رئاسيات 2020: سحابة عنف تُظلِّل أميركا
الأخبار
تُظلِّل احتمالات غير مألوفة أميركياً، يُشكِّل انفلات العنف المُسلَّح عمودها الفقري، النسحة الحالية من السباق إلى البيت الأبيض. احتمالاتٌ باتت راجحة، وسط اكتمال قوس مقوّمات الاضطرابات في بلدٍ لا يزال يحيا على إرث هجين مِن العبودية المؤسِّسة والديموقراطية التمثيليّة. وبين الاستقطاب السياسي الذي بلغ درجاته القصوى، والتهديد بالفوضى، والحديث المُتكرِّر عن التزوير، يبدو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عازماً على اختتام مسيرته، في حال خسارته، بصخبٍ يوازي ذاك الذي طبع ولايته الرئاسية الأولى
ثمّة عوامل كثيرة تكون فيها الانتخابات مصحوبةً بخطر إراقة الدماء، مثل الاستقطاب السياسي المرتبط بقضايا العرق والهوية؛ ظهور الجماعات المسلّحة ذات الأجندات السياسية؛ فرص أعلى من المعتاد لترقُّب نتيجة متنازع عليها… في ظروف مشابهة، يمكن الانتخابات أن تصير خطيرة في حالة وجود قواعد دعم كبيرة وملتزمة لكلا المرشَّحَين. عوامل الخطر المشار إليها في ورقة «مجموعة الأزمات» موجودة في الولايات المتحدة، حيث لا يزال يُحتضن إرث العبودية والحرب الأهلية والفصل العنصري، وتوازياً يُقدَّس «التعديل الثاني» الذي يغرق البلاد بالسلاح المتفلّت. تجرى الانتخابات تحت سحابة وباء قاتل، وفي بلدٍ منقسم بشدّة تسيطر على ناخبيه مشاعر متشنّجة إلى درجة أن مبيعات الأسلحة النارية ارتفعت في بعض المناطق. وفي مؤشر إلى التوتّر السائد في أنحاء البلاد كافة عشيّة الانتخابات، تحصّنت متاجر عدّة في مدن أميركية مختلفة، من بينها نيويورك والعاصمة واشنطن، خشية تحوّل تظاهرات إلى أعمال شغب. وفي حال حصول معركة محتدمة وتأخُّر صدور النتائج أو تقاربها، يخشى البعض من خروج أنصار المرشَّحَين إلى الشوارع للمطالبة بإلغاء فوز الخصم. ويثير القلق بنفس القدر التهديد الجماعي الذي تشكّله الخلايا اليمينية المتطرّفة المسلحة، مثل الرجال الثلاثة عشر الذين تمّ اعتقالهم أخيراً بتهمة التآمر لاختطاف حاكمة ميشيغان الديموقراطية، غريتشين ويتمر. ويحتمل، بحسب الورقة، أن تُقدِم هذه المجموعات على تخويف الناخبين، وأن تثير المشاكل إذا كانت النتيجة محلّ خلاف، بنزولها إلى الشوارع، واصطدامها مع مجموعات تقدُّمية و/أو يسارية، ما يزيد من خطر إراقة الدماء. وسيتصاعد الصدام الذي يعطّل التصويت أو فرز الأصوات في حالة حاسمة بسرعة، ولا سيما إذا ادّعى ترامب النصر قبل اكتمال الإجراءات الرسمية ودعا مؤيديه للنزول إلى الشارع.
تجاوز السباق نحو البيت الأبيض مسألة الانتخابات إلى كونه مسألة وجودية
أحد أبرز التحديات التي يمكن أن تواجه الولايات المتحدة يتمثّل في رفض ترامب نتيجة الانتخابات في حال خسارته. تقول المجموعة إن ما يزيد من فرص حدوث أعمال عنف هو تركيز حملة ترامب على حصول تزوير في الانتخابات حال فوز خصمه، وهو ما اشتغل عليه الرئيس شخصياً على مدى أشهر، عبر تشكيكه المتكرِّر بطرق التصويت عبر البريد واحتمال إقدامه على الطعن بالنتيجة أمام القضاء الأميركي. من العوامل الإضافية التي تُغذّي هذا الاحتمال، غرق الولايات المتحدة بالأسلحة، وسجلّها السوداوي السابق في الحروب الأهلية، والقتل العشوائي، إضافة إلى الصراع العمّالي والعبودية وغيرها. تنامي حركات تفوّق البيض في عهد ترامب، وتزايد الظلم العنصري ضدّ السود ووحشية الشرطة، جميعها أسباب ترجّح إمكانيّة حدوث أعمال عنف، بحسب المجموعة التي تنوّه إلى أن الولايات المتحدة تعدُّ صاحبة أسوأ سجلّ بين الدول ذات الدخل المرتفع، من حيث عمليات القتل اليومية. هناك رأي يستبعد حدوث أعمال عنف، مستدلّاً بتوترات أشدّ حدثت في خلال انتخابات سابقة، ولم يلجأ فيها الطرفان إلى حمل السلاح. الإشارة هنا إلى انتخابات عام 2000، حين أوقفت المحكمة العليا عملية إعادة فرز الأصوات في ولاية فلوريدا، ومنحت الرئاسة لجورج دبليو بوش، وهو ما أثار جدلاً واسعاً، وسخطاً من قبل الديموقراطيين، إلا أنهم لم يلجأوا إلى العنف. الرأي هذا يدعو رؤساء الدول الأجنبية إلى التحلّي بالصبر والمسؤولية، وانتظار النتائج النهائية والإعلان الرسمي، قبل البدء في إرسال التهاني حتّى لا يحدث أيّ جدل (قد يحاول ترامب إعلان النصر مسبقاً في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، مدّعياً أن الأصوات التي تمّت جدولتها في ذلك اليوم هي فقط التي يجب أن تُحسب، والضغط على نظرائه الأجانب للاعتراف بنجاحه المزعوم). وهي مسؤولية تقع أيضاً على وسائل الإعلام المحسوبة على الطرفَين، والتي ينبغي عليها عدم إعلان الفائز المتوقَّع؛ لمنع حدوث أيّ بلبلة أو تشكيك، أو اتهامات بالتزوير.