فاض الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فالخطاب الأخير للحريري في ذكرى اغتيال والده فضح الكثير من مجريات المفاوضات لتشكيل الحكومة، وأظهر بشكل واضح أن المشكلة ليست بهوية من يسمّي الوزراء، إنما من يكون الأقوى في الحكومة، ففريق رئيس الجمهورية لا يريد دخول الحكومة بحال لم تكن له السيطرة عليها، لأسباب كثيرة ذكرناها سابقاً.

إن هذا الخلاف الكبير والثقة المعدومة بين عون الحريري جعلت التيار الوطني الحر يبحث عن طريقة لعزل الرئيس المكلف، ولكنهم لم يتمكنوا من إيجاد الوسيلة الدستورية لان الدستور واضح لناحية عدم تحديد مهلة زمنية لتشكيل الحكومة، الأمر الذي دفعهم لمحاولة إحراج الحريري لإخراجه، فتم تسريب الفيديو الشهير الذي يتهم به رئيس الجمهورية، الرئيس المكلف بالكذب، ورفض الإعتذار، ولكن أيضاً، لم ينسحب الحريري، بل زار بعبدا لوضع رئيس الجمهورية في جو زياراته الخارجية والإستفسار منه عن جوابه بشأن التشكيلة الحكومية التي قدّمها له.

بعد ذلك، راود فريق الجمهورية فكرة جديدة، وهي بحسب مصادر سياسية مطّلعة، تفعيل حكومة تصريف الأعمال، وجعل حكومة دياب هي حكومة العهد الأخيرة، وسحب فعالية سلاح التكليف من يد الحريري، وإيقاف محاولات تشكيل حكومة جديدة، ومن أجل ذلك تم التواصل مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، لاستطلاع رأيه بشأن تفعيل حكومته، والدخول من باب الموازنة، لتحقيق ذلك الهدف.

وتضيف المصادر عبر “الديار”: “حتى اليوم لم يرض دياب بدعوة الحكومة للإنعقاد لدراسة مشروع الموازنة وإقراره، وهو يرفض أن يُحسب على فريق عون ضد الرئيس المكلف، خصوصاً بعد أن تحسّنت علاقة دياب بالحريري وبرؤساء الحكومات السابقين في الفترة الماضية”، مشيرة إلى أن دياب يريد أن تٌشكّل حكومة أصيلة تتولى إقرار الموازنة، لذلك يكتفي بالحد الأدنى من أعمال تصريف الأعمال، ولا يريد التوسّع فيها، ولاجل ذلك حاول القيام بوساطة على طريق بيت الوسط – بعبدا، ولا يزال يرغب بتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن.

تكشف المصادر أن فكرة انعقاد حكومة تصريف الأعمال لإقرار الموازنة لا تزال قائمة، ولكن دياب يريد لهذه الجلسة بحال حصلت أن تكون جلسة يتيمة، أي أن لا تعني على الإطلاق توسيع دائرة تصريف الأعمال، ويريد بحال حصلت أن تكون برضى رؤساء الحكومات السابقين، لا أن تشكل الجلسة ضربة لهم، ولموقع رئاسة الحكومة.

بالمقابل، ترى مصادر قيادية في تيار المستقبل أن فريق رئيس الجمهورية يريد بأي طريقة “التخلص من الحريري”، وهو يحاول لأجل ذلك درس كل الوسائل الدستورية وغير الدستورية، مشيرة إلى أن الجهد المبذول من قبل هذا الفريق لو كان وُضع في المكان المناسب لكنا أمام حكومة جديدة خلال أيام.

وتعتبر المصادر أن التركيز من بعد الإستشارات النيابية هو على تشكيل الحكومة، ولا يجب أن يكون على تفعيل حكومة مستقيلة، داعية المعنيين للتعاون مع الرئيس المكلف لتحقيق هذا الهدف.

أما فيما يتعلق بمسألة الموازنة، فترى المصادر أن إقرار الموازنة من قبل حكومة أصيلة هو الحل الأفضل، وبحال أرادت حكومة تصريف الأعمال الإنعقاد لإقرار الموازنة فسيكون لتيار المستقبل موقفه في وقتها.