الحدث
كلّا، لم تكن مؤامرة…
الأخبار-خالد الناصر
بغداد | لا يمكن مقارنة «ثورة تشرين»، التي انطلقت في الـ1 من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، بأيّ ثورة أو حراك شهده العراق الحديث أو الوطن العربي. ولا أبالغ في القول إنها شكّلت نموذجاً عالمياً فريداً، لأنها ببساطة كانت ثورة مختلفة بكلّ المقاييس. عادةً ما يرتبط مصطلح «الثورة» بحقبة الأنظمة الشمولية، لكن «الثورة»»، كمصطلح، يمكن وصفها بـ«الشمولية» فعلاً؛ فهي، في معناها الاصطلاحي، تنطلق من مفهوم التغيير الشامل. بكلّ تميّز وإبداع، استطاع «شباب تشرين» ابتكار نموذج ثوري جديد وفريد، ينطلق من عمق إيمانهم بالديمقراطية، ممزوجاً بفلسفة ثورية نبيلة، ترتكز على مبدأ التضحية الثورية من أجل القيم الديمقراطية.
هذا النموذج الفريد لم يولد محض صدفة، بل هو نتاج طبيعي لتربية وثقافة وإرث حسينيّ، امتزجت به مشاعر الشباب، فأصبح جزءاً من شخصيّاتهم. فقد تربّت هذه الأجيال (من الشباب الشيعي القاطن في وسط البلاد وجنوبها) على قصص وروايات جسّدت تضحيات الحسين وأهل بيته، ليأتي يوم وتستطيع فيه تطبيق نظرية «انتصار الدم على السيف»، بعدما كانت حبيسة الكتب والمجالس الحسينية فقط! كنا نراهم يتسابقون إلى الموت بصدورهم العارية، وهم يحملون رايات وصور الحسين، بل إن تلك المشاهد بدت وكأنها معركة طفٍّ حقيقية، بين خندق الحق الأعزل وبين خندق الباطل المدجّج بالسلاح والموت. هكذا، استطاع «شباب تشرين» أن يجعلوا كلّ العالم يشاهد معركة الطفّ ببثّ مباشر وحيّ.
إن الشبان العراقيين الذين خرجوا العام الماضي كانت أعمارهم في الغالب دون سنّ الـ25، أي إنهم جيل لم يعاصر أيّ حكم دكتاتوري في العراق، ولذلك فهو جيلٌ مختلف عن كلّ مَن سبقه. وهو ما تَجسّد في تبنّي قيم التظاهر السلمي، ورفض دعوات حمل السلاح، فضلاً عن استبعاد أيّ لافتة طائفية أو دينية أو عشائرية، لمصلحة لافتات المواطَنة والحقوق والدستور. كانت ثورة ديمقراطية بامتياز.
في المقابل، كانت الأحزاب والقوى السياسية تحافظ على القيم التقليدية نفسها، رافضة التخلّي عن منظورها المتمحور حول السلطة ومكاسبها. ولذا، فهي اعتقدت أن الثورة ستنتهي بمكاسب سياسية هنا وهناك، واستمرّت في عقد الصفقات وحياكة المؤامرات، واعتمدت على شراء الذمم وقمع الشعب وكيل التهم. كان همّ الطبقة السياسية صياغة الطريقة المثلى للالتفاف على الثورة وسرقة منجزاتها، تارةً عبر القمع، وأخرى من خلال الاتهامات والتخوين، وثالثة عن طريق تصدير أسماء بوصفها «خيارات الثورة». والحقيقة، أن كلّ ما قامت به هو احتيال على الشباب الثائرين لسرقة ثورتهم، وتضييع دمائهم، وركوب موجتهم.
