وقامت بلدية كابل التي تخضع لسيطرة طالبان، مساء السبت بتخريب ساحة وتمثال الشهيد مزاري غربي كابل، وحولت الساحة إلى خربة.
وقد شُيدت ساحة وتمثال الشهيد عبد العلي مزاري، الزعيم الفقيد لحزب الوحدة الاسلامية الأفغانية و”شهيد الوحدة الاسلامية الأفغانية” غربي كابل، بعد سقوط طالبان في الجولة الأولى من سيطرتها على أفغانستان، ومجيء الحكومة الجديدة في البلاد، وذلك تكريما وتخليدا له.
وأفاد مراسل شفقنا أن قوات مسلحة من طالبان، قامت في الليل بتدمير ساحة وتمثال الشهيد مزاري بالجرافات، وضربت طوقا على الموقع ولم تسمح للناس للاقتراب منه.
وكانت هذه الساحة تضم تمثالا للشهيد مزاري كتبت في أطرافه، أسماء عدد من الشهداء ومرافقيه، وأحيطت الساحة برقعة خضراء.
وبعد ردود الأفعال الواسعة، أعلنت بلدية كابل أنها أزالت هذه الساحة في إطار “تحسين حركة السير” وتعرض الطريق.
وقال المتحدث باسم بلدية طالبان نعمت الله باركزي أن اسم هذه الساحة تغير من “ساحة الشهيد مزاري” إلى “مفترق طرق دشت برجي”.
وحدث ذلك بعد سيطرة طالبان على أفغانستان ثانية وقيامها بتدمير ساحة وتمثال الشهيد مزاري بولاية باميان التي يقطنها الشيعة والهزارة وغيرت اسمها.
وفي المرة الأولى من هيمنتها على أفغانستان، وسيطرتها على مدينة مزار شريف شمالي البلاد، قامت مجموعة طالبان بتفجير مقبرة الشهيد مزاري بعبوة ناسفة.
ونحت طالبان، المنحى ذاته تجاه سائر الشخصيات والقادة البارزين للعرقيات الأفغانية. بما في ذلك تخريب مقبرة أحمد شاه مسعود، في بنجشير وأقامت على مقبرته “حفلة فرح وسرور”.
شعور طالبان بالدونية والنقص أمام تمثال مزاري
واعتبرت الأحزاب والوجوه السياسية الأفغانية، أن تخريب ساحة الشهيد مزاري على يد طالبان، ناتج عن “الحقد” و”العداء” اللذين تكنهما هذه المجموعة تجاهه وأضافت أن طالبان لا تحتمل رؤية تمثال الشهيد مزاري في الأماكن العامة.
وقال حزب العدالة وتحرير أفغانستان بزعامة سرور دانش، المساعد السابق للرئيس الأفغاني في رسالة: “إن السبب الرئيسي للعداء الذي يكنه الإرهابيون والفاشيون لأناس بمن فيهم الشهيد مزاري، نابع من أنهم يشعرون بالدونية والنقص أمام حتى اسم وصورة وتمثال أو اي عمل أخر لهؤلاء العظماء. لذلك فانهم يسعون لإمحاء أي أثر أو مقبرة له والشخصيات المماثلة الأخرى. بيد أن هذا الفكر الباطل، لن يحقق شيئا، وأن مزاري وأمثال مزاري، هم أحياء يتكاثرون في وجود الملايين من الناس.”
واستنكر الحزب “هذا الإجراء الدنيء” ورأى أن اسم وذكرى مزاري، لن يمحيان من خلال هكذا أعمال خسيسة.
بدوره قال الوزير السابق للاعلام والثقافة بأفغانستان طاهر زهير، ردا على الإجراء الطالباني: “إن اسم ورمزية الشهيد مزاري، جسيمة على أعداء مجتمع الهزارة وأن وجود مزاري في الأماكن العامة، يُذلهم.”
وأضاف “إنهم ومن أجل التعويض عن دونيتهم، وإذلال وإهانة الهزارة، يرتكبون هكذا أعمالا وقحة. لكنهم يجب أن يعلموا أن هذه التصرفات، تجعل الناس أكثر تصميما وانسجاما.”
إجراء عدائي ومناهض للمصالح الوطنية
واعتبر حزب الوحدة الاسلامية الأفغاني بزعامة محمد كريم خليلي، أن تخريب ساحة وتمثال الشهيد مزاري على يد طالبان، “عمل عدائي” و”مناهض للمصالح الأفغانية.”
وقال الحزب في بيان: “إن هذا الإجراء المعادي الذي نُفذ في الظاهر بذريعة تنفيذ المشروع الحضري وتحسين الطريق، هو إجراء استفزازي، هدفه إرباك الرأي العام واستمرارا للسياسات المتحجرة والمسببة للفرقة للمجموعة الحاكمة التي تُضمر عداء سافرا لثقافة الشعب وتاريخه وهويته.”
وندد بهذا الإجراء واعتبره سلوكا عدائيا وهمجيا، وهجوما مباشرا على مشاعر وكبرياء الملايين من الناس الذين يعتبرون الشيهد مزاري قائدهم وزعيمهم.
وأضاف حزب الوحدة الاسلامية الأفغاني أن مجموعة طالبان يجب أن تعلم أن هكذا تصرفات غير مسؤولة وناتجة عن العصبية القبلية والفئوية، تزيد التصدعات الاجتماعية عمقا، بينما احترام القيم والرموز والمفاخر والقدوات الثقافية والاجتماعية لبلد يتميز بالتنوع العرقي والثقافي، يسهم في ترسيخ الاستقرار السياسي فيه، وأن التعامل المتسم بالحذف والإقصاء للعناصر الثقافية والرموز الاجتماعية، لن تكون نتيجته سوى الانسداد السياسي والنفاق الاجتماعي.
أما عطا محمد نور، أحد قادة حزب الجمعية الاسلامية الأفغاني، فقد قال في بيان إن تخريب مفترق الطرق المتعلق بشهيد الوحدة الوطنية، الأستاذ عبد العلي مزاري، من قبل سلطة طالبان الجائرة، يظهر طبيعتها الفكرية.
وأضاف إن مجموعة طالبان تسعى في ضوء تصرفها المتحجر ورؤيتها العرقية والنظرة التفوقية، لبث وزرع المزيد من الفرقة والتشرذم بين الأعراق. إن طالبان ولأكثر من ثلاث سنوات، منهمكة بصورة متواصلة بممارسة الظلم وقتل الناس، وكذلك التصفية العرقية والمذهبية، ما يؤدي ذلك إلى إيجاد الفرقة بين أبناء الشعب الأفغاني.
“مزاري، مدرسة وليس مجرد تمثال”
وقال حزب الوحدة الاسلامية الأفغانية إن الشهيد مزاري، ليس مجرد تمثالا، بل هو رافع راية العدل والمنادي بالوحدة الوطنية في أفغانستان، وحاضر في قلوب الملايين من الأحرار والمطالبين بالعدل، وأن هكذا تصرفات عدائية ومحاولات يائسة ولصوصية، خُططت ودُبرت تحت جنح الظلام، ةلن تؤدي إلى نسيان ذكراه وإمحاء اسمه من الذاكرة.”
وأضاف الحزب إن الشعب الأفغاني يعرف أن اسم مزاري، رديف في التاريخ الأفغاني المعاصر لقيم ومعانٍ سامية بما فيها الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والحرية والأخوة والمساواة بين جميع الأعراق الأفغانية، وأن مزاري تحدث للمرة الأولى غربي كابل عن الحقوق المتساوية للعرقيات والحقوق المتساوية بين المرأة والرجل في ظل الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية.
كما قال حزب العدالة وتحرير أفغانستان في بيان أن الشهيد مزاري واسمه في تاريخ أفغانستان، أسمى وأرفع من أن يسعى خفافيش الليل لإمحاء ذكراه عن ذهن ووجدان الشعب. لقد تحول اليوم إلى مدرسة يستلهم منها ليس أتباع ومناصري هذا الشهيد فحسب، بل جميع من ينادون ويدعون للعدالة والحرية.
وأضاف إن الشهيد مزاري ومدرسته الداعية للعدالة، هما جزء لا يتجزأ من الركيزة الأسياسية لهوية شعبنا. إنه حاضر الان في قلوب الملايين من الأحرار والمنادين بالعدل، ولن يُنسى رغم كل المحاولات اليائسة.
وفي هذا السياق، ندد العديد من الوجوه السياسية الأفغانية بمن فيهم زعيم جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية أحمد مسعود وزعيم حزب الوحدة الاسلامية محمد محقق والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الأفغاني رحمت الله نبيل ورئيس المكتب السياسي لجبهة تحرير أفغانستان داود ناجي، بهذا الإجراء الطالبان وأكدوا على بقاء وخلود ذكرى شهداء طريق الحرية في أفغانستان.
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-09-24 07:55:08
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي