أسبوع مفصلي بين التشكيل والتعويم
“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
دخل لبنان في مرحلة تعتبر هي الأخطر على كافة المستويات، وسط معلومات عن فتور ونفور في آن يسود علاقة رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، على خلفية ما يسمى ب”وحدة المعايير” وحول تسمية الوزراء المسيحيين، في حين علم أن اللقاء الأخير لقيادة تيار “المستقبل” كان حاسماً لناحية عدم إقدام الرئيس الحريري على الإعتذار، وحيث ترى أوساط متابعة ضرورة قراءة دلالة تشكيل المجلس الرئاسي والقيادي لتيار “المستقبل” من شخصيات وقيادات معظمها من الصقور الذين عارضوا التسوية الرئاسية الأولى التي حصلت آنذاك بين رئيس تيار “المستقبل” ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، وهذ الإجتماع ل”التيار الأزرق”، يأتي وسط أجواء عن إعادة رئيسه للملمة المقرّبين والقيادات التي تعتبر من الذين لا يحبّذون أي تسوية بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي، ولهم أفكارهم وآراءهم.
ويظهر جلياً أن الرئيس المكلّف أطلق عملية إعادة استنهاض تياره، ما يعني أن هناك تكليف وليس تأليف، وربما يطول التكليف حتى نهاية عهد الرئيس عون، أي قطع الطريق على الدعوات التي تطالب بتعويم حكومة تصريف الأعمال، وقد نقل بأن أكثر من مرجعية سياسية تطالب بهذا الأمر بدءاً من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وصولاً إلى القوى الحليفة ل”حزب الله”، ومن الطبيعي ذلك ما يحبّذه “التيار الوطني الحر”، وذلك على خلفية التطورات الداخلية والإقليمية والدولية التي حصلت في الآونة الأخيرة، ولا سيما العقوبات الأميركية، وخصوصاً أن حكومة تصريف الأعمال هذه تريح هذه القوى على المستويات الخارجية وفي الداخل اللبناني من خلال تركيبة وزرائها الذين يعتبرون من المقرّبين للعهد ولحارة حريك، وكونهم كما يسمّون هذه الحكومة ب”حكومة اللون الواحد”.
وعلى خط موازٍ، علم أن الأسبوع الجاري سيكون مفصلياً على هذا الصعيد، بمعنى أن تصدر دعوات سياسية ودستورية وقانونية، حول إمكانية إعادة إحياء حكومة الرئيس حسان دياب من الناحية القانونية والدستورية، وثمة إجتهادات وفتاوى تجيز هذه المسألة، إنما تكمن المشكلة في السياسة، إذ من الطبيعي أن ذلك سيواجَه بحملات سياسية وأخذ وردّ لدى الفريق الآخر، وحيث المشكلة تكمن في الأساس، وهذا هو الأهم، في كيفية حصول هذه الحكومة على الدعم الخارجي، باعتبارها، ومنذ تأليفها وحتى اليوم، تحيط بها إشكاليات وشبه قطيعة على المستويين العربي والدولي، وهذا بيت القصيد، ربطاً بحاجة لبنان إلى الدعم الدولي، أكان من الدول المانحة أو من المنظمات الدولية في ظل إفلاسه المالي، وأزماته الإقتصادية والإجتماعية، لذا، فإن لبنان عالق بأزماته السياسية والإقتصادية إلى حين التوصّل إلى حلّ يخرجه من هذا النفق الذي يتخبّط فيه، ولهذه الغاية، فإن مصادر متابعة للإتصالات الفرنسية، تؤكد بأن مبادرة ماكرون لم تمت ولكن إحياؤها ليس بالأمر السهل، وهذا ما كشفته نتائج لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل.
من هذا المنطلق، فإن لبنان أمام حالة ترقّب لما ستسفر عنه الإتصالات الفرنسية مع المجتمع الدولي في ضوء لقاءات دوريل مع المسؤولين اللبنانيين، وصولاً إلى مأزق التأليف، دون إغفال التباين الحاصل بين الأميركيين والفرنسيين حول شكل الحكومة والفيتوات المفروضة من واشنطن على بعض القوى السياسية الأساسية، وهذا أيضاً عامل خلافي إضافي وله تأثيراته على خط التأليف، في وقت أن عودة تفاعل الإنقسامات بين المكوّنات السياسية على أكثر من خلفية برزت في الأيام الماضية، فذلك أيضاً عامل مؤثّر من شأنه أن يضاعف الإشكالات حول عملية التشكيل، وهذا ما ستبلوره وتظهّره الأيام المقبلة، وسط مخاوف من أن يكون هذا التأخير منطلقاً لإرباكات قد تضجّ بها الساحة الداخلية جراء الوضع الإجتماعي المأزوم.