كتاب مفتوح الى فخامة الرئيس ايمانويل ماكرون
فادي عبود-الجمهورية
نتابع تصريحاتكم ومبادراتكم في سبيل مساعدة لبنان في الخروج من أزمته الحادّة، ونقدّر جداً موقفكم، اذ أنّه وعلى رغم من اننا خيبنّاكم وأحبطنا المبادرة الأولى، إلاّ انكم لم تقرّروا التخلّي عن لبنان وتركنا نتخبّط في مصائبنا، بل على العكس صمّمتم على البقاء لمساعدة لبنان واللبنانيين.
نحن نؤمن بأهمية الدور الفرنسي في لبنان، وهو دور معتدل، حضاري ومنفتح، كذلك نؤمن أنكم تحرصون على مصلحة لبنان وشعبه، فقد ساعدت فرنسا لبنان وبقية دول المنطقة تاريخياً وما زالت، فتاريخها معروف باحترام حقوق الإنسان وتكريس أسس الديموقراطية، ومجدّداً تملك فرنسا اليوم فرصة تاريخية لتلعب دوراً أكثر وضوحاً وأكثر تأثيراً وفاعلية من ذي قبل، فتكون الوسيط الذي يجمع التناقضات ويقرّب الاطراف محلياً واقليمياً للوصول الى اتفاقات شاملة تعيد الاستقرار الى المنطقة والى لبنان.
سيدي الرئيس،
إنكم تدركون تماماً أنّ أسباب إنهيارنا المدوّي هو الفساد، وقد ذكرتم ذلك مراراً، كما تعرفون انّ الجميع ينادي بمحاربة الفساد، إلاّ انّ التقدّم في هذا المجال ما زال حتى الساعة غائباً. وقد ذكرتم في وضوح، انّ من دون اصلاحات لن نستطيع تغيير الواقع، ولن نحصل على اي مساعدة دولية، بعد أن فُقدت الثقة بالسلطة الحاكمة.
سيدي الرئيس، لا أمل بمحاربة الفساد وباستعادة الثقة من دون شفافية مطلقة وهذا إقتناعنا، اما اذا كان مطلبنا للشفافية المطلقة خاطئاً، فأرجو ارشادنا الى مكمن الخطأ.
والمؤسف، انّ مستوى الشفافية في لبنان منعدم، وسيزداد الواقع سوءاً بسبب القانون الحالي، وهو قانون مشّوه يوهم بالشفافية، أي قانون الحق في الوصول الى المعلومات.
انطلاقاً من ذلك، إنّ افضل مساعدة يمكن ان تقدّموها، سيدى الرئيس، الى لبنان واللبنانيين، هو ان تفرضوا على الزعماء اللبنانيين والقوى السياسية الموجودة، أن يقرّوا وينفّذوا قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة. واختصر هذا القانون بإيجاز: عندما يُطبّق هذا القانون، يُصبح بمتناول كل شخص ان يدخل الى دفاتر وبيانات كل وزارة وادارة عامة، ويعرف كيف يدخل كل قرش وكيف يُصرف.
في ظلّ هذا القانون يصبح الهدر والسرقة وغيرهما من أشكال الفساد اصعب بكثير، وبواسطته سنكتشف كيف نستطيع إصلاح الوزارات والمؤسسات العامة المختلفة وتغيير الإجراءات الادارية التي تؤخّر تنافسية لبنان ونموه.
نناشدكم إقرار هذا المطلب، لإدراكنا انكم تملكون الفرصة التاريخية اليوم من خلال موقعكم، لفرض هذا القانون على الجميع، ومن خلال التجاوب مع مطلبكم تستطيعون ان تكتشفوا من يريد الإصلاح في لبنان ومن يرفضه.
لا ترضوا ان يحظى لبنان بأي مساعدات وقروض جديدة ما لم يتمّ تطبيق هذا القانون جدياً، لأننا مؤمنون انّ لبنان بلد غني تمّ نهبه على مدى سنوات. أعطنا سيدي الرئيس اداة الشفافية لنوقف مسلسل النهب والفساد في وطننا.
ونكرّر، كما في كل مرّة، اذا كان مطلب الشفافية خاطئاً وغير مقبول، نتمنى سيدي الرئيس ان يشرحوا لكم أين الخطأ في اعتماد الشفافية، وأن تحصلوا على أجوبة واضحة حول أسباب رفض إقرار الشفافية المطلقة في لبنان.