“طفولة مأساوية”: أطفال غزة يتلقون التطعيم ضد شلل الأطفال، والحرب مستمرة | أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

دير البلح، غزة- تستعد مها أبو شمس (27 عاماً) لتطعيم أطفالها الأربعة، الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات، منذ ساعات الصباح الأولى، للحصول على لقاحات شلل الأطفال.

مها، وهي أم لخمسة أطفال، تعيش في أحد الفصول الدراسية في دير البلح وسط قطاع غزة منذ نزوح العائلة من بيت حانون شمال القطاع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

“عندما سمعت عن خطر انتشار شلل الأطفال، شعرت بالرعب على أطفالي. وعندما علمت بحالة مؤكدة من الشلل، شعرت وكأن عالمي قد انهار”، قالت مها وهي تحتضن طفلها البالغ من العمر تسعة أشهر داخل قسم الأطفال المزدحم في مستشفى شهداء الأقصى، آخر منشأة طبية عاملة في دير البلح.

وأكدت وزارة الصحة في غزة الشهر الماضي أول حالة شلل أطفال – طفل يبلغ من العمر 10 أشهر، مصاب الآن بالشلل في ساقه – في الجيب بعد 25 سنةفي أعقاب اكتشاف فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي، بدأت الأمم المتحدة، بالتعاون مع السلطات الصحية في غزة، حملة حملة التطعيم لحماية الأطفال من شلل الأطفال، الذي قد يسبب شللاً لا رجعة فيه للأطراف أو حتى الموت. وسيتلقى نحو 640 ألف طفل تحت سن العاشرة قطرات فموية من اللقاح للحماية من الفيروس الذي يصيب في المقام الأول الأطفال دون سن الخامسة، وهو شديد العدوى ولا علاج له.

لقد أدى التهديد بشلل الأطفال إلى تفاقم مخاوف مها. فالآباء النازحون مثلها يواجهون بالفعل ظروفاً قاسية وغير صحية في الملاجئ مثل المدرسة التي تعيش فيها مها وأطفالها، وفي مخيمات الخيام في غزة، وهم يحاولون البقاء على قيد الحياة في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة التي قتلت أكثر من 100 ألف شخص. 40,700 فلسطيني.

وتوضح أن “الافتقار إلى النظافة هو السمة الرئيسية بسبب الاكتظاظ والبنية التحتية المنهارة والوضع الصحي الكارثي”.

وتضيف مها: “المدرسة التي أعيش فيها مليئة ببرك الصرف الصحي والمياه العادمة، ولا أستطيع الحفاظ على نظافة أطفالي أو صحتهم في ظل هذه الظروف”.

إضافة إلى اصطحاب أطفالها إلى مستشفى الأقصى لتلقي التطعيم، اضطرت مها إلى اصطحاب طفلها الأصغر إلى قسم الأطفال بعد ثلاثة أيام من معاناته من ارتفاع في درجة الحرارة والقيء.

“هكذا تمضي أغلب أيامي في الحرب، أسرع بأطفالي المرضى إلى المستشفى لتلقي العلاج بسبب انتشار الأمراض، إذا كان ذلك متاحاً”، تقول. “إذا كانت هذه هي الطريقة التي نكافح بها أمراضاً بسيطة مثل أنفلونزا المعدة، فكيف يمكننا محاربة أمراض خطيرة مثل شلل الأطفال؟”

لقد تحولت حياة مها إلى كارثة مدمرة الشهر الماضي عندما قُتل زوجها في غارة جوية إسرائيلية بالقرب من ملجأهم. تقول مها: “الآن، أنا المسؤولة الوحيدة عن رعاية خمسة أطفال. إنه أمر مرهق، ولكن مثل آلاف الأمهات في غزة، ليس لدي خيار سوى المضي قدمًا”.

ورغم ترحيبها بحملة التطعيم ضد شلل الأطفال، فإنها تشير إلى أن هذه الحملة لا تعالج سوى تهديد واحد تفرضه الظروف المعيشية المزرية. وتقول: “سوء التغذية، والتهاب الكبد، وأمراض الجلد، والإرهاق ــ يواجه أطفالنا مجموعة من التهديدات. والحل الحقيقي يكمن في تحسين الظروف المعيشية وإنهاء الحرب. لقد تحملنا ما يكفي”.

تعيش حنين عبد الله في فصل دراسي مزدحم مع زوجها وأطفالها. وتقول إن العديد من الآباء يشعرون بالقلق إزاء حملة التطعيم التي تقودها الأمم المتحدة لأن الحرب أدت إلى تآكل ثقتهم في المجتمع الدولي (عبد الحكيم أبو رياش/الجزيرة)

بالنسبة لحنين عبد الله، البالغة من العمر 31 عاماً، كان قرار تطعيم أطفالها ضد شلل الأطفال محفوفاً بالتردد.

حنين، وهي أم لثلاثة أطفال صغار، نزحت مع عائلتها من جباليا في شمال غزة، وهي الآن تتقاسم مساحة ضيقة مع 25 فردًا من عائلتها.

وتقول وهي تتحدث في مستشفى الأقصى، واصفة وضعها بالمأساوي: “في نفس الفصل الدراسي، يتواجد نحو 40 طالبة أخرى”.

إن الكلية التي تعيش فيها مكتظة بالسكان، وتنتشر فيها برك الصرف الصحي، وتصطف طوابير طويلة أمام دورات المياه. أما الجدران الخارجية فهي سوداء اللون بسبب حرق الأخشاب في الطهي.

وتقول إنها لم تعد تثق في أي إجراء تقوم به المنظمات الدولية فيما يتعلق بصحة الأطفال في غزة.

وتقول بمرارة: “أطفالنا يُقتلون يومياً بالقنابل والصواريخ، حتى في المناطق الآمنة المفترضة. بعضهم يُقطع رأسه”.

“هذا الجنون لا يزال مستمرا ومع ذلك يتحدثون عن مخاوف من شلل الأطفال فقط؟”

مثل العديد من الأسر النازحة في ملجأها، قاومت حنين في البداية تطعيم أطفالها.

وتوضح قائلة: “لقد فقد الناس هنا الثقة في أي شيء عالمي أو غربي”.

“ويعتقد بعض النازحين في المنطقة بنظريات المؤامرة التي تقول إن اللقاحات تحتوي على مواد زرعتها إسرائيل والولايات المتحدة لإضعاف أطفالنا.”

ورغم شكوكها، إلا أنها شعرت في النهاية بأنها لا تستطيع المخاطرة بصحة أطفالها، خاصة بعد سماعها عن وجود حالة مؤكدة لشلل الأطفال في غزة، لذا أحضرتهم إلى المستشفى.

وتقول وهي تحمل طفلها الرضيع: “أتفهم اليأس الذي تشعر به الأسر التي تعيش في ظل ظروف الحرب. نحن مثل الموتى الأحياء، محاصرون في ظروف لا تطاق”.

وتقول محبطة: “لقد أنجبت طفلي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومنذ ذلك الحين يعيش طفولة مأساوية في الملجأ”.

“لا يحصل على التغذية المناسبة، ولا ملابس، ولا ألعاب. ويعاني من طفح جلدي وإرهاق مستمر.”

بالنسبة لحنين، فإن مكافحة شلل الأطفال ليست سوى جزء صغير من نضال أكبر.

وتضيف “إن حماية أطفالنا من شلل الأطفال أمر مهم، لكن المعركة الحقيقية هي ضد الظروف المعيشية التي فرضتها الحرب. هذه الظروف تدمر صحتهم العقلية والنفسية وحتى مستقبلهم”.

“ما الفائدة من تطعيم الأطفال وحمايتهم من الأمراض، بينما تستمر الحرب التي تقتلهم كل يوم؟ هذا كلام فارغ”.

المصدر
الكاتب:
الموقع : www.aljazeera.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-09-03 11:59:19
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل

Exit mobile version