منذ عدة سنوات تغرق هذه البلدية بازمات متلاحقة، بل وتغرق في خلافات على خلفيات سياسية في معظمها، وشهدت انقلابات داخلية متعددة على رؤسائها الذين تعاقبوا وصولا الى الرئيس الحالي الدكتور رياض يمق، المحاصر حاليا من مجموعة اعضاء يرفضون عقد المجلس البلدي ويطالبون باستقالته، لاسباب عديدة ظاهرها اداري وخفاياها سياسية، كون المجلس الحالي يتألف من فسيفساء سياسية ادت الى عرقلة مشاريع ووضع العصي في الدواليب، وصولا الى الوضع الراهن الذي دفع برئيس البلدية يمق الى اعلان التوقف التام عن تأدية الخدمات البلدية، لا سيما توقف الورش والآليات عن العمل، اثر تعثر وتعسر تحويل المستحقات البلدية من الصندوق البلدي المستقل، مما ادى الى نفاد كميات المازوت وحاجيات تشغيل الآليات وغيرها.

قد تكون حجة رئيس البلدية تلك محقة، الا ان الخلافات بين اعضاء المجلس البلدي، والذي تحول الى جبهات داخلية تتصارع، نتج عنه اداء رديء حيال مرافق مدينة هي عاصمة الشمال، والعاصمة اللبنانية الثانية، ومركز استقطاب لجميع ابناء الشمال.

وهذا الاداء السيىء في العمل البلدي، كان احد اسباب تردي المرافق العامة في المدينة التي توسعت فيها بقع الفوضى الاجتماعية والاقتصادية والامنية والمعيشية، الى درجة عجز فيها المجلس البلدي عن فرض حلول لازمات الكهرباء والمياه والطرقات، ومواجهة مافيا المولدات ومتابعة الابنية الآيلة للسقوط الى أن وقعت مأساة مبنى ضهر المغر.

والاكثر غرابة وفق المتابعين، انه حين تعرض المبنى البلدي الى اعتداء متعمد وحرقه، اندفع سفراء عرب واجانب، واخذوا على عاتقهم ترميم المبنى وتأهيله، ومنذ سنتين بقيت وعود المسؤولين السياسيين والسفراء حبرا على ورق..والمبنى الاثري المحروق شاهد على همجية المعتدين.

وامس الاول، فاجأ يمق، في لقاء عقده مع مسؤولي دائرة المجاري وورش الطوارئ في مكتبه بالقصر البلدي، الاعلان عن ” اعادة عمل الاليات والورش، بعد ان تبرع فاعل خير بالمواد الأساسية والمحروقات، للأمور الطارئة والضرورية فقط فقط لخدمة اهل وسكان طرابلس”.

وناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلف ابن طرابلس ايجاد حل لتسيير العمل البلدي، وتمكين عمال وموظفي بلدية طرابلس من مواصلة اعمالهم، كالمعتاد خدمة لأهالي وسكان طرابلس”.

وبحسب اوساط طرابلسية، انه لولا تبرع “فاعل خير” الذي لم يشأ ذكر اسمه، فان البلدية الاكبر في لبنان بعد بلدية بيروت، كانت قد دخلت بمرحلة الشلل التام، وقد بدأت تتراكم النفايات في الشوارع، ورغم ذلك فان النداءات التي دأب رئيس البلدية توجيهها الى ميقاتي، والى وزير الداخلية القاضي مولوي والى محافظ الشمال لم تلق تجاوبا، لا سيما في ما يتعلق بالمستحقات البلدية، وقد رفض يمق الانصياع لاصوات طالبته بالاستقالة، رغم ان العد العكسي لاجراء انتخابات بلدية في أيار ٢٠٢٣ قد بدأ.

وحدها مدينة طرابلس واهلها تدفع ثمن الشلل البلدي، ووحدهم اهل المدينة ضحايا عجز البلدية وغياب الانماء البلدي الذي حوّل طرابلس الى مدينة مشلولة محرومة ومهمشة جراء صراعات داخل المجلس البلدي والتنافس المتواصل بين افرقاء المجلس.