إسرائيل تهدّد بإفشال الترسيم… وتحمّل لبنان المسؤوليّة
الأخبار- يحيى دبوق
بدأت إسرائيل، كما كان متوقّعاً، التمهيد لإفشال المفاوضات البحرية مع لبنان، عبر جملة من الادّعاءات وردت من تل أبيب، وآخرها اتهام لبنان بـ«الاستفزاز» والتغيير الدائم للموقف التفاوضي، وصولاً إلى اتهامه أمس بـ«خيانة تطلعات شعوب المنطقة».
هل تكون الجولة الخامسة من المفاوضات البحرية آخر جولات التفاوض مع العدو؟ السؤال يفرض نفسه بقوة في ظل التعنّت الإسرائيلي وما يرد من تل أبيب من مواقف وشروط مسبقة، تحاول فرض أسس تفاوضية تمنع لبنان من المطالبة بحقه المائي كما يراه. والواضح أن إسرائيل التي فرضت، بشكل أو بآخر، المفاوضات في الشكل وإن مع تعديلات، قرّرت أن من حقها أيضاً فرض قواعد التفاوض ونتيجتها المسبقة.
وكان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتانيتس، أنهى أمس جولة تفاوضية عبر وسائل التواصل، موازية لجولات التفاوض في الناقورة، محذراً من أن المفاوضات البحرية مع لبنان ستصل إلى «طريق مسدود» ما لم يغير الوفد اللبناني مواقفه.
ووفقاً لادّعاء شتاينتس، «لبنان غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات»، وموقف لبنان الحالي «لا يتعارض مع مواقفه السابقة وحسب، بل يتعارض أيضاً مع موقفه تجاه الحدود البحرية مع سوريا». وحذّر من «احتمال أن تصل المحادثات إلى طريق مسدود وبالتالي عرقلة مشاريع التنقيب عن مصادر الطاقة في عرض البحر».
في «الفذلكة الدعائية» لشتاينتس، تضمّنت تغريداته أمس تهديدات غير مباشرة حذّر فيها لبنان بأنه سيفقد القدرة على استخراج غازه من المتوسط، وقال إن من يريد الازدهار لهذه المنطقة ويسعى إلى تنمية الموارد الطبيعية بأمان عليه أن يلتزم مبدأ الاستقرار وتسوية الخلاف على أساس ما أودعته إسرائيل ولبنان لدى الأمم المتحدة. واختصر مضمون تغريداته بالقول إن «أي انحراف عن ذلك سيؤدي إلى طريق مسدود، وإلى خيانة تطلعات شعوب المنطقة».
وادّعاءات شتاينتس لا تتساوق مع أي منطق تفاوضي، إذ رغم الدعاية الإسرائيلية لا يوجد أي تغيير في مواقف لبنان سواء في ما يتعلق بحدّه المائي جنوباً (وهو يتوافق تماماً مع الحد المائي المودع لدى الأمم المتحدة) أو غيره. فلا يمكن لإسرائيل أن تتمسك بجزء من واقعة إيداع لبنان خريطة الحد لدى المنظمة الدولية وإهمال ما تبع الإيداع وصاحبه من ملاحظات، تُعد جزءاً متمّماً للإيداع نفسه.
وتوضح مصادر مطلعة على تفاصيل العملية التفاوضية وعلى حيثيات الموقف اللبناني والأساس الذي مكّنه من المطالبة بمساحة أكبر من تلك التي يريد العدو أن يقتصر التفاوض حولها، مشيرة إلى أن لبنان أودع الأمم المتحدة خطاً واحداً فقط، وهو ما عُرف بالخط 23، لكنه أوضح في المرسوم 6433/2011، أن من حقه مراجعة هذا الخط في حال بروز معطيات وبيانات أكثر دقة، بعد التحادث مع الجهات المعنية.
على ذلك، فإن الادّعاء الإسرائيلي بأن لبنان غيّر موقفه مردود، ويشير في المقابل إلى إرادة عرقلة وربما إفشال المفاوضات من جانب إسرائيل بعد إصرار لبنان على حقه كما تبين له وفقاً للبيانات التي برزت في السنوات الماضية، وفي المقدمة إهمال القانون الدولي أيّ تأثير للجزر الصغيرة جداً (صخرة تخيليت) على الخط الحدودي. وهذا الموقف يتوافق تماماً مع الموقف اللبناني وما أعقبه، عام 2011.