الحدث

أبعد من نقاشات قانون الإنتخاب

نون -اللواء
لم يكن اللبنانيون ينتظرون جلسة مجلس النواب أمس ليدركوا حجم الصراعات والخلافات التي تعصف بالطبقة السياسية الحاكمة، والتي أوصلت البلد إلى الإفلاس والإنهيار.

النقاشات الحادة التي سادت الجلسة النيابية كشفت أن الخلافات تدور على مصالح إنتخابية فئوية وطائفية، تعني حسابات حزبية ضيقة، دون الأخذ بعين الإعتبار ضرورة تعزيز التجربة الديموقراطية والعمل على تطوير النظام السياسي، بما يؤدي إلى الولوج لدولة المواطنة والقانون.

وخطورة الإنقسامات بين الكتل النيابية الكبرى، أنها أعادت التموضعات والتحالفات السياسية على قواعد طائفية بحتة، والضرب بعرض الحائط الحساسيات المذهبية والمناطقية والطائفية، التي تُحاول بعض الأطراف السياسية اللعب على هذا الوتر البغيض، بغية شد العصب لجمهورها، وكأن الإنتخابات حاصلة غداً!

ليس صحيحاً أن المشكلة تكمن في الصيغة المطروحة لقانون الإنتخاب الجديد، والذي يعتمد لبنان دائرة إنتخابية واحدة على قاعدة النسبية، مقابل القانون الأعرج المعمول به حالياً، والذي يعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي.

الإشكالية الأساسية التي يُحاول الجميع الإلتفاف حولها، وتجنب مواجهتها مباشرة، تكمن في الجواب على السؤال التاريخي والمفصلي: أي لبنان نريد؟

هل نريد الحفاظ على الصيغة الراهنة التي تعتمد المحاصصات الطائفية في توزيع مراكز السلطة في قمة الهرم، وتسحب حالها على وظائف الفئة الأولى، وتجعل الولاء للزعيم والطائفة قبل الوطن والدولة؟

هل نريد لبنان الفيدرالي، الذي يُكرس التعددية في إطار الوحدة، ولكنه يُحرر المجموعات اللبنانية من مخاطر هيمنة فريق على آخر، ويُنهي تداعيات إخضاع «الطائفة القوية» للطوائف الأخرى، كما حصل مع المارونية السياسية في مرحلة قبل الحرب، ثم تقدم الطائفة السنية في عهد الرئيس رفيق الحريري بعد إتفاق الطائف، وما هو حاصل اليوم مع الثنائي الشيعي بعد حرب تموز وإتفاق الدوحة وهيمنة حزب الله على القرار السياسي؟

ومن يُريد الإنتقال إلى دولة القانون والدستور والعدالة، حتى يشعر اللبنانيون أنهم سواسية في دولة تعتمد الكفاءة والإختصاص بدل المحاصصة الطائفية، وسياسة الزبائنية والإستزلام؟

عندما نصل إلى الأجوبة الحاسمة لمثل هذه التساؤلات، يمكن عندها أن نتوقع قيامة حقيقية لهذا الوطن المنكوب!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى