نصرالله وضــــع «الســــلم» تحــــت «الشجرة» فهل ينــــزل عون والحريري؟
ابراهيم ناصر الدين-الديار
تلويــح بتصعيد فرنسي ضد بعبدا.. حزب الله لن يترك الرئيـــس وحيداً
الامور معقدة والخشية من «احداث كبرى» «تكسر» الحلقة المفرغة…؟
وضع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «خارطة طريق» للخروج من حالة الجمود في تاليف الحكومة، واضعا كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري امام اختبار «حسن النوايا» بعد ان اكد على وجود نوايا سليمة من قبلهما لتشكيل الحكومة طارحا «مبادرة» غير رسمية تقضي بتنازل الرئاسة الاولى عن الثلث المعطل مقابل تخلي الرئاسة الثالثة عن تمسكها بحكومة الـ 18 وزيرا .. فهل يستفيد كلاهما من «السلُم» «للنزول عن الشجرة»؟
لا يبدو ذلك متاحا، اقله في المدى القريب، لان ما طرحه السيد نصرالله علنا، سبق وعمل عليه كل من الحاج حسن خليل مع الرئيس الحريري، والحاج وفيق صفا مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، دون ان تصل الامور الى خواتيمها السعيدة، بعدما تمسك الطرفان بمواقفهما «غير المبررة» ما ادى الى اجهاض «الولادة» الحكومية بسبب « العناد» المتبادل، وانعدام الثقة، في ظل غياب الرؤية المشتركة لكيفية اخراج البلاد من ازماتها المستعصية، والرهانات على تبدل موازين القوى الخارجية .
ووفقا لاوساط سياسية مطلعة، لا يعكس هدوء السيد نصرالله واقع الحال، لان حزب الله يشعر بـ«ضيق» حقيقي ازاء المراوحة غير المبررة في مسار عملية تشكيل الحكومة، بعد ان نجحت «حارة حريك» في فصل مسار تشكيلها عن الواقع الاقليمي والدولي المعقد، وابلغ السيد نصرالله كل من يعنيهم الامر ان الملف اللبناني ليس جزءا من عملية التفاوض الايرانية ـ الاميركية ربطا بالملف النووي، وطهران ليست بصدد حرف مسار التفاوض مع واشنطن باتجاه اي ملف آخر في المنطقة، واي عملية انتظار هي مجرد تضييع للوقت والجهد.
وفي هذا السياق، نجح السيد نصرالله من خلال مقاربته باخراج حزب الله من دائرة الاتهام بتعطيل الحكومة، وهو من خلال كلامه العلني والصريح كشف حقيقة ما يدور في «الغرف المغلقة» مع الطرفين، حيث يبدو حزب الله معنيا «بتدوير الزوايا» دون ان يمنح لنفسه الحق بممارسة اي نوع من الضغوط على الحلفاء او «الخصوم»، وبعد توزيع المسؤوليات وضع كل من عون والحريري امام مسؤولياتهما لايجاد مقاربة جديدة ومختلفة تسمح بتشكيل الحكومة، مانحا الرئيس المكلف «جرعة» تفهم لموقفه من الثلث المعطل، مع ما يعنيه ذلك من عدم وجود رغبة لدى الحزب لدفعه للاعتذار عن التشكيل. لكن هل هذا الدعم مفتوح؟
بالطبع ليس كذلك، فاذا كان لحزب الله ملاحظات على الرئاسة الاولى، يبقى ان استهدافها او استضعافها غير قابل للمساومة، ومن هنا فان «نصيحة» السيد نصرالله للحريري واضحة في هذا السياق «عليك ان تكف عن محاولة استثمار الخارج للضغط على الرئاسة الاولى لان هذه الاستراتيجية ستدفع الرئيس عون الى التمسك بمواقفه والاتجاه نحو المزيد من التصعيد». ولهذا اصر السيد نصرالله على التاكيد بان تحميل المسؤولية الكاملة لرئيس الجمهورية غير منصف. وفي هذا السياق، لا يسري امساك السيد نصرالله «للعصا» من «النصف» حكوميا على اي معادلة خارجية تريد «لي ذراع» الرئيس عون،هنا لا وجود للحياد او لانصاف المواقف، وحزب الله لن يترك حليفه وحيدا. خصوصا، ان اوساط الحريري تروج بانه نجح في استقطاب الموقف الفرنسي واقنع الرئيس ايمانويل ماكرون بموقفه، وهو عندما توجه إلى بعبدا قبل خطابه الاخير منح عون فرصة للتراجع عن تعطيل المبادرة الفرنسية. وبحسب اوساط «بيت الوسط» لن يبقى الرئيس الفرنسي مكتوف اليدين وهو بات مقتنعا بان العقدة الرئيسية التي تحول دون «الولادة» تكمن في شروط الرئيس وفريقه السياسي، واذا لم يتراجعوا عن «عنادهم» سيكون له مواقف واضحة وصارمة من المعرقلين في وقت قريب!.
في الخلاصة، الامور معقدة للغاية، وثمة خشية من احداث كبرى من خارج السياق «تكسر» الحلقة المفرغة.الواضح ان حزب الله ليس معنيا بممارسة الضغوط على احد، ويكتفي بمحاولة تقريب وجهات النظر، وهذا يعني انه لا نتائج عملية. الان دخل الجميع في مرحلة اختبار النوايا، لكن المشكلة تبدو اعمق بكثير، فحكومة الانقاذ المفترضة براي بعبدا لا يمكن ان تكون بقيادة الحريري، فهو مكلف من الداخل والخارج بافشال العهد لا انجاحه والتجربة تدل على ذلك. وبالنسبة الى الرئاسة الاولى لا تسوية جديدة دون دور فاعل للوزير باسيل الذي لم يعد يخشى «البلل» بعدما «غرق» في «بحر» الحصار السياسي والاقتصادي. والبديل هو اعادة تعويم حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، الرافض لهذه الفكرة، واجواء بعبدا تشير الى انه باق حتى نهاية العهد، وبالتوازي يجري تعزيز حضور المجلس الاعلى للدفاع «لملء الفراغ»!
في المقابل، لن يقبل الحريري بتعويم النائب جبران باسيل سياسيا، ولن يسلم بالشروط الرئاسية، ويراهن على الوقت، ولن يقدم على «الاعتذار»،لان الطرف الاخر يستنزف عهده، وانسحابه من «الميدان» سيراكم خسائره ولن يفيده بشيء، وطالما يبدو غير قادر على حل الازمات المتراكمة وخصوصا الشق الاقتصادي، يراهن على الاتصالات الفرنسية- السعودية التي قد تحمل تسوية برعاية اميركية- ايرانية تمنحه دورا محوريا في المعادلة الداخلية لاحقا حيث ينافسه شقيقه بهاء وهو مصدر خطر داهم تتجاوز خطورته الصراع مع التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية لان المعركة هنا «داخل البيت» وعلى «البيئة» السنية. وتبقى ملاحظة صغيرة لا تبدو على جدول اعمال احد وهي ترتبط بانهيار البلاد اقتصاديا، وتجاوز فقراء لبنان عتبة الـ60 بالمئة؟!