طالبان وباكستان؛ هل تحريك طالبان باكستان هو المشكلة؟
وأعقبت الغارات الجوية الباكستانية ردة فعل عنيفة من طالبان، التي اعتبرت وزارة دفاعها، هذه الغارات الجوية بانها اعتداء سافر على الأراضي الأفغانية وتوعدت بالا تمر هذه الغارات من دون رد. كما استدعت وزارة خارجية طالبان سفير باكستان لدى كابل وسلمته رسالة احتجاجية شديدة اللهجة.
وكانت وسائل الإعلام الأفغانية قد تحدثت خلال الأيام الأخيرة عن اندلاع اشتباكات في المناطق الحدودية بولايتي خوست وبكتيا جنوبي شرق البلاد.
وقالت وزارة دفاع طالبان يوم الاحد أنها استهدفت في إجراء ثأري، الجانب الاخر من خط ديورند.
ومن دون أن تأتي على ذكر الجيش والمواقع العسكرية الباكستانية، قالت وزارة دفاع طالبان أنها استهدفت “معاقل ومخابئ العناصر الشريرة وحماتهم والتي كانت الهجمات على أفغانستان يُخطط لها من هناك.”
وأكد الجيش الباكستاني في بيان هجوم المسلحين على مناطق ديورند الحدودية وقال إن “مجموعة فتنة الخوارج” ويقصد بذلك جماعة تحريك طالبان باكستان، استخدمت المواقع الحدودية لأفغانستان كمنطلق لاختراق الأراضي الباكستانية.
وقالت السلطات العسكرية الباكستانية أنها أرغمت طالبان باكستان على الانسحاب من ستة مخافر حدودية.
“تي تي بي” خط أحمر بالنسبة لباكستان
ووصف الممثل الباكستاني السابق إلى أفغانستان أصف دراني، الاشتباكات الحدودية بين طالبان وباكستان بانها “مؤسفة” وقال أن طالبان يجب أن تأخذ الدروس والعبر منها.
وقال دراني في منشور على منصة “إكس”: إن تي تي بي هي خط أحمر وأنه من غير المسموح لأحد تجاوزه.
وترى سلطات اسلام اباد أن شبه العسكريين الباكستانيين بمن فيهم أعضاء تحريك طالبان (تي تي بي) ينتشرون داخل الأراضي الأفغانية وتحت سيادة طالبان، ويخططون من هناك لشن هجمات على باكستان.
وطالبت الحكومة الباكستانية، مرارا طالبان أفغانستان بالتحرك ضد “تي تي بي” لكن وكما تقول السلطات الباكستانية، أن طالبان لم تبد لحد الان اهتماما بمطالب اسلام اباد.
وقال المدير العام للعلاقات العامة للجيش الباكستاني الجنرال أحمد شريف جودري في مؤتمر صحفي يوم الجمعة أنه “على الرغم من التحذيرات المتكررة لطالبان، فان المجموعات الإرهابية والمتمردين، ما يزالون يستخدمن الأراضي الأفغانية لتنفيذ هجمات على باكستان.”
واضاف جودري: “إننا حاسمون في قرارنا للقضاء على هذه المخابئ وحماية الشعب الباكستاني.”
واتهم حكومة طالبان بعدم التحرك الحاسم ضد المجموعات الإرهابية بما فيها المجموعات المنضوية تحت تحريك طالبان باكستان وقال “إن القرائن تشير إلى وجود الملاجئ الإرهابية في أفغانستان.”
أما طالبان، فهي تنكر وجود المجموعات الإرهابية بما فيها طالبان باكستان على الأراضي الأفغانية وتقول أن المجموعات “الشريرة” بما فيها داعش، تنتشر داخل الأراضي الباكستانية.
وقالت وكالة أنباء “باختر” الخاضعة لسلطة طالبان في تقرير “إن باكستان يجب أن تمنع أنشطة العناصر الشريرة داخل أراضيها.”
وأضافت أن ثمة أنشطة للعناصر الشريرة شوهدت في الآونة الأخيرة في منطقة مستونغ ببلوشستان وبعض المناطق الأخرى الخاضعة لسلطة اسلام اباد، وهذه العناصر تسعى لإرباك الأمن في أفغانستان والمنطقة والعالم.
وفي وقت سابق، كان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قد قال أن قادة وأعضاء فرع داعش خراسان ، انتقلوا بمساعدة من بعض الأجهزة الاستخباراتية إلى بلوشستان وخيبر بتخنونخوا بباكستان، ويقيمون هناك معسكرات تدريب.
وقال مجاهد أن التحقيقات التي أجريت بشأن هجمات داعش في أفغانستان تظهر أن الضالعين في هذه الهجمات جاؤوا من مستونغ بلوشستان الباكسانية.
وتابعت وكالة أنباء “باختر” في تقريرها أن على العالم أن يمارس الضغط على اسلام اباد وألا يسمح بان تقوم “العناصر الشريرة” بتعريض الأمن الدولي للخطر.
في حين أن باكستان تدعو الدول الأخرى للضغط على طالبان للتحرك ضد طالبان باكستان وسائر الجماعات. كما أن الدول والأمم المتحدة تعبر عن هواجسها من التهديدات الصادرة عن المجموعات الإرهابية المنتشرة في أفغانستان.
غارات جوية بالتزامن مع المحادثات
وبينما أغار الجيش الباكستاني على مناطق في مدينة برمل بولاية بكتيا، حيث كان ممثل باكستان الخاص لشؤون أفغانستان محمد صادق في زيارة لكابل ويجري محادثات مع سلطات طالبان حول القضايا الأمنية.
ويرى محللون أن هذه الهجمات نُفذت لدعم المهمة الدبلوماسية ولإظهار جدية باكستان بشأن القضايا الأمنية.
ونُفذت هذه الغارات الجوية عندما كان محمد صادق الذي انتخب حديثا لهذا المنصب، يجري محادثات مع وزير داخلية طالبان بالانابة سراج الدين حقاني وعدد اخر من مسؤولي طالبان.
ويقول المختصون بالشأن الأفغاني أن محمد صادق قد أرسل على الأرجح تقريره الأولي عن لقاءاته مع سلطات طالبان إلى اسلام اباد وطالب فيه بان تبدي باكستان جديتها لطالبان.
وكانت باكستان قد طلبت خلال السنوات الثلاث الأخيرة مرارا من طالبان بألا تؤوي أعضاء وقادة “تي تي بي” وألا تسمح لهم باستخدام الأراضي الباكستانية كمنطلق لشن هجمات على باكستان.
غير أن طالبان، لم تعر هذه المطالب أهمية، وفي المقابل، اتهمت السلطات الباكستانية بعدم الكفاءة في توفير الأمن في بلادهم.
يأتي هذا بينما تقول الأمم المتحدة في تقرير لها أن تحريك طالبان باكستان، هي واحدة من أكبر المجموعات الإرهابية المنتشرة في أفغانستان وقد وفرت طالبان لها المأوى.
هل القضية تقتصر على تي تي بي؟
وردا على الغارات الجوية الباكستانة، استدعت وزارة خارجية طالبان، القائم باعمال السفارة الباكستانية لدى كابل وسلمته رسالة احتجاج.
وقالت خارجية طالبان أن تنفيذ هذه الغارات بالتزامن مع الحوار الجاري بين “ممثل الحكومة الباكستانية غير العسكرية” في كابل، يظهر أن “فئات خاصة” في باكستان تعمل على زرع عدم الثقة في العلاقات بين البلدين.
وتظهر هذه الإشارات أنه على الرغم من العلاقات الدبلوماسية القائمة بين طالبان واسلام اباد، فان علاقات طالبان مع الجيش الباكستاني ليست على ما يرام وأن هذا الجيش في منظور طالبان، هو العامل الرئيسي الذي يقف وراء الضغط عليها.
في حين يرى خبراء أن طالبان كانت تعتبر على مدى السنوات العشرين الأخيرة مجموعة تعمل “بالوكالة” لحساب الجيش الباكستاني.
وفي ضوء ما تقدم، فانه يبدو أن فتور العلاقات بين طالبان والجيش الباكستاني، هو السبب الرئيسي للتصعيد الحاصل بينهما، وإن حصل تقارب مجدد بين طالبان والجيش الباكستاني، فان القضايا الاخرى بما فيها “تي تي بي” والقضايا الحدودية، ستذهب إلى الهامش ولن تتحول إلى ذريعة للتصعيد.
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2025-01-01 10:26:23
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي