العرس في أميركا والتطبيل في بلاد العرب..
} سماهر الخطيب-البناء
تختتم اليوم الولايات المتحدة الأميركية أشهراً من عملية انتخاب رئيس الولايات المتحدة تلخّصت تلك العملية في خمس نقاط هي: الانتخابات التمهيديّة والتجمّعات، المؤتمرات الوطنية، الحملة الانتخابية، الانتخابات العامة، الكلية الانتخابية. فالانتخابات الرئاسية الأميركية ليست بالعملية السهلة ولا يحدد الناخب رئيسه إنما تجري وفق اختيار الناخبين لمن ينوب عنهم ويمثلهم في اختيار الرئيس.
وفي إيجاز تلك المرحلة في سطور فإنّ البداية تكون باختيار الأحزاب السياسية للمرشحين من خلال الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية. حيث يصوّت أعضاء الحزب على مستوى كل ولاية لأفضل مرشح سيمثلهم في الانتخابات العامة. ليتنافس مرشحو الحزب الذين يتم اختيارهم في هذه الانتخابات العامة. وتجري الانتخابات الأولية في 34 ولاية أميركية.
أو يأتي التجمّع الحزبي كبديل للانتخابات الأولية لاختيار مندوبين إلى المؤتمر الوطني للحزب، فهو اجتماع محلي يجتمع فيه الأعضاء المسجلون في الحزب السياسي للتصويت لمرشحهم المفضل. ويعقد في 16 ولاية لتحديد مرشحي الأحزاب السياسية.
ثمّ يُعقد مؤتمر وطنيّ، يُعلن فيه رسمياً عن مرشح الحزب لمنصب الرئيس. حيث يُدلي المندوبون المنتخبون بأصواتهم أثناء المؤتمر، لمرشحهم الحزبي ومن يتمتع بأكبر عدد من المندوبين يحصل على ترشيح الحزب ويختار نائباً ويمثل ذلك بداية عملية الانتخابات العامة.
لتبدأ الحملة الانتخابية العامة بعد اختيار مرشح واحد من كل حزب سياسي، يقوم هؤلاء المرشحون بجولة عبر البلاد، ويشرحون وجهات نظرهم وخططهم للعامة ويحاولون كسب دعم الناخبين المحتملين. وتعدّ التجمعات والمناقشات والإعلانات جزءاً كبيراً من حملة الانتخابات العامة.
في النهاية يصوّت المواطنون في كل ولاية في جميع أنحاء البلاد لرئيس واحد ونائب رئيس واحد. لكنهم عندما يدلون بأصواتهم، فإنهم في الواقع يصوتون لمجموعة من الناس تعرف باسم «كبار الناخبين»، ليكونوا أعضاء دستوريين مفوضين في الانتخابات الرئاسية. هؤلاء الناخبون يشكلون «الكلية الانتخابية»، وهم معينون من قبل الولايات، ملتزمون بدعم المرشح الرئاسي الذي دعمه الناس. فيما يدلي كل «ناخب» بصوت انتخابي واحد بعد الانتخابات العامة ويحتاج المرشح إلى الحصول على أكثر من 270 من أصوات «كبار الناخبين» وعددهم 538.
بالتالي يتم انتخاب رئيس الولايات المتحدة من قبل هذه «الكلية الانتخابية». حيث ينصّ الدستور الأميركي على أن «المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات في الكلية الانتخابية يصبح رئيساً»، ويؤدي الرئيس المنتخب ونائبه اليمين الدستورية في حفل التنصيب في كانون الثاني.
تجدر الإشارة، إلى أنّ لكل ولاية من الولايات الأميركية الخمسين وواشنطن العاصمة عدداً محدداً من «كبار الناخبين» يعكس حجمها. فعلى سبيل المثال لدى كاليفورنيا 55 صوتاً انتخابياً باعتبارها الأكثر سكاناً (أكثر من 38 مليون شخص) من أي ولاية أخرى. بينما لدى ولاية مونتانا ثلاثة ناخبين فقط لإنّ عدد سكان صغير نسبياً (ما يزيد قليلاً عن مليون شخص). وإذا ما حصل المرشح على أكبر عدد من الأصوات داخل الولاية، فإنه يحصل على الحصّة الكاملة من أصوات الكلية الانتخابية لتلك الولاية.
وتختلف المسائل التي تشغل بال الناخب الأميركي عن «المراقب» العربي والغربي. فالمسألة الأكثر تأثيراً على صوت الناخب الأميركي هي الاقتصاد، باعتباره الأساس وفق المثل الأميركي القائل «الناخب يصوّت لجيبه»، بالإضافة إلى أمور اجتماعية ومعيشية وصحيّة كنظام الضرائب والنظام الصحي ومسائل متعلقة بشؤون حياتية حقوقية كقوانين الإجهاض مثلاً وغيرها.. وبالتالي فإن الاقتصاد والصحّة «التأمين الصحي والاجتماعي» هو الذي يرجح كفة مرشح على آخر. إنما انتخابات 2020 تختلف عن سابقاتها، بسبب جائحة كورونا التي لها انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي والمعيشي والصحّي. وتبقى الوعود الانتخابية مجرد أقوال في العقلية الأميركية بعد موت أكثر من مئتي ألف أميركي وإصابة نحو سبعة ملايين بالفيروس..
أما بالنسبة للمسألة الأكثر تأثيراً على المراقب العربي فهي تتعلق بإيقاف عجلة الحياة وتلفظ الأنفاس لمعرفة من مديره الجديد وكيف سيأتمر للآمر الجديد فـ»التابع» العربي يترقّب نتائج الانتخابات أكثر من الأميركي نفسه. فالمسألة الاقتصادية لا تشغل باله ولا حتى الشؤون الاجتماعية والمعيشية والصحية إنما ما يشغل باله لمن سيقف أمامه بالسمع والطاعة بعد أن انبطح معظم قادة العرب للمشروع الأميركي وكانوا منفذين للسياسات الأميركية بحذافيرها وربما ارتجلوا أحياناً من تلقاء أنفسهم ما يتنافسون عليه من أفعال ذليلة لإرضاء الإرادة الأميركية تمثلت بإشعال الحروب بين بعضهم البعض وتنفيذ أجندات يرضى عنها المدير «الأبيض» تكون بالولاء للعدو ونبذ القضية تحت شعارات «حرية» و»ديمقراطية» مغلفة بسلام ذليل مع عدو بيتُه أوهن من بيت العنكبوت..
بالتالي لا فرق ما بين دونالد ترامب وجو بايدن طالما أنهما تعهّدا بحماية المصالح «الإسرائيلية» وسائران نحو تكملة السيناريوات التطبيعية..
أما الغرب فلا فرق لديه أيضاً بين بايدن وترامب طالما أنّ المصلحة العليا لا تُمس والغرب يعلم جيداً أن مصلحته العليا تكمن في الإبقاء على الحرية الاقتصادية والتخلي عن الدعوات الحمائية..
فيما الصين وروسيا سائرتان بهدوء في استراتيجيتهما الهادفة لإقامة نظام عالمي جديد قائم على التعددية القطبية مراقبتان للعملية الانتخابية ثابتتان بموقفهما القائل بالدبلوماسية في تحقيق المصلحة الدولية..
في المحصلة يبقى العرس في أميركا والطبل في بلاد العرب منتظرين من يهتفوا له ويزغردوا وهو أكثر ما يستطيعون فعله بعد أن غاب عنهم الفعل ورد الفعل..