رياض سلامة، المشتبه فيه في لبنان وسويسرا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وغيرها من الدول، بجرائم اختلاس الأموال وتبييضها، قرر إجراء التحقيق مع نفسه بنفسه، وتكليف شركة تدقيقٍ الكشف على حساباته، وإصدار حُكم البراءة بحق نفسه.
فقد أصدر حاكم مصرف لبنان، أمس، بياناً أكّد فيه أنه طلب «من مكتب تدقيق معروف، ومن الدرجة الأولى، التدقيق في العمليات والاستثمارات التي كانت موضوع تكهّنات إعلامية متوالية». ولم يفت سلامة الجزم بأن «مكتب التدقيق أجرى مهمته وفقاً للمعايير الدولية». تلك المعايير التي أعفى سلامة المصارف اللبنانية من وجوب اعتمادها، خشية انكشاف حقيقة أوضاعها في العالم، وبالتالي، وقف تعامل القطاع المصرفي الخارجي معها، كونها تقنياً وواقعياً، «مفلسة» بمعظمها.
خلاصة بيان رياض سلامة أنه لم يرتكب أيّ خطأ، بشهادة شركة تدقيق لم يعلن اسمها. وقد تناول فيه:
1ــــ شركة «فوري» التي أدّى العقد الموقّع معها من قبَل مصرف لبنان (نهاية عام 2001) إلى الاشتباه في سلامة وشقيقه رجا، من قبَل النيابة العامة السويسرية، ولاحقاً من النيابات العامة في عدد من الدول (بينها لبنان)، بجرم اختلاس الأموال وتبييضها.
2ــــ عدد من القضايا الجانبية المثارة بشأن أدائه في مصرف لبنان.
3ــــ ثروته الشخصية.
في النقطة الأولى، أكّد سلامة أن شركة «فوري» لم تتقاضَ أموالاً من مصرف لبنان، بل من أطراف أخرى كانت تدفع الأموال في حسابات في المصرف المركزي، ثم يجري تحويل هذه الأموال إلى شركة «فوري».
في الثانية، أكد وجود مستندات لديه تجزم بأنه لم يرتكب مخالفات.

أما في النقطة الثالثة، فأكّد سلامة أن ثروته الشخصية عائدة إلى عمله السابق لتولّيه حاكمية مصرف لبنان، حين كان راتبه السنوي في شركة «ميريل لينش» يصل الى نحو مليونَي دولار سنوياً. وأنه جمع ثروة تُقدَّر بنحو 23 مليون دولار، إضافة إلى أصول أخرى ورثها عن عائلته، وأنه كلّف أشخاصاً بإدارتها. وهؤلاء ــــ بحسب بيان حاكم مصرف لبنان ــــ استثمروا ثروته «بشكل حكيم ولقد نمت بشكل كبير خلال مدة 28 سنة. لقد سمحت لي بامتلاك موجوداتي».
وقال سلامة إن شركة التدقيق أثبتت أن استثماراته الخاصة مصدرها ثروته الشخصية لا أموال مصرف لبنان، وكذلك حساباته المصرفية. وختم بيانه بأنه «أصبح معبّراً وجلياً أنه في حين أنني أستند إلى أرقام وإثباتات مستندية دقيقة، فإنّ تكهنات غير ثابتة حول ثروتي تروج في وسائل الإعلام من قبل خصومي. ولكن في الحقيقة، إن الإثباتات تستند إلى وقائع لا إلى تكهّنات. ومن بين هذه الإثباتات، سيقدّم التقرير المعدّ من مكتب التدقيق إلى السلطات القضائية وأشخاص آخرين عند الاقتضاء».
في الشكل، اللافت أن بيان سلامة، في قضية تخصّه شخصياً، صدر عن مصرف لبنان لا عن وكيله القانوني. أما في المضمون، فقد تولّى سلامة بنفسه التدقيق في قضية معروضة على القضاء، لا من زاوية ترتيب أوراقه للدفاع عن نفسه. فحتى اليوم، لا يزال القضاء، في لبنان كما في سويسرا، ممنوعاً من الحصول على الكثير من المعلومات الخاصة بسلامة أو بشقيقه رجا، بذريعة السرية المصرفية، كما بذريعة أن التحقيقات كافةً المتصلة بالحسابات المصرفية تتولّاها هيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها سلامة نفسه، وسط مساعٍ واضحة لمنع القضاء من تولّي المهمة بنفسه.