تحقيقات - ملفات

من “حزب الله” إلى واشنطن: الشبكات المتنوّعة لعباس ابراهيم

 

أساس ميديا

بقلم ميتش بورتيرو وكايت كوكس – “مرصد جاينز للإرهاب وحركات التمرّد”

 

يتمتع المدير العام للأمن العام اللبناني عباس ابراهيم بقدرة الوصول إلى مروحة واسعة من الجهات الفاعلة، من ضمنهم أوروبيون ومسؤولون رسميون في السياسة الأميركية، فضلاً عن خصوم الولايات المتحدة الأميركية، مثل إيران وسوريا وحزب الله في لبنان.

يلعب ابراهيم دوراً رئيسياً في الحفاظ على الاستقرار الوطني، وفي الديبلوماسية الدولية، ما أدّى إلى إحجام حكومات غربية عن فرض عقوبات عليه بسبب صلاته بحزب الله.

التطورات السياسية – بما في ذلك التزام الولايات المتحدة الأميركية باستئناف الاتفاق النووي الإيراني في ظل إدارة الرئيس جو بايدن – ستعزّز قيمة ابراهيم في نظر المجتمع الدولي.

شبكات ابراهيم

يتربّع اللواء ابراهيم في دائرة هي عبارة عن حلقة وصل غير مألوفة، تجعله على تماس سياسي مع المسؤولين السياسيين الأوروبيين والأميركيين، بالإضافة إلى خصوم الولايات المتحدة الإقليميين: إيران وسوريا، وحزب الله في داخل لبنان. وقد عزّزت استقلاليته السياسية أنّه أتمّ صفقاتٍ إقليمية تُحظى باحترام واسع، ما حسّن من مكانته كإحدى الشخصيات الرسمية الأكثر نفوذاً في لبنان.

يشرف اللواء ابراهيم، بصفته مديراً عاماً للأمن العام، على إدارة حدود لبنان ووثائق الهوية  للأجانب واللبنانيين. منذ تولّيه منصبه في العام 2011، وسّع ابراهيم النفوذ الديبلوماسي والاستخباراتي والأمني لهذا المنصب، وهو يشارك روتينيا في الاستحقاقات الدولية الرفيعة المستوى.

في تشرين الأوّل الماضي – على سبيل المثال – التقى بمستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين وسواه من مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في واشنطن.

يتقاطع تأثير ابراهيم مع نفوذ شخصيات قوية في لبنان، بمن فيهم قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون. في بلد يتسم بالتقلبات السياسية والانهيار الاقتصادي، يعمل ابراهيم أيضاً كواحد من صلات الوصل الفعّالة الوحيدة، للحكومة اللبنانية، مع حكومات أخرى.

“يحافظ على وحدة الموقع. لذا لا أحد يستعجل ضربه بالعقوبات بسبب بعض الاتصالات مع حزب الله. تجنيبه العقوبات ليس ذا مغزى فحسب، بل بصراحة هو مفيد جداً للسياسة الخارجية الأميركية”، يقول مسؤول أمني أميركي عمل في إدارة باراك أوباما، وطلب عدم ذكر اسمه نظراً إلى دور عتيد سيلعبه في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.

وكان المسؤول السابق يشير إلى مشروع قانون في الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين يعملون في حكومة يشارك فيها حزب الله.

ابراهيم، وهو مسلم شيعي من جنوب لبنان، ينظر إليه على أنّه قناة اتصال راسخة بين الغرب وبين قيادة حزب الله: “ساهم على نحو أساسي في تسهيل تشكيل الحكومة الحالية. كان يتنقل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف حالياً سعد الحريري وحزب الله وبقية الأفرقاء”، قال محلل سياسي لبناني طلب عدم ذكر اسمه.

“قدّم عباس ابراهيم وعوداً أمنية لكلّ فريق”، بحسب المحلّل المذكور. على غرار أنّ حزب الله لن يستهدف رجال سعد الحريري، والحكومة لن تقوم بإزاحة أشخاص لا يثق بهم حزب الله في المراكز الأمنية. كان عليهم فعل ذلك في ظلّ كلّ حكومة”.

قال ستة خبراء ومسؤولون سابقون استشارتهم “جاينز” في هذا التحليل بأنّ فرض أيّ عقوبات على ابراهيم سيكون قراراً غير حكيم. امتداد شبكاته وتأثيره على الاستقرار يعنيان أنّ الحكومات الغربية قد استفادت من مقاربة أكثر تعاوناً معه.

“هل لديك مواطن مفقود في سوريا وتريد أن تسأل النظام عنه؟ تكلّم معه”، قال مسؤول استخباري أوروبي ربطته علاقات وثيقة بابراهيم لعقد من الزمن.

“هل تحتاج إلى نقل كيس من النقود إلى سوريا لدفعها لأحد قام بخطف مواطنك؟ (وهذا يتوقف على مكان وجوده في سوريا)، عليك الاتصال به؟ هل لدى حزب الله مجموعة من عناصره مفقودون حول حلب ويريد من الأتراك العثور عليهم؟ يتّصلون بعبّاس”، أضاف المسؤول الرسمي: “الأشخاص الوحيدون الذين لا يتّصلون به هم الإسرائيليون. وربما ينبغي عليهم القيام بذلك”.

الآفاق المستقبلية

تستمرّ علاقات ابراهيم باكتساب أهمية بالنسبة إلى المجتمع الدولي في ضوء التطوّرات الجيوسياسية المتواصلة. فقد التزمت إدارة بايدن الديبلوماسية استئناف الاتفاق النووي الإيراني. في حين يواجه كلّ من لبنان وسوريا انهياراً اقتصادياً وشيكاً، بينما تواصل إسرائيل مهاجمة حزب الله والمواقع والمسؤولين الإيرانيين في أنحاء المنطقة كلّها. كلّ ذلك يجعل من ابراهيم شخصية ضرورية بالنسبة إلى المجتمع الدولي.

في الوقت نفسه، هناك احتمال قوي بأن يتسامح ابراهيم مع حملات القمع العنيفة ضدّ المتظاهرين المناهضين للحكومة في لبنان. فهو يمتلك ذهنية سلطوية، وقد أظهر استعداداً لترحيل معارضين سوريين من لبنان إلى سوريا، ويعرف بأنّ سلطته تعتمد جزئياً على قبول حزب الله به.

“يرى نفسه حامياً للدولة أو ما تبقّى منها”، وفق مسؤول مخابرات أوروبي.

“لا أعتقد أنّه سيقوم بأيّ نوع من أنواع الانقلاب. فهو لا يستطيع إدارة البلد رسمياً باعتباره شيعياً على أي حال. لكن لديّ سبب مباشر للاعتقاد بأنّه يعتقد بأنّ تدمير النظام الطائفي في هذا الوقت سينهي لبنان. لذلك سوف يدعم النظام القائم بالطبع”.

على الرغم من بعض الميول المتسلّطة، يتمتّع ابراهيم بما يكفي من المهارة كمؤثر فاعل لإبعاد نفسه عن العنف السياسي وللحفاظ على علاقاته الديبلوماسية مع الغرب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى