المحلل السیاسی مهنّد الحج علی من دمشق لـ “تسنیم”: إیران ثبّتت معادلة الإشتباک مع الکیان الصهیونی وحزب الله بنیة عقائدیة لا تتفکک- الأخبار الشرق الأوسط

 

.

 

شهر على الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان ولم يستطع العدو الصهيوني من تحقيق أي جهد هجمومي عسكري على الجبهة الممتدة على 120 كيلومتراً من تحقيق أي إنجاز حقيقي، بهدف تأمين منطقة عازلة وآمنة بعمق 45 كيلومتراً تحمي مستوطنات شمال فلسطين المحتلة من المس بها من قِبل المقاومة رغم نشره لإستعداداته الكبرى التي كان يزجها في المعركة، والتي بلغت 5 فرق جرى نشرها من أقصى الشرق في مزارع شبعا إلى البحر في الناقورة وما سبقها من حملة جوية واسعة، ورغم كل هذا فإن ساحات المقاومة حاضرة ومساندة وداعمة تسنزف العدو الإسرائيلي وتؤلمه.

من التهديدات الإسرائيلية اليومية الى الهجوم على ايران وإنتقال المقاومة من مرحلة الإسناد الى مرحلة الإيلام وملف عودة العلاقات  السورية – التركية وغيرها من المواضيع كانت محور حديثنا مع الكاتب والباحث السياسي وعضو سابق في مجلس الشعب مهند الحاج علي من دمشق خلال لقاءنا.

 

في إيران ثبتت معادلة الإشتباك مع الكيان الصهيوني والهجوم بالردّ

تتسارع الأحداث على الساحات الفلسطينية واللبنانية والإيرانية، بفعل العدوان والهجومات التي يشنها العدو الصهيوني ضد محور المقاومة، ومنها الهجوم الأخير على إيران حيث يرى الحج علي أن هذا الهجوم جاء بما يسمى “الردّ الإسرائيلي” على عملية الوعد الصادق 2 التي آلمت العدو كثيراً وأخرجت قواعد عسكرية عن الخدمة وإستهداف رادارات استراتيجية للكيان الصهيوني، ورغم أن هذا العدوان جاء مركباً، يضيف الحجّ علي، وشمل كل من مواقع الرادار في القنطيرة ودمشق في سوريا، وحاولوا ضرب بعض الاهداف في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو أضعف مما كان يتحدث عنه القادة الصهاينة بإعترافهم، ذلك أن المسؤولين الصهاينة وبعد عملية “الوعد الصادق ” 2 كانوا يتحدثون عن ثلاثة أهداف رئيسية يمكن أن يتم استهدافها كنوع من أنواع الرد في قلب الجمهورية الإسلامية في ايران، اولها إستهداف شخصيات من النوع الأول، ثانيها إستهداف المحطات النووية او مشروع محطات الطاقة النووية السلمية الإيرانية، وثالثها إستهداف قواعد او منشآت بترولية بشكل عام، لكنهم غيروا التكتيك نتيجة ضغوطات دولية وخاصة من الجانب الأميركي الذي وصلته الرسالة الإيرانية بشكل واضح بأن أي إستهداف للمشروع النووي الإيراني يعني الدخول في حرب مفتوحة، وأن على أميركا أن لا تزوّد الكيان الصهيوني بأي معدات تساعده في عملية الإستهداف هذه، لأن الكيان الصهيوني وطائراته غير قادرة على الوصول الى الداخل الإيراني، لذلك هو بحاجة الى دعم أميركي، وكانت رسالة ايران واضحة لأميركا. أما فيما يخص طبيعة الرد الإيراني سيكون حاضراً لأن الجمهورية الإسلامية في إيران قد ثبتت معادلة الإشتباك مع الكيان الصهيوني بأن كل فعل لديه ردّ فعل أقوى بعشر مرات، والكيان هو من بدأ بالعدوان على ايران بإستهداف ضيوفها الشهيد اسماعيل هنية، وطبيعة الردّ العسكري سيكون قاسياًجداً وسيخدم هذا الردّ الأهداف الإستراتيجية لعملية طوفان الأقصى.

 

الإعلام المقاوم يدحض السردية الصهيونية بنقله الحقيقة الى العالم

الى الإستهداف المتعمّد للجسم الصحافي والإعلامي في لبنان قال الحجّ علي بأن العدو الصهيوني لا يريد أن يرى إلاّ صوتاً واحداً هو الصوت الخارج من الكيان الصهيوني، ويريد أن يؤكد على السردية الإسرائيلية التي بُني وأُسس عليها هذا الكيان، لذلك فإن هذا العدو يرى الأصوات الأخرى التي تنقل الحقيقة سوف تزعجه وستدّمر هذه السردية التي يتحدث عنها دائماً، والإعلام المقاوم اليوم يتبنى الصورة الحقيقية الموجودة على الأرض وينقلها الى العالم، لذا، فمن الطبيعي لهذا الكيان أن لا يعجبه صوت الحقيقة فيقوم وبإستمرار بملاحقة الجسم الصحافي والإعلامي، وهذا ليس جديداً في التاريخ الدموي الإسرائيلي، إذ لديه سجّل كبير اجرامي في هذا الإستهداف، لأن الحقيقة التي ظهرات على شاشات الكاميرات وتفوّق محور المقاومة إعلامياً بهذا الموضوع وتصوير واقع عملية طوفان الأقصى وغيرها، كل هذه الصور أسقطت زيف القضية اليهودية وخاصة امام المجتمع الغربي، وما ظهر عنه من مظاهرات في المجتمع الغربي والأميركي ومطالبات حكوماتهم بوقف الدعم للكيان الصهيوني، دفع وبمزيد من الإجرام إلى أن يصب الكيان الصهيوني جام غضبه على الصحافة، ولذلك في جميع الميادين العسكرية والإعلامية من سيردع هذا العدو هم المقاومون الذي يسطرون أروع البطولات اليوم.

 

جرائم الإحتلال التي يسكت عنها المجتمع الدولي عمرها سنوات وألمانيا تشوّه الحقائق وتزيّفها

وعن الصمت العالمي المريب أمام هول ما يجري ومواقف ألمانيا في الدفاع عن الكيان الصهيوني بأن من حق “اسرائيل” بالقتل والدفاع عن نفسها بهذا الإسلوب الإجرامي، يرى المحلل السياسي مهنّد الحج علي بأن هذا الصمت الدولي اليوم ليس بغريب ولا بجديد، فجرائم الإحتلال المسكوت عنها لم تكن فقط إبان عملية “طوفان الأقصى” بل هي تمتد على طول الإحتلال لفلسطين اي أكثر 75 عاماً، حيث يحفل السجلّ الصهيوني بالكثير من الجرائم في لبنان وفلسطين وسوريا وهي التي سكت عنها المجتمع تحت حجة وتبرير أنه “من حق اليهود أن يعيشوا بسلام في أرض الميعاد”، لذلك فإن التصريح الألماني اليوم هو ليس بغريب لأن الصهيونية العالمية هي التي تتحكم بالقرار الغربي والقرار الأميركي، ودائماً يصورون أن اليهود تعرضوا الى الهولوكوست ويجب على ألمانيا ان تدفع الثمن، لذلك ألمانيا مضطرة على تشويه الحقائق وتزييفها ولو حتى سياسياً، لكن اذا ما نظرنا الى الشارع الألماني نرى أن هناك وعياً كبير بدأ يظهر وبدأنا نشاهده نتيجة الميديا التي يطرحها حلف المقاومة، والجرائم التي أصبح مفضوحة أمام الكاميرات ولا يمكن اخفائها.

 

نتنياهو بإغتيالاته الخسيسة أخطأ الحسابات وحزب الله بنية عقائدية لم ولن تتفكك

وفي إعترافات العدو الصهيوني بان جيشه بات ينزف وإعترافه بعدم تقييم تقديرات حزب الله بشكل صحيح وأن الحزب يتعافى ويهاجم، قال الحجّ علي بأن هذا الإعتراف ليس بجديد، ففي داخل جيش الإحتلال هناك ما يسمى “هيئة إعادة التأهيل” وهي تقوم بإصدار دوريات شهرية، والأرقام من خلال هذه الإصدارات تتحدث عن أكثر من 10 ألاف قتيل وجريح فقط في معارك غزة، ولم تتطرق بعد الى معارك جنوب لبنان، ونحن نعلم أن مقدرات المقاومة في جنوب لبنان أكبر وأكثر والمقاومة في حزب الله تتحدث عن أرقام وأعداد كبيرة من تدمير دبابات الميركافا وسقوط عدد كبير من القيادات العليا في الجيش الصهيوني رغم محاولات الكيان وقدر الإمكان من التستّر على هذه الأرقام، ولا ننسى الأعداد الكبيرة من المرتزقة التي يتم استخدامها في الجيش الإسرائيلي. ويضيف الحجّ علي، بأن نتنياهو يعتقد أنه ومن خلال ما قام به من عملية خسيسة بتفجيرات البيجر وبعدها تفجير اللاسلكي وبعدها استهداف قوة الرضوان وبعدها استهداف الصف الأول لقيادادت  حزب الله وعلى رأسهم سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، اعتقد نتنياهو أن البنية الداخلية أو القيادية لحزب الله قد تفككت وبالتالي سوف يكون هناك نوع من انواع التخبط في القرارات وفقدان الإتصال، وكان الصهاينة يعتقدون أن التخبط في القرارات وفقدان الإتصال سوف يُساق الى الميدان وبالتالي سوف يترك المقاومون سلاحهم ويذهبون الى غير رجعة وبالتالي يستفيد العدو الصهيوني من هذه الفرصة ويقوم بالإنقضاض لتحقيق أهدافه في جنوب لبنان، لكن ما حدث أن سماحة القائد السيد الشهيد حسن نصرالله لم يُنشىء حزب الله كبنية هرمية، إذا ذهب قائدها ستنهار، السيد حسن نصر الله كان يحسب حساب كل التوقعات، لذا نقول بنية حزب الله هي بنية عقائدية، إن استشهد القائد لن يسقط الحزب، وكل الضربات التي نفذها الكيان الصهيوني لم تؤثر على المقاومين بل على العكس زادتهم إندفاعاً من أجل الإنتقام لأرواح الشهداء والشهداء القادة ودفاعاً عن لبنان ورأينا هذه البسالة العالية من منع العدو الصهيوني من الإختراق ولو لعدة أمتار.

 

أوراق الحرب بيد حزب الله، وقدّ اعدّ نفسه لحرب مفتوحة طويلة الأمد

وعن مراحل إنتقال المقاومة الإسلامية في لبنان من الإسناد الى الإستنزاف الى الإلام اليوم وكيف سيتعامل العدو الصهيومي مه هذه المرحلة الجديدة، أشار المحلل السياسي من دمشق مهنّد الحجّ علي أنه علينا أن ندرك نقطة مهمة جداً وهي أن الكيان الصهيوني رمى بكل أوراقه في الأيام الأولى في هذه المعركة، لكن المقاومة أعدّت نفسها لحرب طويلة جداً لانها كانت تعلم أن نتنياهو سيقدم على إجراء حرب مفتوحة، وهذا ما كان يتحدث عنه نتنياهو منذ 8 أوكتوبر 2023 أي في اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى، وكان يهدد ويتوعّد جنوب لبنان، لذا فإن حزب الله كان على علم بأن جيش الكيان الإسرائيلي لديه نية بإقتحام جنوب لبنان قبل عملية طوفان الأقصى، وهنا من الطبيعي على المقاومة أن تجهّز نفسها لهذه الحرب وتحضّر نفسها الى إستهدافات طويلة الأمد والذهاب الى حرب مفتوحة، وبذلك تم الإنتقال من مرحلة الإسناد الى جبهة الإيلام، واليوم جبهة جنوب لبنان هي جبهة أساسية، كما ان الغاية الإستراتيجية اختلفت أي لم تعد فقط جبهة إسناد لغزة وللتخفيف عنها وتلقي الضربات بدلاً عنها، بل هي جبهة أساسية سوف تؤثر على الكيان الصهيوني، ولا بد أن نشير الى الفرق بين الجندي الصهيوني وبين المقاوم اللبناني وفكرة الإنتماء للأرض والدفاع عنها، كل هذه مؤشرات تعكس الإخفاق في الجيش الصهيوني وتعطي القوة للمقاومين في حزب الله.

 

اخلاقيات المقاومة في حزب الله تأبى إستهداف غير حملة السلاح من المستوطنين الصهاينة

وفي موضوع إصرار المقاومة الإسلامية في لبنان على توجيه ضرباتها للجنود دون المستوطنين إعتبر الحجّ علي أنه لا يوجد مدني في الكيان الصهيوني، وأن هذا المستوطن الموجود في منزله أو عمله اليوم هو في الأصل وبدون حرب لديه خدمة إلزامية 5 سنوات للذكور وسنتين للإناث، واليوم المدة الزمنية للخدمة الإلزامية زادت بعد الحرب على غزة وعلى لبنان ويمكن لهذا المستوطن في اي لحظة مع سلاحه الذي تدرب عليه ان يلتحق بالجيش الصهيوني، ونؤكد ورغم كل ذلك، فإن الأخلاقيات العالية للمقاومة في لبنان لا تقوم بإستهداف أي مستوطن لا يحمل السلاح، وبالتالي تأبى أخلاقيات المقاومة أن تقوم بإستهداف هؤلاء المتسوطنين وتقتصر بإستهداف المنشآت العسكرية ووحداتهم وقواعدهم وبعض المنشآت الإقتصادية التي تخدّم الجناح العسكري للكيان.

 

حزب الله رمّم صفوفه وإنتقل بخطوات مهمة في الميدان

وفيما يخص الأرقام القياسية للعلميات التي تسجلها المقاومة الإسلامية في لبنان اكّد الحج علي أن هذه الأرقام اليوم تدل على أن حزب الله قد تعافى بشكل كامل واستطاع أن يستوعب الصدمة التي وُجهت إليه، وهي صدمة لو وُجهت الى دول لكانت قد انهارت، لكن البنية العقائدية لحزب الله والإيمان القوي والراسخ عند هؤلاء الشباب والخطط والتجهيز التي وضعها السيد الشهيد بما فيها تغييبه أو غيابه أو حتى استشهاده، هذا التجهيز يعطينا مؤشراً على أن حزب الله قد استوعب هذا الضربات القاسية ورمّم صفوفه بسرعة وقام بالإنتقال الى الخطوات الأخرى في الجبهات، وسوف تلحق بالعدو خسائر فادحة…

 

عودة العلاقات السورية – التركية مرتبطة بإسترجاع جميع حقوق الشعب السوري

وفي ملف التطبيع السوري – التركي او عودة العلاقات بين الطرفين، يرى المحلل مهنّد الحج علي أن الجانب التركي لا زال يناور ويراوغ في هذا الملف، فهناك حق للشعب السوري وأراضي محتلة وهذا الحق على مرأى من العالم وأن هناك قوات تركية موجودة بطريقة غير شرعية على الأراضي السورية، لذلك الشعب السوري عبر حكومته وقياداته يطالب الجانب التركي قبل اي عملية اعادة للعلاقات مع تركيا الى طبيعتها،ولن نقول تطبيع لأن التطبيع يكون بين الأعداء، والشعب التركي شعب قريب، وإعادة الإمور الى طبيتها لن يتمّ إلا بإنسحاب القوات التركية بشكل كامل وبدون اي شروط، ولكن ما قام به الجانب التركي هو وضع قيود  كثيرة على هذا الموضوع.

 

الجيش العربي السوري نهض وقوي و”يد إسرائيل الطويلة” ستُكسر

اما لماذا يعمد العدو خلال هذه الأيام الى تكثيف اعتداءاته على سوريا، قال الحجّ علي أن هذه الإعتداءات على سوريا اليوم ليست بجديدة، وكانت قد بدأت منذ العام 2013 وكانت ترنو الى دعم المجاميع الإرهابية التي كانت تقوم في تلك الفترة بالسيطرة على مساحات واسعة من سوريا، لكن بعد أن قام الجيش العربي السوري بقفزات كبيرة في العام 2018 و2020 تحجج الجانب الإسرائيلي بوجود مستشارين ايرانيين هناك واستمرّ بالإستهداف، لكن اليوم المرحلة اختلفت، فهناك منظومات جديدة، رغم اعتقاد الكيان الصهيوني بأن الجيش العربي السوري قد تعب، لكنهم لاحظوا ان هذا الجيش العربي السوري ينهض ويقوى يوماً بعد يوم ويحصل على منظومات دفاع جوي حديثة سواء كانت ايرانية أو روسية، لذلك احد الأهداف العسكرية لتكرار هذه الإعتداءات هو جس نبض الدفاعات الجوية واماكن توزعها ونقاطها العسكرية وقدرة الضابط والجندي السوري على استيعاب هذه التكنولوجيا العسكرية، بالأضافة الى ذلك هناك عامل يستخدمه نتنياهو في الداخل الإسرائيلي للإيحاء للإسرائيليين بأن “يد إسرائيل الطويلة” قادرة على ضرب اي هدف في منطقة الشرق الأوسط  ومعظم هذه الأهداف فشل الكيان في تحقيقها والوصول إليها.

 

إنتهى/

 

المصدر
الكاتب:
الموقع : tn.ai
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-10-29 13:28:59
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version