ورحبت الحكومة العراقية باللاجئين اللبنانيين، وسمحت لهم بدخول البلاد ببطاقات التعريف في حال عدم امتلاكهم جوازات سفر، كما خصصت مبلغ 3 مليارات دينار (2.2 مليون دولار)، كي تُقدم وزارة الهجرة والمهجرين الخدمات اللازمة لهم، ووجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتسمية اللبنانيين الوافدين بـ”الضيوف” بدلاً من اللاجئين.
وفيما فاق عدد الواصلين حجم استيعاب الفنادق ودور الضيافة الجاهزة، توزع كثيرون في محافظات عدة وسط ترحيب من الأهالي، وظهر ذلك في تصريحات مسؤولي مجالس المحافظات وشيوخ القبائل والقائمين على المنظمات المدنية.
وأظهر العراقيون تضامنهم مع اللبنانيين من خلال تقديم خدمات مجانية. يقول كرم الحاج أحمد، وهو أحد النازحين اللبنانيين: “يرفض بعض الباعة في الأسواق أخذ نقود مني أو من أفراد أسرتي، ويحرصون على تزويدنا بما نحتاج وزيادة من خضروات وفاكهة وحلوى وملابس وأغراض أخرى مختلفة”.
يضيف الحاج أحمد: “حين نخرج للتنزه أو التبضع ونتوقف عند بائع يعلم أننا لبنانيون يرفع صوته مرحباً بنا، كي يعلم من هم في الجوار، فيرحبون جميعاً بنا، ويحملوننا أكياساً من البضائع التي يبيعونها. حتى أن بعض الباعة المتجولين البسطاء الذين يبيعون على الأرصفة يقدمون لنا هدايا من بضائعهم. وصلت مع أسرتي إلى العراق قبل ثلاثة أسابيع، ولم ننفق أي مبلغ للطعام أو لشراء أي شيء باستثناء مرتين اشتريت فيهما سجائر من بائع متجول، من دون أن أتكلم معه كي لا يكتشف هويتي فيفرض علي أخذ السجائر من دون مقابل. نحن ممتنون لحفاوة استقبال العراقيين لنا، وكرم ضيافتهم”.
وقدم أصحاب مطاعم في أنحاء العراق وجبات مجانية للعائلات اللبنانية، وفتحوا الأبواب لهم من أجل تناول وجبات مجانية يومية للتعبير عن تضامنهم مع الشعب اللبناني، حسب ما يقول رحيم الجريشي، الذي يدير مطعماً في بغداد، مضيفاً: “خصصنا وجبات طعام على مدار اليوم لثلاث عائلات لبنانية تسكن قرب المطعم، ونحرص على إرسال الطعام الجاهز إلى منازلها إذا لم يستطع أفرادها زيارة المطعم”.
ويؤكد الجريشي أن “مبادرات المطعم ليست فريدة، فجميع أصحاب المطاعم يفعلون الأمر ذاته، وسبق أن استقبلوا مواطنيهم الذين نزحوا من مناطق في غرب العراق إلى بغداد وإلى باقي المحافظات، وقدموا خدمات لهم مجانية أيضاً. هذا ما يجب أن نفعله حين يمر الأخوة بظروف إنسانية صعبة”.
وليس احتضان العراقيين للنازحين واللاجئين وتقديم الخدمات لهم أمراً جديداً، وهم يتذكرون فترات النزوح السابقة بعد الغزو الأميركي للعراق، وما مرت به بلادهم من أحداث، وكذلك احتضان الآخرين لهم تقديراً لظروفهم، ما يزيد من محاولاتهم لخدمة ورعاية المتضررين.
يقول صلاح عبد الرحمن، وهو صاحب مخبز في محافظة الموصل (شمال)، إنه يقدم الخبز بالمجان للعائلات اللبنانية، ويوضح: “لست استثناءً، فجميع أصحاب المحال يقدمون منتجات مجانية للبنانيين من الحلويات والمكسرات والهدايا ولعب الأطفال، حتى أن الأطباء في عيادات المجمع الطبي المجاور لا يتقاضون أجوراً من إخوتنا اللبنانيين. هذه المبادرات محاولة لتعزيز شعورهم بأنهم في وطنهم الثاني، وتخفيف العبء النفسي الذي يعانونه من جراء الظروف الصعبة التي مروا بها”.
ويقول بائع المكسرات مظفر شكر: “يتفهم العراقيون الألم الذي يعيشه اللاجئون اللبنانيون لأنهم مروا بالتجربة نفسها. شخصياً نزحت مع العديد من أقاربي بسبب الحرب إلى مدينة أربيل في عام 2014، بعدما استولى تنظيم داعش على مدينتنا، وقدم الناس لنا خدمات عدة من طعام ومأوى وعمل، ما أزال عنا جزء كبير من المعاناة، وهذا ما نحاول أن نفعله مع إخوتنا اللبنانيين كي نساعدهم في اجتياز المحنة”.
بالتزامن مع ذلك، يسعى العديد من اللبنانيين إلى الاستفادة من فرص العمل في العراق، لا سيما في القطاعات الخدمية والتجارية، ما يفتح آفاقاً جديدة لهم في ظل هذه الأوقات الصعبة. ووظف كثيرون من أصحاب المهن لبنانيين رغم أنهم لا يحتاجون إلى أيدٍ عاملة من أجل دعمهم معنوياً.
انتهى.
المصدر
الكاتب:Alireza Moradi
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-11-09 13:05:05
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي