سفراء أميركا وألمانيا وفرنسا زاروا طرابلس: الفيحاء نبض لبنان المستقبل بموقعها وشبابها
يمكن مقاربة زيارات 3 سفراء الى طرابلس عبر جوانب عدة:
اقتصادية وامنية وجيوبوليتيكية فضلا عن حراك الشباب الطرابلسي الذي تظهّر بشكل لافت إبان حراك 17 تشرين الاول 2019 وانخراطه في منظمات المجتمع المدني والحركات الشبابية.
تعتبر مدينة طرابلس عاصمة محافظة الشمال الملقبة بـ “الفيحاء” ثاني المدن اللبنانية من حيث عدد السكان إذ تعدّ 850 الف نسمة بعد بيروت والمدينة السنّية الأولى إذ يبلغ عدد سكانها السنّة قرابة الـ500 ألف. تبعد مدينة طرابلس عن الحدود السورية قرابة الـ40 كلم، موقعها الجغرافي ذات بعد استراتيجي، فهو يشكل صلة وصل بين الشاطئ الشرقي للبحر الابيض المتوسط والداخل السوري العربي والعراق والسعودية والخليج، ما يجعل من طرابلس حلقة وصل ومركزا تجاريا مهما على مستوى المنطقة، الى ذلك تحوي طرابلس قرابة على الـ160 معلما أثريا ومراكز دينية مسيحية واسلامية.
لدى مدينة طرابلس امكانية أن تلعب دورا رئيسيا في النهوض الاقتصادي، فهي كما ذكرنا المدينة الساحلية المطلة على شرقي البحر الابيض المتوسط فيها مرفأ طرابلس ومطار القليعات في عكار وهي مفتاح لبنان لسوريا والعراق والعالم العربي والخليج.
عند الحديث عن طرابلس ينبغي وضع المرفأ في ذهننا ومعرض رشيد كرامي الدولي ومطار القليعات. واطلالتها على سوريا والعالم العربي وعلى شرقي المتوسط. في هذه النقطة بالذات يشغل النفوذ التركي المتزايد في طرابلس عبر منظمات شبابية ومؤسسات انسانية بال الفرنسيين.
يبقى أن القاسم المشترك بين السفراء الثلاثة دوروثي شيا وآن غريللو وأندرياس كيندل انهم لم يلتقوا أي مسؤول سياسي لا نائب ولا وزير ولا رئيس حكومة سابق.
الزيارات كانت لمؤسسات أهلية واقتصادية لها امكانات كامنة اقتصاديا: المرفأ غرفة التجارة والصناعة ومؤسسات تربوية. سفيرة فرنسا زارت مثلا الليسيه الفرنسية والمعهد الفرنسي والتقت فاعليات من المجتمع المدني واجتمعت بعدد من الشباب الناشطين في مقهى “ورشة” على الميناء، كذلك المفتي بالانابة محمد إمام حيث تطرق البحث الى دور المدينة ومكافحة اي تطرف.
في ما يخص الاوروبيين، هنالك نقطتان رئيسيتان ينبغي لحظهما:
تطورات كامنة للوضع الامني حيث مخاوف اوروبية من نشوء حركات متطرفة
والوضع الاقتصادي المتردي الذي يشكل بيئة حاضنة للتطرف وللراديكالية لكي تعود وتطفو على السطح مجددا.
هنالك مخاوف اوروبية من هجومات جديدة ذات ابعاد داعشية حيث ان التنظيم لا يزال موجودا بخلايا نائمة في المنطقة من سوريا والعراق ومخاوف من ان تكون لديه خلايا في طرابلس، تنشط فجأة فتخلق عوامل لا استقرار وهذا يسبب عوامل قلق لدى الغرب الاوروبي الذي يتقاسم معنا حوض البحر الابيض المتوسط.
أما زيارة السفيرة الفرنسية بشكل خاص فهي مرتبطة بواقع أن تركيا تزيد من حضورها في طرابلس وفي شمالي لبنان وهذا هو الجانب الجيوبوليتيكي للزيارات الفرنسية والاميركية وربما الالمانية.
تريد اوروبا ان تظهر بأنها حاضرة في طرابلس في شمال لبنان كما في كل البلدان الاخرى وانها لن تترك المنطقة لتركيا. يجب لحظ أن زيارات السفراء الثلاثة تزامنت في اسبوع واحد لكن لكل دولة اجندتها الخاصة، وينبغي التذكير ايضا بأن شكرة روسية هي “روسنفت” بدأت منذ عامين ببناء منشآت نفطية في مرفأ طرابلس بغية تصدير الغاز، وهذه ليست بالنقطة العابرة بالنسبة الى الأميركيين.