الوجه الآخر للحرب في غزة .. كارثة الإبادة البيئية التي دمرت فيها “إسرائيل” مستقبل أجيال من الفلسطينيين

ولا تقتصر آثار الكارثة البيئية التي تسببت بها آلة الحرب الإسرائيلية على الحاضر فقط، بل تمتد لتشكل خطراً مستقبلياً على الأجيال القادمة، حيث تم تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وتلويث الموارد المائية وتدمير النظم البيئية والتنوع البيولوجي، وتعريض السكان لمستويات غير مسبوقة من التلوث البيئي والصحي وانتشار الأمراض المعدية.
ويستخدم معهد القانون الأوروبي مصطلح “الإبادة البيئية” كاختصار للتدمير البيئي، والذي يعني “تدمير البيئة وإتلافها بأي ثمن”. وتم طرح هذا المصطلح أول مرة من قبل أستاذ علم الأحياء الأمريكي آرثر دبليو جالستون أثناء حرب فيتنام، حيث قام الجيش الأمريكي باستخدام مبيدات أعشاب قاتلة مثل “العامل البرتقالي” Agent Orange لتدمير النباتات والمحاصيل في فيتنام، كجزء من “برنامج الحرب السامة”، أو عملية “رانش هاند” ما بين عامي 1962 و1971 لإخضاع السكان. وهو ما تسبب لاحقاً بكارثة صحية مرعبة، حيث بلغت أعداد القتلى أو المشوهين 400 ألف إنسان بحسب السلطات الفييتنامية، إضافة إلى 500 ألف من الأطفال ممّن ولدوا بعيوب خَلْقية على مدار العقود التالية.
ما حجم الإبادة البيئية التي ارتكبتها “إسرائيل” في غزة؟
تقول صحيفة “الغارديان” البريطانية إن بساتين الزيتون والمزارع في غزة تحولت إلى مجرد تراب سام، حيث تلوثت التربة والمياه الجوفية بالذخائر والسموم؛ وأصبح البحر يختنق بمياه الصرف الصحي والنفايات؛ وأصبح الهواء ملوثاً بالدخان والجسيمات الدقيقة المسببة لمختلف أنواع الأمراض.
وبحسب الصحيفة البريطانية، يقول الباحثون والمنظمات البيئية إن الدمار سيخلف آثاراً هائلة على النظم البيئية والتنوع البيولوجي في غزة. وقد أدى حجم الضرر والتأثير المحتمل على المدى الطويل إلى اعتبار ما حدث في غزة “إبادة بيئية” والتحقيق فيه باعتباره جريمة حرب محتملة.
واستخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية لتوثيق عملية إبادة بيئية متكررة قام بها الجيش الإسرائيلي في مواقع متعددة بغزة. وبعد الأضرار الأولية الناجمة عن القصف الجوي في الأسابيع الأولى من الحرب، وصلت القوات البرية الإسرائيلية وفككت البيوت البلاستيكية للزراعة بالكامل، في حين اقتلعت الجرارات والدبابات والمركبات البساتين وحقول المحاصيل ودمرتها. ويقول أحد الباحثين للصحيفة: “ما تبقى هو الدمار، منطقة لم تعد صالحة للسكن”.
ولتقييم حجم الإبادة البيئية الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية على موارد المياه والأراضي الزراعية والمناطق السكنية في غزة، التقت وكالة الأناضول أميرة عكر، الخبيرة البيئية من جامعة بوسطن، والبروفيسور ليزلي لندن، من جامعة كيب تاون، والدكتورة أحلام أبو عوض من قسم علم الأوبئة في كلية جيزيل للطب بجامعة دارتموث. والذين أكدوا على أن ما تعرضت له غزة خلال الحرب هو “إبادة بيئية” ستؤثر على أجيال من الفلسطينيين بعدما دمّرت “إسرائيل” مساحات عيش الأجيال القادمة.
ويقول خبراء وباحثون أعدوا دراسات حول الإبادة البيئية في غزة خلال الحرب، إن المواطنين بقطاع غزة يعتمدون اقتصادياً بشكل كبير على الأنشطة الزراعية، وأن 70% من تلك الأراضي قد دُمرت. ولفتوا إلى أن استخدام الفوسفور الأبيض خلال الهجمات التي شنتها “إسرائيل” يجعل الأنشطة الزراعية المستقبلية مستحيلة في المنطقة.
وبدعم أمريكي ارتكبت “إسرائيل” بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، حرب إبادة جماعية بقطاع غزة خلّفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
تشير الباحثة والأكاديمية أميرة عكر، إلى أن الدمار البيئي في غزة يتوافق مع تعريف “الإبادة البيئية”. وقالت: “تُعرف الإبادة البيئية بأنها أفعال غير قانونية أو متعمدة يتم ارتكابها مع العلم بأنها قد تسبب أضرارا جسيمة أو واسعة النطاق أو طويلة الأمد للبيئة. ونرى حالياً في غزة تدميراً هائلاً لعناصر بيئية مختلفة، وهذا يختلف عن الأضرار البيئية المعتادة في النزاعات المسلحة”.
وذكرت عكر أن البنية التحتية للمياه والآبار دُمرت في غزة والأشجار اقتُلعت، مضيفة: “بسبب استخدام الفوسفور الأبيض ستصبح أي أنشطة زراعية مستقبلية مستحيلة لأن طبقات التربة تضررت بسبب القنابل والفوسفور الأبيض”.
*عربي بوست
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2025-02-09 08:29:54
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي