ثلاث سنوات من حكم طالبان؛ إلى أي مدى انتشر الفقر في أفغانستان؟
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا- UNOCHA) أن نصف الشعب الأفغاني يقاسون في الوقت الحاضر من أزمة الفقر.
وأعلنت هذه المنظمة الأممية أن من بين كل مواطنين أفغانيين اثنين، يتأثر واحد منهما بالفقر الذي يلقي بظلاله القاتمة على أكثر من 22 مليون نسمة.
وتفيد إحصاءات “اوتشا” أن عوائد الأسر في أفغانستان تراجعت بشدة وباتت لا تغطي النفقات والتكاليف اليومية للعيش.
وأضافت أوتشا أن 80 بالمائة من الأسر الأفغانية، تحصل على عائد قدره أقل من دولار واحد في اليوم لكل فرد من أعضائها، ويغطي ذلك مجتمعا انسانيا يضم أكثر من 35 مليون نسمة.
وسبق أن تحدثت الأمم المتحدة عن صعوبة الحياة التي تواجهها الأسر في أفغانستان وقالت أن ما يزيد عن 15 مليون نسمة، لا يدرون من أين سيحصلون على وجبتهم الغذائية التالية.
وتأسيسا على أرقام وإحصاءات الأمم المتحدة، فان 23.7 مليون نسمة في أفغانستان باتوا في عام 2024 بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، بيد أن منظمات الإغاثة الدولية أعلنت أن الفيضانات العارمة التي اجتاحت مناطق من أفغانستان في ربيع هذا العام، زادت من أعداد المواطنين المعوزين.
لماذا ازداد الفقر؟
إن التفشي المتزايد للفقر في أفغانستان خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكم طالبان، له أسبابه ومدلولاته، وهو ناتج عن نوع الإدارة التي تمارسها هذه المجموعة وتداعيتها.
والسبب الأول، يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة. وبعد أن أعادت سيطرتها على البلاد، أقصت طالبان الأغلبية المطلقة من موظفي الحكومة الأفغانية السابقة من وظائفهم، ووظفت محلهم الموالين لها، لذلك خسر نحو مليون شخص وظائفهم، وتأثرت نحو مليون أسرة بذلك.
والسبب الثاني، يعود إلى حظر عمل النساء. وقامت طالبان بعد الاستيلاء على الحكم، بطرد وإخراج الموظفات من الدوائر الحكومية، ومن ثم منعت عملهن في مكاتب المنظمات الدولية والأجهزة والمؤسسات الداخلية، وبعدها حظرت الأعمال التي تديرها المرأة. وأثر هذا سلبا على دخل العديد من الأسر، وفقدت العوائل التي كانت النساء، معيلاتها كل شيء.
ووفقا لأرقام وإحصاءات نقابة العمال وأصحاب المهن في أفغانستان، فان إغلاق صالونات التجميل النسائية أدى إلى بطالة 60 ألف امرأة معظمهن معيلات لأسرهن.
والسبب الثالث يكمن في تراجع المساعدات الإنسانية المقدمة لأفغانستان. وكانت الأمم المتحدة قد طلبت خلال العام الجاري 3.06 مليار دولار لتقديم المساعدات للمعوزين في أفغانستان، لكن ومع مضي أكثر من 8 أشهر، تم توفير 25 بالمائة من هذه الأموال فقط.
ومع تراجع المساعدات المالية، اضطرت مؤسسات الإغاثة والإمداد لإنهاء فعالياتها وأنشطتها المتعلقة بدعم الأشخاص المعرضين، وتقليص دفعات توزيع المساعدات الانسانية بين المحتاجين.
كما أن تدخل طالبان في المساعدات الانسانية، واستغلالها لها، دفع بالكثير من الدول إلى أن تقطع مساعداتها المالية بصمت أو أن تخفض نسبها.
وساهمت هذه الأسباب والدلائل في أن يتفشى الفقر بين الأسر الأفغانية ويتوسع نطاقه يوما بعد يوم، بحيث أن الشعب الأفغاني أصبح يغرق أكثر فاكثر في وحل الفقر والعوز.
ما هي التداعيات؟
وكان لتفشي الفقر في أفغانستان، تداعيات مضرة ومدمرة؛ بما فيها زيادة معدلات سوء التغذية وعرض الأطفال للبيع.
وتفيد إحصاءات الأمم المتحدة، أن توسع نطاق الفقر وازدياد حالات سوء التغذية في أفغانستان، ألقيا بظلالهما على الأطفال قبل أي شخص آخر.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة قبل نحو ثلاثة أشهر، أن 3 ملايين طفل في أفغانستان، يعانون من سوء التغذية، لكنه قادر على مساعدة واحد من ثلاثة أشخاص منهم فقط.
كما أن إحصاءات المصادر الصحية تشير إلى أن وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية قد ازدادت.
وكانت المصادر الصحية بولاية بدخشان شمالي أفغانستان قد أعلنت في وقت سابق أن ما لا يقل عن 26 طفلا توفوا في مشفى هذه الولاية على إثر سوء التغذية. وهذه الأرقام متعلقة بستة أشهر ومشفى واحد فقط، ولا تغطي سائر المشافي والمراكز الصحية.
وفضلا عن ذلك، فان انتشار الفقر تسبب باضطرار عدد من الأسر لعرض أطفالها للبيع حتى.
والمثال على ذلك هو ما حدث قبل فترة في ولاية ننغرهار شرقي أفغانستان، إذ عرضت امرأة اثنين من أطفالها الصغار للبيع لتوفير نفقات بقية أطفالها وتسديد الديون التي في ذمتها.
ويُعد تزايد حالات اليأس وفقدان الأمل بين الشباب على خلفية الفقر وانتحار الشبان لهذا السبب، في عدد من الولايات، واحدا من تداعيات تفشي الفقر في أفغانستان.
ونظرا إلى سياسات طالبان، فان الآفاق المستقبلية للاقتصاد الأفغاني ما زال يلفها الغموض، ويبدو أنه في ظل هكذا وضع، فان الفقر والعوز، سيطالان الشعب الأفغاني وسيتسببان بمزيد من الخسائر له.
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-09-07 08:39:24
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي