حسابات “حزب الله” السياسية.. هدنة طويلة الامد
المصدر:لبنان ٢٤
من الواضح ان المرحلة السياسية المقبلة في لبنان ستكون بالغة الحساسية، اذ ان سياسات الحكم الجديد في سوريا غير معلومة بالنسبة لجميع القوى السياسية اللبنانية وكيفية تصرفه وسلوكه تجاه لبنان سيبقى غامضا لفترة من الزمن، وهذا ما يجعل لبنان في حالة من الترقب الطويلة خصوصا انه اعتاد على التعامل لعشرات السنوات مع النظام السابق، ايجابيا وسلبياً.
ولعل اكثر الحذرين في لبنان هو “حزب الله” الذي يتعامل مع الواقع السياسي والعسكري في المنطقة وفق حسابات دقيقة جدا خصوصا بعد الضربات التي تلقاها، وهذا ما يجعله ايضا يتعامل مع الواقع اللبناني بأسلوب مختلف عن المراحل السابقة، اذ انه لم يعد يمتلك دائرة واسعة من الحلفاء كما كان عليه الامر في السابق.
القاعدة الاولى للحزب في الداخل اللبناني هي عدم اشعار خصومه بالضعف، ولعل ردة فعله الكبيرة، شعبيا وسياسيا تجاه توقيف الناشطات المؤيدات لخطه السياسي رسالة واضحة تقول بأن تجاوز بعض الضوابط السابقة او الاستقواء على فريقه السياسي بعد الحرب امر ممنوع ولن يسمح به وسيكون اكثر شراسة لتجنب الوصول اليه.
في الوقت نفسه يريد الحزب بناء سياق سياسي جديد، اذ انه لا يبحث عن الاشكالات السياسية مع خصومه بل على العكس من ذاك ، فهو سيتجنب بشكل قاطع اي فتنة او اشتباك او خلاف سني شيعي، وسيكون هذا الامر من الثوابت التي لن يحيد عنها في المرحلة المقبلة ولن يقبل بالعودة الى مرحلة ما قبل “طوفان الاقصى”.
وتعتقد المصادر ان تعامل الحزب مع الساحة المسيحية سيختلف ايضا، اذ لم يعد للحزب اي حلفاء فعليين وعليه يمكنه الانفتاح على الجميع من دون اي حساسية او اشكالات، وقد يكون تصرف حليفه الاكبر على الساحة المسيحية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هو الدافع الاكبر نحو تعديل سياسته، اذ ان كانت مواقف باسيل مثل مواقف جعجع فلماذا مقاطعة الثاني والتحاور مع الاول؟
الاكيد ان “حزب الله” لن يخوض معارك حلفائه في المرحلة المقبلة واذا كان في السنوات الماضية يعمل على دعم جميع الحلفاء ويستخدم نفوذه وحجمه السياسي من اجل تأمين مصالحهم السياسية وحصصهم السلطوية فإن هذا الواقع سيتبدل بشكل كامل، خصوصا انه مقتنع ان احدا من حلفائه لم يخض معركة الدفاع عنه خلال الحرب الاسرائيلية.
من غير المعلوم حجم التنازلات التي سيقدمها “حزب الله” وما اذا كان سيصر على حضوره السياسي وتحديدا في الحكومة، لكن الاكيد ان سلوكا سياسيا جديدا سيسيطر على اداء الحزب في الاسابيع والاشهر وربما السنوات المقبلة، وعليه قد يتمكن الحزب من توسيع دائرة تحالفاته وقد يفتح صفحة جديدة مع قوى واحزاب معارضة له وقد يختلف مع حلفاء حاليين.