بداية الحرب التجارية لترامب: ما الذي سيحدث لكندا، المكسيك والصين وما هي الفوائد التي ستعود على الولايات المتحدة؟

لقد أكد دونالد ترامب منذ وقت طويل على ضرورة تقليص العجز التجاري، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة تهريب المخدرات، خصوصاً الفنتانيل، من خلال تطبيق سياسات تجارية. بناءً على ذلك، استند إلى قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA) وفرض تعريفات بنسبة 25٪ على جميع السلع الواردة من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى تعريفات بنسبة 10٪ على السلع الصينية. كما فرض تعريفات بنسبة 10٪ على واردات النفط والغاز الطبيعي من كندا.
تدعي إدارة ترامب أن هذه التعريفات ستحمي الصناعات والإنتاج الوطني الأمريكي، وتقليل الاعتماد على السلع الأجنبية، وزيادة الأمن القومي من خلال تقليل الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.
ومع ذلك، يعبّر الخبراء الاقتصاديون والقادة العالميون عن قلقهم حيال تبعات هذا القرار، بما في ذلك تعطيل سلاسل التوريد، وإلغاء مئات الآلاف من فرص العمل، وزيادة التضخم، وهي تبعات ستؤثر أيضاً على الاقتصاد الأمريكي.
كيف ستؤثر التعريفات على الولايات المتحدة؟
تقريباً نصف إجمالي السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، التي تتجاوز قيمتها 1.3 تريليون دولار، تأتي من كندا والصين والمكسيك. ومع ذلك، تشير تحليلات بلومبرغ إلى أن التعريفات الجديدة قد تؤدي إلى تقليص إجمالي الواردات الأمريكية بنسبة تصل إلى 15٪. بينما تقدّر مؤسسة “The Tax Foundation” في واشنطن أن هذه التعريفات قد تولد إيرادات ضريبية إضافية لحكومة الولايات المتحدة تقدر بنحو 100 مليار دولار سنوياً.
ستتأثر بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير، مثل قطاعات السيارات والطاقة والمواد الغذائية. يمكن أن يرتفع سعر البنزين بنسبة تصل إلى 50 سنتاً للغالون في غرب الولايات المتحدة، حيث تقوم كندا والمكسيك بتوريد أكثر من 70٪ من النفط الخام الذي يتم تكريره في مصافي الولايات المتحدة. كما أن السيارات والمركبات الأخرى ستكون في خطر، حيث تستورد الولايات المتحدة تقريباً نصف قطع السيارات من جيرانها الشماليين والجنوبين.
ستؤدي التعريفات بنسبة 25٪ على الواردات من كندا والمكسيك إلى زيادة تكاليف إنتاج شركات صناعة السيارات الأمريكية، مما قد يزيد سعر بعض السيارات التي تباع في الولايات المتحدة بنحو 3 آلاف دولار. كما قد ترتفع تكاليف المواد الغذائية، حيث توفر المكسيك أكثر من 60٪ من الخضروات ونصف الفواكه والمكسرات المستوردة إلى الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تعتبر الولايات المتحدة أقل اعتماداً على التجارة مقارنة مع العديد من الاقتصادات الصناعية الأخرى مثل ألمانيا واليابان وبريطانيا. تشكل الواردات والصادرات ربع الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي فقط، كما أن الولايات المتحدة تستورد من مجموعة واسعة من البلدان.
وفقاً لتقييم مؤسسة “The Tax Foundation”، قد تؤدي هذه التعريفات إلى تقليص الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.4٪ وزيادة تكلفة المعيشة السنوية للأسر الأمريكية المتوسطة بمقدار يصل إلى 830 دولاراً سنوياً.
ماذا سيحدث لكندا والمكسيك؟
ستكون تأثيرات التعريفات على اقتصاد كندا والمكسيك أكثر حدة، حيث تشكل التجارة نحو 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي لكل من البلدين.
تتعلق كندا والمكسيك بشكل خاص بالتجارة مع الولايات المتحدة، حيث يتم تصدير أكثر من 80٪ من صادرات المكسيك، بما في ذلك السيارات، الآلات، الفواكه، الخضروات والمعدات الطبية إلى جارتها الشمالية التي تشكل 15٪ فقط من إجمالي واردات الولايات المتحدة. هذا الاعتماد واضح بشكل خاص في الولايات الشمالية للمكسيك، حيث تنتج وتزود هذه الولايات نصف صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة، ويتم تصدير أكثر من 200 مليار دولار من أجهزة الكمبيوتر، الأجهزة الإلكترونية، معدات النقل وغيرها إلى الولايات المتحدة.
وفقاً لتقديرات بلومبرغ، قد تؤدي التعريفات بنسبة 25٪ إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي للمكسيك بنسبة تصل إلى 16٪، مما يسبب أضراراً جسيمة لصناعة السيارات في البلاد. تصدر المكسيك حوالي 80٪ من سياراتها إلى الولايات المتحدة، والتي تصل إلى حوالي 2.5 مليون سيارة سنوياً. كما أن الولايات المتحدة تستورد حوالي 60٪ من صادرات النفط المكسيكي. في الوقت نفسه، تُعد المكسيك الوجهة الرئيسية لصادرات النفط المكرر من الولايات المتحدة، التي تلبي أكثر من 70٪ من الطلب المحلي في المكسيك. من المحتمل أن تؤدي التعريفات الأمريكية إلى رفع أسعار الوقود، مما يزيد الضغط على اقتصاد المكسيك.
ستواجه كندا أيضاً تحديات مماثلة. تشتري الولايات المتحدة أكثر من 70٪ من السلع الكندية المصدرة، التي تمثل 14٪ فقط من إجمالي واردات الولايات المتحدة. وفقاً للتعريفات الجديدة، سيتأثر قطاع الطاقة الكندي بشكل كبير، حيث أن 80٪ من صادرات النفط الكندي يتم إرسالها إلى جارتها الجنوبية.
ومع ذلك، فإن انخفاض قيمة البيزو المكسيكي بنسبة تقارب 30٪ منذ أبريل، وانخفاض قيمة الدولار الكندي بنسبة 8٪ منذ سبتمبر، قد يقلل من تأثير زيادة التعريفات الجمركية.
ما مدى تأثير ذلك على الصين؟
الاقتصاد الصيني مقارنة بكندا والمكسيك أقل اعتماداً على الولايات المتحدة، وبشكل عام أقل اعتماداً على التجارة بشكل عام. على مدى العقدين الماضيين، قلصت الصين بشكل مستمر من نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث تمثل التجارة حالياً حوالي 37٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين، بينما كانت هذه النسبة تتجاوز 60٪ في أوائل العقد 2000.
في السنوات الأخيرة، انخفضت التجارة بين الولايات المتحدة والصين، خاصة في القطاعات التي تشمل التعريفات الجمركية السابقة وقيود الصادرات، مثل قطع غيار السيارات، الخوادم، الأثاث، والشرائح الإلكترونية. بدلاً من ذلك، زادت الصين من تجارتها مع شركائها التجاريين الآخرين، مثل الاتحاد الأوروبي والمكسيك وفيتنام، مما جعل حصتها في التجارة العالمية تزيد بحوالي 4٪ مقارنة بعام 2016، عندما تولى دونالد ترامب الرئاسة لأول مرة.
بشكل عام، فإن هذه العوامل ستقلل من تأثير فرض التعريفات الجمركية بنسبة 10٪ على صادرات الصين إلى الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تراجع اليوان مقابل الدولار الأمريكي يقلل من تأثير قرارات ترامب على المنتجين الصينيين، مما يساعد على زيادة صادراتهم إلى دول أخرى في العالم.
كيف ستؤثر التعريفات الانتقامية على الاقتصاد الأمريكي؟
سوف تتخذ كندا، الصين والمكسيك ردوداً مماثلة من خلال فرض تعريفات جديدة على السلع الواردة من الولايات المتحدة.
قال رئيس وزراء كندا جاستن ترودو يوم السبت إن كندا سترد على الإجراءات التجارية الأمريكية بفرض تعريفات بنسبة 25٪ على سلع أمريكية بقيمة 106 مليار دولار.
كما أعلنت الصين يوم الأحد أنها ستتخذ “إجراءات مضادة لحماية حقوقها ومصالحها بقوة.”
من جهة أخرى، تعتزم المكسيك زيادة التعريفات على الواردات الأمريكية، بما في ذلك اللحوم، الجبن، المنتجات الطازجة، وكذلك الفولاذ والألومنيوم من 5٪ إلى 20٪.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي ترد فيها هذه البلدان على السلع الأمريكية. في عام 2018، فرضت المكسيك وكندا تعريفات مضادة على أكثر من 15 مليار دولار من السلع الأمريكية، بما في ذلك الفولاذ، اللحوم، ومنتجات الألبان، بعد فرض ترامب لتعريفات على فولاذ وألومنيوم إنتاجهما.
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2025-02-03 01:59:41
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي