حكومة هادي الخارجة من رحم الرياض .. هل تسمن أو تغني من جوع؟
الوقت- أصدر الرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي” قبل يومين قرارا بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة “معين عبد الملك”، وتضم 24 وزيرا مناصفة بين القيادات الموالية للسعودية والقيادات الموالية للإمارات وفقا لما نص عليه اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، كما تضم 5 وزراء من حزب الإصلاح. ويرى العديد من المراقبين أن “منصور هادي” احتفظ بأقرب حلفائه في الحقائب الوزارية الرئيسة وهي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية وهذا الأمر سوف يخلق الكثير من المشاكل بينه وبين قادة المجلس الانتقالي الموالي للإمارات في القريب العاجل. وبينما سيمثل هذا الاتفاق بارقة أمل للقوى السياسية القابعة تحت مظلة تحالف العدوان لتوحيدها خلف الرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي”، إلا أن المرتزقة المخدوعين سوف يجدون أنفسهم عقب حرمانهم من الوزارات السيادية بأنهم إلى تراجع سياسي واقتصادي، ما ينذر بأزمات جديدة قد تعصف بالبلاد. فانعدام الثقة بين طرفي الصراع في جنوبي اليمن ما زال مستمرا، وسط اتهامات متكررة بعرقلة تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض وخاصة أن شيئاً من ذلك الاتفاق لم يتحقق سوى بعض جزئيات لا تعد نجاحاً، وهذا الامر سوف ينعكس سلباً على الحكومة الجديدة.
وعلى صعيد متصل وفي مقابل التفاؤل الرسمي بإعلان تشكيل الحكومة، يرى العديد من السياسيين أن هذا التطور يهدف لتحقيق مصالح سعودية إماراتية في اليمن، حيث قال “علي الذهب” الباحث اليمني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية: “الحكومة المشكلة تعبر عن توزيع مصالح ومكاسب بين الإمارات والسعودية، تحت غطاء الحكومة الجديدة”. ولفت إلى أنه من المفترض بناء على مخرجات اتفاق الرياض، أن تكون حقيبتي الدفاع والداخلية مناصفة بين الشمال والجنوب، باختيار “منصور هادي”، لكنها لا تعبر عن تقاسم سياسي بين المجلس الانتقالي الموالي للإمارات والمكونات الأخرى المناوئة له. ومن جانبه، علّق “محمد علي الحوثي” عضو المجلس السياسي الأعلى على تشكيل الحكومة الجديدة، قائلاً بأن “التشكيلة الجديدة تجمع شركاء هم متفرقون ومشاكسون”. وأضاف “الحوثي”، في تغريدة كتبها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بالقول :” تشكيلة فيها شركاء مشاكسون تثمر فشلًا”.
من جانبه أعرب وكيل وزارة الخارجية في حكومة صنعاء، “حسين العزي”، بأن الحكومة “منصور هادي” الجديدة لن تعود إلى عدن خلال الفترة القادمة، وأنها سوف تفضّل البقاء كسابقتها في فنادق الرياض. وقال “العزي”، في صفحته بموقع “تويتر”، إنه “يثمن تراجع الانتقالي عن مشروعه السابق باعتباره مشروعا مكلفا وغير واقعي”. وفي تغريدة أخرى للـ”العزي”، قال إن “الانتقالي والإصلاح التقوا في الكذب على أنصارهم فقط، الأول كان يغني لأنصاره بموال الانفصال ودولة الجنوب، والثاني كان يغني لأنصاره بموال الوحدة ومواجهة الانقلاب في عدن، وها هما يلتقيان في حكومة واحدة وبعلمين”.
وعلى صعيد متصل، يرى العديد من الخبراء أن هذه الحكومة “ستعترضها جملة من العقبات والصعوبات، ابتداء من عودتها واستقرارها والقيام بواجبها”، ولم يستبعدوا أن يكون مصيرها الفشل كسابقاتها من الحكومات. حيث أعرب الخبير السياسي اليمني” علي الفقية”، أن التشكيل الجديد للحكومة منح طابع الشرعنة للنفوذ الإماراتي من خلال منح وكلائها وزارات، أبرزها النقل، وهو ما يعني استمرار إغلاق الموانئ وتعطيل الموارد. وتابع: “أتوقع استمرار النفوذ الإماراتي حتى تأتي تغيرات تعيد ترتيب المشهد من جديد. وحول مدى تأثير هذا التطور السياسي على مستقبل اليمن، أوضح “الفقيه” أن ذلك “مرتبط برغبة الرعاة والحلفاء بعد أن أصبحت مؤسسات البلاد مقيدة أو ارتضت لنفسها أن تكون كذلك”. وأكد “الفقية” أن الترحيب السعودي جاء للتعتيم على الخلافات الحاصلة بين الرياض وأبوظبي، حيت ترى الاخيرة انها لم تجنِ شيئاً من اهم الحقائب السيادية، الأمر الذي قد ينذر بفشل هذه الحكومة قبل أن ترى النور.
لقد جاءت تركيبة هذه الحكومة الجديدة المنبثقة بعد نحو عام على توقيع اتفاق الرياض، وكانت انعكاسا مباشرا لموازين القوى التي أفرزتها الحرب والصراعات السياسية في المعسكر المناوئ لحكومة صنعاء خلال السنوات الست الماضية ولهذا فقد حذّر مراقبون يمنيون من أن الحكومة الجديدة قد لا ترتقي إلى حكومة حقيقية قادرة على حل أزمات اليمن، وأنها ربما تكون حكومة لتوزيع المصالح والمنافع بمراعاة التوازنات القائمة. حيث إنه باستثناء تعيين “معمر الإرياني” وزيرا للإعلام والثقافة والسياحة، لم يتم تعيين أيّ قيادي من حزب المؤتمر في الحكومة الجديدة، كما تم استبعاد كل الأسماء التي لا تحظى بعلاقة جيدة مع منظومة حزب الإصلاح المسيطرة على مؤسسات حكومة “منصور هادي” السابقة، في الوقت الذي توزّعت فيه بقية حقائب المؤتمر على شخصيات تنتمي لمراكز القوى، كما هو الحال مع وزارتي الاتصالات والنفط، بينما تم تعيين وزير لشغل حقيبة العدل وآخر للكهرباء من المقربين من تيار الإخوان.
ولقد كشفت العديد من المصادر، عن تدارس عدد من قيادات المؤتمر الموجودين في الرياض والقاهرة وعدد من العواصم الأخرى طريقة التعاطي مع الحكومة الجديدة، في ظل ما اعتبر استلاباّ لحصة المؤتمر، وفرض وصاية من قبل مكونات أخرى على أسماء المرشحين التي تقدم بها الحزب، والتي تم الاعتراض عليها من قبل قيادات إخوانية. وقالت المصادر، إن “قيادات المؤتمر قد تصدر تعليقا رسميا خلال الساعات القادمة على تشكيل الحكومة، معتبرة أن التهميش الذي طال الحزب قد يعزّز من حالة القطيعة بين أجنحة الحزب وقواعده الشعبية وبين الحكومة الجديدة التي تتهم بالخضوع لإرادة حزب الإصلاح”.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية، أن ردود الافعال الشعبية اليمنية الرافضة لتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة بمباركة واخراج السفير السعودي في اليمن لا تزال مستمرة، معتبرين انها حكومة تابعة لتحالف العدوان السعودي الاماراتي. ولا يزال وسم #حكومهالجابر_لا تمثلني يشهد تفاعلا كبيرا بين رواد مواقع التواصل والنشطاء اليمنيين، الذين رأوا في الحكومة الجديدة تشديدا للتبعية للرياض وابو ظبي، وعميقا للاحتلال السعودي الاماراتي للاراضي اليمنية. اللافت في التغريدات والآراء التي علق بها النشطاء كان اجماعهم التام، رغم اختلافاتهم السياسية، على ان الحكومة التي خرجت من رحم الرياض، لا تمت لليمن والشعب اليمني بأي صلة، وأن تشكيل الحكومة بهذه الطريقة وعبر السفير السعودي، انما هو سلب لحق الشعب اليمني بتشكيل حكومة بلاده كما يتمناها، وليس كما يقررها السفير السعودي.
وخلال الايام الماضية زاد التوافق اليمني الشعبي على رفض الحكومة، والتأكيد المستمر من النشطاء على انه لا يمكن التعويل على هذه الحكومة، بسبب تبعية قراراتها الكاملة للجهات التي عينتها؛ بل إنها استمرار لصفقات الخذلان التي يقدم عليها الرئيس المستقيل “عبدربه منصور هادي”. الكثير من النشطاء انتقدوا الاتفاق الذي ابرمته حكومة “هادي” مع المجلس الانتقالي الجنوبي، واعتبروا ان الاتفاق فاشل لعدة اسباب، منها ان الانتقالي لم يفِ ببنود الاتفاق والتي تنص على انسحابه من سقطرى او ابين، وكذلك السماح للحكومة الجديدة بدخول عدن. وفي هذا السياق، انتقد حساب “قطر الندى”،الاتفاق بين حكومة “هادي” والانتقالي، معتبراّ ان استمرار الاقتتال بينهما كان افضل، بسبب تهرب الانتقالي من تعهداته، وكتب: “الاتفاق الذي اذل به سفير المملكة، قيادة حكومة هادي لم يتطرق لانسحاب الانتقالي من جزيرة سقطرى، فعلى ماذا وقعت هذه الحكومة، كان الاستمرار في القتال شرفا لهم، وخيراً، بدلا من هذه المهزلة”. فيما اعتبر الناشط “سليمان الدغيش”، أن خيانة التحالف المتكررة لليمن واليمنيين، تعود لسبب “مناعة بعض العقول امام الفهم”، وكتب: ” إذا خانك حليفك مرة فعيب..عليه اما اذا خانك مرتين فعيب عليك أنت …لذلك لم يعد العيب في تحالف الشر بل في الكثير من العقول التي لديها مناعة ضد الفهم رغم أن ما يريده تحالف الشر لليمن أصبح واضحا كوضوح الشمس”.
أما “طارق المقرمي”، فقد دعا الشعب اليمني إلى عدم الاهتمام المفرط بالحكومة التي وصفها بـ”حكومة اللعين”، وانها استمرار لصفقات الخذلان، وقال: “لا تفرطوا في الاهتمام بحكومة اللعين المدلل انما هي استمرار لصفعات الخذلان التي يفاجئنا بها دائما من سلم قراره و سيادة وطنه الى مطية من مطيات تحالف الغدر الذي يريد أن يصنع منه بريمر آخر ليعبث بهذا الوطن ومقدراته مستخدما بذلك ثلة من الخونة وبائعي الأوطان”. وأخيراّ اعتبرت حركة “أنصار الله”، الحكومة الجديدة جامعة للمتفرقين، وأنه سرعان ما سيعلن فشله، وذلك لأن اتفاق الرياض، الذي تسعى الحكومة الجديدة إلى أخذ شرعيتها منه فشل حتى الان في إنشاء إطار للتفاهم بين مرتزقة العدوان على اليمن بشقيه السعودي والإماراتي، ولم يكن حتى اليوم، سوى أداة لشرعنة الوجود الاستعماري، لأطراف تحالف العدوان في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن.