هانز خليل
الحديث عن نشر الوهابيه والتطرف الديني في العالم كله في الواقع وليس فقط في عالمنا العربي بحاجة إلى موسوعة لشرح تفاصيله والإحاطة به والأسلوب الشيطاني المحترف الذي اعتمدوه وتريليونات البترودولار التي انفقوها وهي إنما تدل على أمرين اساسيٌن اثنين:
الأول: ان القصه لم تقتصر على خلق جهاديين متطرفين لمحاربة السوفييت في أفغانستان فحسب وإنما إلى خلق وحش آخر لأميركا لتبرير غزوها وحروبها واحتلالها وهيمنتها وسرقاتها لدول العالم؟. فهي اكثر من يعلم ان الاتحاد السوفيتي في نزعه الأخير وان حجة محاربة الشيوعية ونشر الديمقراطية ستسقط!.
الثاني: أن الحرافة المطلقه والاساليب الشيطانيه التي اتبعها آل سعود إنما يدل على أن هناك عقل شيطاني يقف خلفه لايملك منه آل تيوس شيئاً وان هناك مراكز ضخمه اُنشأت في المهلكه لهذه الغايه يديرها اختصاصيون في علم النفس السلوكي والسيطره على البشر!. هذا ليس تحليلاً مني بل معلومات من بعض المشايخ الحلبية الذين كانوا يتلقون دعوات من السعوديه للاقامه فيها من شهر رمضان حتى موسم الحج والمؤتمرات والندوات التي كانوا يُدعون اليها وفحواها واهدافها وهناك كتيبات كانت تصدر عنها اطلعت على الكثير منها!.
الأمر بدأ في مطلع السبعينات من القرن الماضي، كلنا يعلم ماكانت عليه سوريا ومصر على سبيل المثال في ذلك الوقت؟. الحجاب كان نادراً والتعايش بين مختلف الديانات والطوائف كان مقبولاً جداً والناس في معيشتها ومأكلها ولباسها بل حتى في اسمائها كانت متشابهة ولم تكن تميز المسيحي عن المسلم في شيء!. حتى السكن، كنت تجد عمارة او حي يقطنه مسلمون ومسيحيون معاً بل أننا في حلب مثلاً كنا نحتفل برأس السنة الميلاديه اكثر من المسيحيين!!.
هذا ماكان عليه الوضع باختصار شديد حتى قرر الاميركي إعادة تقسيم المنطقه كلها على أسس طائفية وعرقية فكان لابد من خلق الطائفيه فيها؟. هذا ليس تحليلاً بل هم من اعلنوه وافردوا له دراسات وأبحاث منذ الستينات!.
الأمر بدأ من المهلكه حيث مواسم الحج التي يجتمع فيها ملايين المسلمين من كل أصقاع الأرض!.
أسسوا لهذا مئات المطابع الضخمه لإعادة انتاج فكر ابن تيمية ولكن باسلوب احترافي!. بالمناسبه ابن تيمية كان مكروهاً حتى في عصره وحاججه علماء الدين وقتها امام والي مصر واعتبروا فتاواه خطراً على الامة فأمر والي مصر بحبسه ثم تشفع له البعض فأطلق سراحه لكن بشرط أن يرحل من مصر فرحل إلى دمشق وهناك سجنه واليها حتى مات في سجن القلعة بدمشق ودفن فيها ونسيه العالم حتى جاء من اخرجه من قبره وجدد فكره وفتاواه التي تقطر دماً في كل جملة فيها وهو يعتبر بحق شيخ الدم ولكنه بعد نشر فكره وفتاويه صار يُدعى شيخ الإسلام!!!.
الدعوى الجديدة للتطرف لم تبدأ بهذه الحده التي أضحت عليها بعد عشر سنوات وأكثر لأن طبيعة الإسلام في السبعينات كان في معظمه صوفياً متسامحاً وانسانياً إلى حد كبير، معظم اهل بلاد الشام كانوا على مذهب ابن عربي وفي مصر على المذهب الأشعري وفي تونس والمغرب على مذهب الرفاعي وجميعهم صوفيين ولذلك فإن محاولة ترويج أفكار ابن تيميه بشكل مباشر سيدعو للسخريه والعزوف عنه؟.
لأن هذا الموضوع حساس ومهم برأيي لذلك سأحاول تناوله بشيء من التفصيل لذلك لابد من تجزئته وللحديث بقيه.
كان من المفترض في هذا الجزء ان اتكلم عن اختراق السلطه الكبير الذي حصل!. ذلك الاختراق الذي كانت نتيجته في الحرب الحاليه على سوريا الى انشقاق شخصيات كبيره كعبد الحليم خدام الذي كان الذراع اليمنى للراحل حافظ الأسد وفي اعلى هرم السلطة طوال خمسين عاماً!!. ولكنني في الحقيقه امام خيارين، إما أن اموٌه بعض التفاصيل واتغافل عن الكثير وإما أن أتحدث عنها بكل صراحه وشفافيه كما افعل ولكن بهذه الصراحه سأقدم ماده دسمه جداً لفرسان مكافحة الفساد المضَللين وللحشرات الالكترونية؟!. كما ان لكل مقام مقال ولكل زمان خطاب فقد وجدت انه من الأفضل تأجيل هذا الحديث لزمن آخر!.
المصدر: هانز خليل
