الحدث

“شظايا” جنبلاط تجرحُ ولا تَقتل…

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

يُدرك رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أن ثمّة من يترصّد تصريحاته على الدوام لكي يشنّ عليه حملات متعدّدة الأوجه والمآرب بهدف ضرب مصداقيته أولاً وذلك من خلال محاولات التصويب على زعامته الوطنيّة والدرزية بشكل خاص، وثانياً بهدف هزّ علاقاته السياسية التي تجمعه مع أطراف وجهات سياسية، أسياسية في البلد. ولعلّ أبرز هؤلاء هو الوزير السابق وئام وهّاب الذي انتقد الزعيم الاشتراكي بعد انتقاده حلف “الممانعة” من بوابة ترسيم الحدود.

أمس الأول، انتقد جنبلاط ما أسماه “إجهاض” المبادرة الفرنسية من خلال تناغم “غريب” بين الخليج واميركا وايران، مستغرباً التناقض الواضح في سياسة الحلف “الممانع” الذي يتعاطى مع الامور على قاعدة “هنا مسموح التفاوض وهناك ممنوع”، منتقداً في الوقت عينه، غياب الخطط لمواجهة فيروس “كورونا”. ومن حيث يدري بالطبع، فقد أصابت “شظايا” جنبلاط، الرئيس برّي الذي يعتبر “عرّاب” إتفاق “الإطار” وأحد أبرز المتحمّسين له.

بالنسبة إلى وليد جنبلاط، الرجل ليس ممن يهوَون فتح معارك جانبية مع الخصوم، ولا من الذين يُفرّطون بسهولة بحلفائهم حتّى في عزّ إختلاف الرأي معهم، فكيف الحال إذا كان الرئيس برّي هو أحد أبرز هؤلاء الحلفاء؟ من هنا يوضح مقربون من جنبلاط أن مأخذه الأساسي ينطلق من قلّة المسؤولية التي تعاطى بها البعض مع المبادرة الفرنسية، في وقت كان فيه لبنان وما يزال، أحوج إلى بارقة أمل تنتشله من وضعه، من خلال حكومة اختصاصيين تُعيد للبنانيين ما فقدوه طيلة السنوات الماضية.

كما أن انتقادات جنبلاط بحسب هؤلاء المقربين، لا تنصبّ فقط على “الثنائي الشيعي” فحسب، بل هي تصل أيضاً إلى ما يُسمّى بـ”نادي رؤساء الحكومة السابقين” الذي كان لهم نصيب وافر في عملية تعطيل المبادرة من خلال محاولتهم احتكار عملية التأليف سواء في الأسماء أو الحقائب، حتّى بدَوا وكأنهم يُزايدون على “الممانعة” في التعطيل والإلتفاف على المبادرة الفرنسية.

من الطبيعي أن يتسلّل الى ذهن جنبلاط السؤال حول كيفية ضرب “الممانعة” للمبادرة الفرنسية وفي الوقت نفسه تمنح الأميركي ورقة انتخابية للإستفادة منها في الداخل، مما أظهر بشكل واضح حجم التواطؤ والمصالح بين الطرفين. وهذا برأي المصادر المقربة من زعيم الجبل، أن علينا إنتظار مبادرة جديدة بين الأميركي والإيراني، أو تسوية سياسية في المنطقة تكون الحكومة في لبنان جزء أساسي فيها.

أمّا السؤال حول فرضية تعكير العلاقة بين جنبلاط وبري اثر انتقاد الأول لعملية الترسيم، تشدد المصادر على أن العلاقة بين الرجلين متينة ولا يُمكن أن يُعكرها لا موقف سياسي، ولا حتّى محاولات البعض الاصطياد بالماء العكر. لكن هذا التأكيد، لا يُلغي أو لا ينفي بحسب المصادر بأن حجم التغيير الذي حصل في البلد بفعل الوباء وغلاء المعيشة، وغياب بوادر حلول للأزمة الحكومية، قد أعاد إلى حد ما خلط التحالفات عند جميع الأطراف السياسية. وقد لاحظنا غياب آلية التنسيق والقرارات الموحدة لدى الجميع سواء عند طرح المبادرة الفرنسية، وأيضاً عند التنكّر لها ومحاولة ضربها.

برأي المصادر أن ما يُميّز جنبلاط وحزبه عن البقيّة اليوم، أنه الوحيد الذي يتمتّع باستقلالية في القرارات، فلا “ذقن ممشطة” عنده، عندما يتعلّق الأمر بمصير البلد، وهو الذي لم يتردّ للحظة واحدة في التعبير عن رأيه القائل “لبنان محتل، ولا ثقة بالعصابة الحاكمة”. ووسط الغيوم المُلبّدة التي تُحيط بلبنان من كل جهة، يكاد جنبلاط أن يكون الوحيد الذي يواصل تعهداته في هذه الظروف الحالكة، أبرزها: العمل على تأمين الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي من القمح والمازوت لأبناء منطقته أولاً، وما استطاع الوصول اليه ثانياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى