ضد صوان “شكلاً ومضموناً”.
وإذ باتت كرة إعادة تصويب الموقف في ملعب وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، شددت المصادر القانونية على أنّ نجم “مطالبة اليوم بإعادة الاعتبار للتحقيق العدلي عبر المسارعة إلى تعيين محقق عدلي ونيل موافقة مجلس القضاء الأعلى عليه، منعاً لتمييع الحقائق والتحقيقات تحت طائل استنزاف عامل الوقت”، معربةً عن أملها بألا تخضع وزيرة العدل “للضغوطات السياسية التي سبق أن اختبرتها في ملف التشكيلات القضائية والتي حالت حتى الساعة دون صدور مراسيمها”.
في هذا السياق، وبعدما سرت أنباء إعلامية أمس عن مشاركة نجم في اجتماع عُقد في قصر بعبدا وخلص إلى تبني تسمية القاضية سمرندا نصار المقربة من رئيس الجمهورية ميشال عون خلفاً للقاضي صوان، سارعت وزيرة العدل إلى نفي هذه الأنباء مكتفيةً في المقابل بالتأكيد على أنها “ستتخذ المقتضى القانوني عملاً بأحكام المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية”، إثر تبلغ قرار محكمة التمييز بنقل دعوى انفجار المرفأ من يد المحقق العدلي.
وعلى ضفة أهالي ضحايا انفجار 4 آب، فجّر قرار تنحية صوان غضباً عارماً في نفوس الأهالي دفعهم للنزول إلى الشارع مساءً للاحتجاج أمام قصر العدل في بيروت، حيث تعالت الأصوات تنديداً بقرار محكمة التمييز متوعدين “منظومة النيترات” التي فجرت المرفأ وتسعى الآن إلى تفجير التحقيق بالجريمة، بمزيد من التصعيد ما لم يتم الإسراع في تعيين محقق عدلي جديد لاستكمال مهمة التحقيقات وكشف كامل الملابسات وتحديد المسؤوليات في القضية.
وفي هذا الإطار أكد القيّمون على تحرك أهالي الضحايا أنهم سيمهلون وزيرة العدل “حتى مطلع الأسبوع المقبل لبت الإسم المقترح لتعيينه خلفاً للقاضي صوان”، محذرين في المقابل من أنّ التلكؤ في تعيين محقق عدلي جديد سيواجه بتحركات ميدانية متصاعدة “لأننا لن نسمح لهم بأن يقتلونا مرّتين”.