قد يعتقد كثيرون أن «ثورة تشرين» قد انتهت، والحقيقة أنها شكّلت نقطة تحوّل عظيمة، واستطاعت أن تُوجد منظومة قيم جديدة تستحق الفخر والإيمان. إن «ثورة تشرين» لا تزال بذرة تنمو تحت التراب، وستشقّ سطح الأرض قريباً، بساقٍ قوية وأوراق زاهية وزهور جميلة، لتبدأ رحلة ذات أمد طويل من التغيير والنموّ. قيم «تشرين» تشرّبتها نفوس الشباب العراقيين، وكلّ جيل قادم سيكون أقوى «تشرينيّاً» من الجيل الذي قبله، وأكثر قدرةً على الإزاحة والتصدّي.
قيم «تشرين» هي قيم العراق الجديد.
هذا النموذج الفريد لم يولد محض صدفة، بل هو نتاج طبيعي لتربية وثقافة وإرث حسينيّ، امتزجت به مشاعر الشباب، فأصبح جزءاً من شخصيّاتهم. فقد تربّت هذه الأجيال (من الشباب الشيعي القاطن في وسط البلاد وجنوبها) على قصص وروايات جسّدت تضحيات الحسين وأهل بيته، ليأتي يوم وتستطيع فيه تطبيق نظرية «انتصار الدم على السيف»، بعدما كانت حبيسة الكتب والمجالس الحسينية فقط! كنا نراهم يتسابقون إلى الموت بصدورهم العارية، وهم يحملون رايات وصور الحسين، بل إن تلك المشاهد بدت وكأنها معركة طفٍّ حقيقية، بين خندق الحق الأعزل وبين خندق الباطل المدجّج بالسلاح والموت. هكذا، استطاع «شباب تشرين» أن يجعلوا كلّ العالم يشاهد معركة الطفّ ببثّ مباشر وحيّ.
إن الشبان العراقيين الذين خرجوا العام الماضي كانت أعمارهم في الغالب دون سنّ الـ25، أي إنهم جيل لم يعاصر أيّ حكم دكتاتوري في العراق، ولذلك فهو جيلٌ مختلف عن كلّ مَن سبقه. وهو ما تَجسّد في تبنّي قيم التظاهر السلمي، ورفض دعوات حمل السلاح، فضلاً عن استبعاد أيّ لافتة طائفية أو دينية أو عشائرية، لمصلحة لافتات المواطَنة والحقوق والدستور. كانت ثورة ديمقراطية بامتياز.
في المقابل، كانت الأحزاب والقوى السياسية تحافظ على القيم التقليدية نفسها، رافضة التخلّي عن منظورها المتمحور حول السلطة ومكاسبها. ولذا، فهي اعتقدت أن الثورة ستنتهي بمكاسب سياسية هنا وهناك، واستمرّت في عقد الصفقات وحياكة المؤامرات، واعتمدت على شراء الذمم وقمع الشعب وكيل التهم. كان همّ الطبقة السياسية صياغة الطريقة المثلى للالتفاف على الثورة وسرقة منجزاتها، تارةً عبر القمع، وأخرى من خلال الاتهامات والتخوين، وثالثة عن طريق تصدير أسماء بوصفها «خيارات الثورة». والحقيقة، أن كلّ ما قامت به هو احتيال على الشباب الثائرين لسرقة ثورتهم، وتضييع دمائهم، وركوب موجتهم.
قد يعتقد كثيرون أن «ثورة تشرين» قد انتهت، والحقيقة أنها شكّلت نقطة تحوّل عظيمة، واستطاعت أن تُوجد منظومة قيم جديدة تستحق الفخر والإيمان. إن «ثورة تشرين» لا تزال بذرة تنمو تحت التراب، وستشقّ سطح الأرض قريباً، بساقٍ قوية وأوراق زاهية وزهور جميلة، لتبدأ رحلة ذات أمد طويل من التغيير والنموّ. قيم «تشرين» تشرّبتها نفوس الشباب العراقيين، وكلّ جيل قادم سيكون أقوى «تشرينيّاً» من الجيل الذي قبله، وأكثر قدرةً على الإزاحة والتصدّي.
قيم «تشرين» هي قيم العراق الجديد.