ٍَالرئيسيةموضوعات وتقارير

المقاومة كضرورة دفاعية وجودية

المقاومة كضرورة دفاعية وجودية {الجزء 1️}

■ المقدمة

بعد الصدمة الكبيرة التي تلقاها الكيان المؤقت في السبت الأسود صباح السابع من أكتوبر، ودخوله في حرب متعددة الجبهات مع محور المقاومة، لا سيما حزب الله الذي عبر عن مشاركته في المعركة من خلال عمليات الإسناد، والتي كبدت العدو أثمان باهظة دفعته بعد عام ونيف من استمرار الهجمات والضربات، عمد الكيان المؤقت لانتهاج مسار هستيري جعلته يقدم على عمليات من مستوى ونوع جديد كان أبرزها تفجير البايجر وأجهزة اللاسلكي لدى المقاومة والتي أوقعت عددا كبيرا من الشهداء والجرحى وشكل ضربة قاسية لحزب الله، ولم يستطع استيعاب الصدمة بعد حتى عاد العدو واستهدف من جديد ثلة من القادة المجاهدين لا سيما قادة الرضوان على رأسهم الحاج “إبراهيم عقيل”، ليتم بعدها استهداف سماحة الأمين العام السيد نصر الله في عملية اغتيال لم يشهدها التاريخ استخدم فيها أطنان من المتفجرات للتأكد من القضاء على الهدف وتبعها استهدافات طالت السيد هاشم صفي الدين ومجموعة من القادة بالإضافة لتدمير القرى والمدن الجنوبية وتهجير سكانها معلنا بذلك بدء مرحلة جديدة بإعلان الحرب على لبنان.

لم تكن العمليات العسكرية التي ساند بها حزب الله المقاومة الفلسطينية على مدى العام، سببا وحيدا في دفع العدو لتصعيد عملياته وعدوانه على لبنان، بل كل المخططات الصهيونية التي وضعتها حكومة نتنياهو المتطرفة كانت دليلا على أن لبنان سيكون الساحة التالية بعد غزة خاصة وأنه قد فشل في تحقيق أي نصر أو هدف يذكر في القطاع سوى القتل والتدمير واستهداف القيادات. وعليه، كان لا بد للمقاومة في لبنان أمام المخططات الصهيونية التي هي وليدة سنوات سابقة، وبناءً على الواجب الشرعي والأخلاقي والإنساني، مواجهة هذه الحالة المرضية التي تتألف مع الجرائم والتي تشكل خطرا على أمنه القومي، وهذا ما أثبتته العمليات التصعيدية الأخيرة التي أصابت المقاومة، إلا أن حزب الله كمدافع عن أرض وشعب لبنان وبناء على عقيدته وإيمانه بصواب القضية وجوهريتها، استعاد عافيته وها هو من جديد يحاول مجابهة المشروع الصهيوني الأمريكي الذي يهدد أمنه القومي واستقراره.

وعليه، في هذه الورقة عرضٌ لأبرز العناوين التي تتناول حق المقاومة في الدفاع عن نفسها في مرحلة ما بعد الحرب وتعرض التوجهات الصهيونية الحقيقية والتوسعية التي دفعت لدخول المقاومة في حملة إسناد لغزة بالإضافة للدور الأساسي للأميركي في هذه المعركة كما واستعادة المقاومة لعافيتها وجهوزيتها من جديد لحماية وتأمين الأمن القومي اللبناني وتخطيها للهجمات القاسية التي تعرضت لها.

|مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير

المقاومة كضرورة دفاعية وجودية {الجزء 2️⃣}

■ أولاً: مواجهة الكيان مهمة وواجب شرعي، أخلاقي وإنساني

منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران، وحتى قبل أن تبدأ، أي في العام 1962، تحدث الإمام الخميني عن زوال الكيان وضرورة مواجهته كمهمة شرعية وأخلاقية وإنسانية، وقد أفتى بحقوق وشرعية دعم القضية الفلسطينية. فقبل أن تصبح إيران دولة إسلامية، كان هناك تأسيس للنظرة إلى هذا الكيان وضرورة مهاجمته، انطلاقاً من خلفية معروفة بأبعادها الدينية والشرعية والإنسانية، وقد تمظهرت هذه الرؤية ضمن سياسات ومسار سياسي واستراتيجي وعسكري، لا يزال مستمراً حتى الآن. وكان رئيس الوزراء، مناحيم بيغن، قد اعتبر انتصار الثورة في تلك المرحلة، زلزالاً ضرب المنطقة وستستمر تداعياته إلى عقود، وهذا ما أثبته الواقع، إذ لا يزال لهذا الزلزال هزات ارتدادية على الكيان تظهر كل فترة، حيث بدأت الانتصارات في الصراع العربي – الاسرائيلي انطلاقاً من هذه الثورة.

إن ما قامت وتقوم به الجمهورية الإسلامية في إيران هو ليس بمشروع إيراني، إنما واجب على أي مسلم على وجه الكرة الأرضية، سواء كان موجودًا في المغرب أو حتى في ماليزيا أو باكستان أو أي من دول الاغتراب، هذا الواجب قد أسقطه المسلمون عن أنفسهم، وبالتالي تولت إيران القيام بما تخلى وتراجع المسلمون عن القيام به، فالتضحية والمبادرة الفعلية في المواجهة تولتها هذه الثورة ودعمت الحالات الفعلية الحقيقية في هذه المنطقة، حيث أن رفض الوجود الصهيوني من خلال الكلمة والتعبير عن الرأي لن يغير شيء، إنما الدعم الواقعي الملموس المادي المكلف الذي تدفع إيران ثمنه مالياً وفي الحصار وفي العقوبات وفي الحروب والثورات الملونة، هو الذي يستطيع إحداث التغيير.

|مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير

 

المقاومة كضرورة دفاعية وجودية {الجزء 3️⃣}

تابع: مواجهة الكيان مهمة وواجب شرعي، أخلاقي وإنساني

من خلال هذا الواجب، تقول إيران أنها تقوم بدور دعم المقاومة الميدانية في رأس الحربة. وقد جمعت في هذه الرؤية بين النظرة الأخلاقية، الشرعية، وبين النظرة الاستراتيجية المتعلقة بأمنها القومي، فليس هناك تناقض، لأن حالة التحرر هي حالة بسيطة جدا، وأصيلة. فالإنسان الطبيعي الذي لديه أخلاق إنسانية عادية جدا، كشعوب العالم التي تقف مع غزة (كنيكاراغوا التي قطعت علاقاتها مع الكيان)، إيران تقف وإيّاه في الموقع نفسه، ولكن الفارق أن الشريعة هنا هي التي تلزم بالدعم والتضحية في سبيل المستضعفين. هناك بلدان وشعوب ودول أخرى، ولكن الجمهورية الإسلامية بالتحديد والفضاء الثقافي الذي تتحرك فيه الثورة الإسلامية في هذه المنطقة، والذي كان نموذجه وسيبقى نموذجه سماحة السيد الشه.يد، يمتاز بالتضحية لأجل المستضعفين ولو كانوا في بلد آخر، فشهاد.ة سماحة الأمين العام لحزب الله هي تعبير عن هذه الرؤية الخمينية التي بدأت في العام 1962، “ليس فقط نحن نؤيد المستضعفين، أو نحن نقف موقف جيد مع المستضعفين… لا فنحن نبادر لإنقاذهم”.

إن الجانب الشرعي والأخلاقي يلتزم بأمن الإنسان وحالته الطبيعية، حيث أن الشريعة فرضت على المسلمين أن يواجهوا الظلم، على الرغم من أنه في كل نظريات الأمن القومي، أي دولة قامت بغزو دولة مجاورة يجب أخذ الحذر منها والتنبه. وأمام شعب متوحش إلى هذه الدرجة، وعشرات آلاف المجازر والقتلى في صفوف المدنيين في فلسطين، وبالعودة لتاريخ العدو وتجربته في جنوب لبنان، ومن خلال الوثائق، ككتاب لـ “رؤوفين أرليخ” تحت عنوان “المتاهة اللبنانية”، أشار فيه إلى لبنان منذ الثلاثينات، أي قبل المقاومة الفلسطينية وحتى قبل المقاومة في لبنان أو قبل أن يدرك أي لبناني المشروع الاستيطان في الجنوب أي قبل حوالي 100 عام، حيث كان مشروعهم احتلال جنوب لبنان، وأصبح واضحاً أن الكيان المؤقت منذ العام 2000 يبحث عن فرصة لعودة الاحتلال، وها وهو اليوم من خلال عدوانه الهمجي يحاول تحقيق هذا المشروع لاحتلال هذا البلد وربما أكثر من ذلك.

التاريخ السابق كان عبارة عن سنوات من الاحتلال للبنان والاجتياحات، فقد احتل لبنان في العام 1982، واستمرت محاربته لـ 18 عاماً ليخرج بعدها، لم يكن هناك سعي لإضعافه أو محاصرته، لم يكن هناك طرف يقدم المساعدة، إنما اليوم يتم العمل ضمن وحدة الساحات لإضعاف هذا الكيان وهذه التركيبة النفسية والخلاص منها، بالتدريج وبالنقاط، مع عدم القبول بالعيش معه، فكل الشعب اللبناني وحتى شعوب الأرض تعتبر ما يحدث في غزة أمر غير مقبول لا على المستوى الاخلاقي ولا حتى الأمني.

|مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى