أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، مساء اليوم الثلاثاء، أن 115 طفلًا رضيعًا عاشوا لحظات قصيرة من الحياة قبل أن تقتلهم آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، فيما أكد المرصد الأورومتوسطي الحقوقي، أنّ أطفال القطاع أصبحوا هدفًا مباشرًا ورئيسيًا لجرائم الاحتلال وأن أعداد الضحايا في صفوفهم مفرغة وغير ومسبوقة.
جاء ذلك بعدما شهد قطاع غزة مأساة جديدة ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي، عقب استشهاد رضيعين توأمين (ذكر وأنثي) لم يبلغا بعد 4 أيام ووالدتهما، في حين كان والدهما ينجز شهادة ميلادهما.
وأضافت الصحة أن هؤلاء الأطفال “عاشوا لحظات قصيرة من الحياة قبل أن تُزهق أرواحهم تحت وطأة القصف والعدوان”.
واستشهد اليوم الطفلين الرضيعين التوأم “آيسل وآسر أبو القمصان رفقة أمهم وجدتهم، بقصف إسرائيلي استهدف منزلهم في دير البلح.
من جانبه قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن إحصاءاته تظهر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 2100 طفل رضيع فلسطيني ممن تقل أعمارهم عن عامين، ضمن نحو 17 ألف طفل قتلهم في قطاع غزة منذ بداية جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن العديد من الأطفال كانت تقطعت رؤوسهم وأعضاء أجسادهم بفعل القصف الإسرائيلي شديد التدمير على تجمعات المدنيين، وبخاصة المنازل والمباني والأحياء السكنية ومراكز الإيواء وخيام النازحين قسرًا، بما يشكل انتهاكًا صارخًا لقواعد التمييز والتناسب والضرورة العسكرية واتخاذ الاحتياطات اللازمة.
وذكر الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثق اليوم الثلاثاء مقتل الطفلين الرضيعين “آسر” و”آيسل محمد أبو القمصان”، وهما توأم لم يتجاوز عمرهما الأربعة أيام، حيث قُتلا صباح اليوم الثلاثاء 13 أغسطس/آب 2024، مع والدتهما “جمان” وجدتهما في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في دير البلح وسط قطاع غزة.
وأشار إلى أن والد الطفلين كان خرج لاستخراج شهادة ميلاد لطفليه حديثي الولادة، وعاد إلى الشقة ليجدها مدمرة وجميع أفراد أسرته، بالإضافة إلى الجدة، قتلوا باستهداف إسرائيلي مباشر على المنزل.
وأبرز الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي يمتلك تكنولوجيا متطورة، وهو يعلم في كل مرة يستهدف فيها منزلًا أو مركز إيواء من داخله من المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، ومع ذلك يقصفها بصواريخ وقنابل ذات قدرة تدميرية كبيرة، متعمدًا بذلك إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح المدنيين وإحداث الإصابات الشديدة، بدلالة النمط المتكرر والمنهجي وواسع النطاق للاستهداف الإسرائيلي للمدنيين في قطاع غزة، والأسلحة شديدة التدمير والعشوائية، وبخاصة ضد المناطق ذات الكثافة السكانية المدنية المكتظة.
وشدد الأورومتوسطي على أن حالة الرضيعين “آسر” و”آيسل”، هي حالة متكررة، فيوميًّا يسجل ضحايا من الأطفال وبينهم أطفال رضع.
وأبرز إفادة “عبد الحافظ النجار” (42 عامًا) والد الطفل “أحمد” الذي قطع رأسه وقتل مع ثلاثة من أشقائه ووالدتهم وعدد كبير من الضحايا في مجزرة إسرائيلية استهدفت نازحين في الخيام في منطقة “البركسات” غرب رفح جنوبي القطاع في 26 مايو/أيار الماضي، حيث قال لفريق الأورومتوسطي: “طفلي أحمد كان شكله جميلًا جدًا، عمره عام ونصف، قُطع رأسه في القصف الإسرائيلي، كان رأسه مفصولًا عن جسده، عندما شاهدته شعرت بالقهر، لقد دفن بدون رأسه.”
وذكر الأورومتوسطي أن طفلين رضيعين آخرين؛ “وسام” و”نعيم أبو عنزة”، وعمرهما ستة أشهر، قتلا كذلك مع والدهما و11 من أفراد العائلة في غارة نفذها الطيران الإسرائيلي على حي “السلام” في رفح جنوب قطاع غزة في 3 مارس/آذار.
وأفادت “رانيا أبو عنزة”، والدة الطفلين، أنها أنجبت الرضيعين بعد عشر سنوات خاضت خلالها محاولات تلقيح عدة وزراعة داخل الرحم، لتحقق حلمها في أن تصبح أمًا، قائلة: “زرعوا لي 3 أجنة، بقي منهم اثنان، وها هما ذهبا. بعد عشرة أيام من مقتلهما، كانا سيتمان الستة أشهر. قصفوا الدار، زوجي وأولادي والعائلة قتلت في المجزرة.”
كما أبرز الأورومتوسطي حالة السيدة “شيماء الغول”، والتي كانت حاملًا في الشهر التاسع عندما تعرض منزلها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة للقصف في 12 فبراير/شباط الماضي، ما أدى إلى مقتل زوجها وابنيها “محمد” و”جنان”، وأصيبت هي بشظية في بطنها وصلت إلى الجنين.
وأفادت “الغول” أن زوجها “عبد الله أبو جزر” كان أعد لها “التمر والحلوى وشنطة الميلاد فرحًا بمولوده المُنتظر قبل أن يُقتل مع طفليه.” وذكرت أنها وضعت طفلًا أسمته “عبد الله”، تيمنًا باسم والده، لكنه عاش يومًا واحدًا، إذ توفي متأثرًا بإصابته بالشظية، لتفقد أطفالها الثلاثة مع زوجها.
وأكد الأورومتوسطي أن العشرات من أطفال الأجنة كانوا قتلوا في المستشفيات نتيجة انقطاع الأكسجين والكهرباء وغياب الرعاية واستهداف المستشفيات على مدار الأشهر العشر الماضية.
وقال إن إسرائيل مستمرة بقتل الآلاف من الرجال والنساء الفلسطينيين في قطاع غزة، معظمهم في سنواتهم الإنجابية، ومنهم كذلك النساء الحوامل، وآلاف من الأطفال، بمن في ذلك الأطفال الرضع. ومما لا شك فيه أن عمليات القتل المنهجية وواسعة النطاق التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين، الذين بلغت نسبتهم 92% على الأقل من مجموع عدد القتلى لجريمة الإبادة الجماعية، والبالغ نحو 50 ألف فلسطيني وفلسطينية، بينهم الآلاف تحت الأنقاض، بالإضافة إلى جرح وإصابة حوالي 88 ألفًا أخرين، سيكون لها تداعياتها السلبية على معدلات النمو السكاني والقدرة الإنجابية لدى الفلسطينيين في قطاع غزة، ولأجيال قادمة، وسيترك عواقب خطيرة على الفلسطينيين كمجموعة قومية وعرقية لعدة أجيال، وذلك وفقًا للمعنى الوارد بخصوص أفعال الإبادة الجماعية بموجب المادة (2) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وأشار إلى أن حالات وفاة تسجل يوميًّا في صفوف الأطفال الرضع كنتيجة مباشرة للجرائم التي تأتي ضمن أفعال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في القطاع، وبخاصة التجويع والتعطيش ومنع وعرقلة إدخال المساعدات الأساسية، كالحليب، والحرمان من الرعاية الصحية، وأغلب هؤلاء لا يسجلوا ضمن أعداد الضحايا المعلن عنها من وزارة الصحة الفلسطينية، لعدم وجود آلية محدد لاعتماد هذا النوع من الضحايا.
وأضاف أن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة وفي ظل جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ عشرة أشهر، باتوا لا يتمتعون بأي نوع من أنواع الحماية التي يقررها القانون الدولي، وقد حرموا من حقوقهم الأساسية. حيث أصبحوا أهدافًا رئيسة ومباشرة ومتعمّدة للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك القتل العمد والإعدامات المباشرة.
كما أن الأطفال الفلسطينيون باتوا ضحايا لجرائم الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتشويه المتعمد، والإصابات والمعاناة النفسية الشديدة، والتجويع، والحصار، والتهجير القسري، وتدمير المدارس، والحرمان من التعليم، وتدمير القطاع الصحي، والحرمان من الرعاية الصحية، وغيرها من مقومات النجاة الأساسية. كما أنهم ضحايا تشتيت العائلات والحرمان من الرعاية الوالدية.
وقال الأورومتوسطي إن هذه الجرائم لن تنتهي آثارها بانتهاء الحرب، وستبقى تلازمهم طوال حياتهم، وهذه من أبرز أهداف جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تجليًّا. فهناك الآلاف من الأطفال الذين فقدوا آباءهم و/أو أمهاتهم، والآلاف من الأطفال الذين بترت أطرافهم وتعرضوا لدرجات خطيرة من الحروق وإصابات أخرى خطيرة، كما تعرضت الغالبية العظمى من الأطفال لصدمات نفسية قد يصعب علاجها، فيما يعاني غالبية الأطفال من الجوع وسوء التغذية والجفاف، الأمر الذي سيؤثر سلبًا على نموهم في المستقبل وعلى قدراتهم الجسدية والعقلية والتعليمية.
كما أنه ونتيجة للتدمير واسع النطاق الذي لحق بالأعيان المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك المنازل والممتلكات الخاصة ومصادر الرزق والإنتاج والنظام الاقتصادي والتجاري الذي تعمد الجيش الإسرائيلي إحداثه وإخضاع السكان لظروف معيشية يراد بها تدميرهم وإفقارهم، فقد خسر معظم أطفال قطاع غزة بيوتهم، وأمنهم الاقتصادي الخاص بهم وبعائلاتهم، إلى جانب حرمانهم من التعليم، وهو ما سيكون له آثار خطيرة على مستقبلهم وقدرتهم على تمتعهم بحقوقهم الأخرى، ويجعلهم أكثر عرضة للفقر والبطالة والاستغلال، وأقل قدرة على الإسهام في إعادة بناء المجتمع الفلسطيني في القطاع بعد انتهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي، وبالتالي دفع الفلسطينيين للهجرة القسرية بشكل مباشر وغير مباشر.
وجدد المرصد الأورومتوسطي مطالبته أطراف المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفوري لوقف جريمة الإبادة الجماعية ووقف تحويل إسرائيل قطاع غزة إلى مقبرة هي الأكبر للأطفال في التاريخ الحديث حول العالم، وتوفير الحماية لهم وإنهاء حالة ازدواجية المعايير الصارخة التي تسيطر على مواقفه.
وأكد أنه ينبغي محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الصريحة للقانون الدولي الإنساني في قتل واستهداف الأطفال الفلسطينيين ومنع إعمال حقوقهم بحرمانهم من احتياجاتهم للمساعدة الطبية- بما في ذلك اللقاحات- والغذاء والمأوى والملبس المعترف بها في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليهما لعام 1977.
المصدر
الكاتب:وكالة شمس نيوز الإخبارية – Shms News || آخر أخبار فلسطين
الموقع : shms.ps
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-08-13 21:30:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي