ٍَالرئيسية

عاشوراء حدث كوني ورسائل عالمية

شفقنا- لم تكن عاشوراء محطة تاريخية عابرة تعود الى عام 61 للهجرة بل هي قضية إلهية كونية ظل صداها يتردد في كل زمان ومكان لما حملته من قيم ومبادئ ورسائل تنشدها الإنسانية ولعظمة شخوص هذه القضية الفريدة وتضحياتهم الجسام المتمثلة باستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته وأنصاره في العاشر من محرم الحرام بكربلاء، لذا يتوجه ملايين الزائرين بمختلف انتماءاتهم وبلدانهم الى هذه المدينة المقدسة لإحياء زيارة عاشوراء والتبرك بزيارة المرقد الطاهر لسيد الشهداء، حتى غدت هذه الزيارة محط اهتمام وسائل إعلام عالمية وباحثين ومفكرين وراحت اعداد الزائرين تتزايد في كل عام.

زيارة عاشوراء في الموروث الإسلامي

الشيخ محمد الرماحي ذكر ان “لزيارة عاشوراء مكانة متميزة في التراث الإسلامي وهي كبيرة من حيث المضامين والرسائل لما فيها من روايات عن ائمة الهدى عليهم السلام  إذ ورد عن الامام الباقر سلام الله عليه ان (من زار الحسين بن علي عليه السلام في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكيا لقى الله عز وجل يوم يلقاه بثواب الفي حجة والفي عمرة والفي غزوة ثواب كل غزوه وحجة وعمرة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه واله ومع الأئمة عليهم السلام، فقال له عقبه جعلت فداك لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المسير اليه في ذلك اليوم ،  فقال اذا كان كذلك برز الى الصحراء او صعد سطحا مرتفعا في داره وأومأ اليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتليه وصلى من بعد ركعتين وليكن ذلك في صدر النهار قبل ان تزول الشمس ثم  ليندب الحسين عليه السلام  ويبكيه ويأمر ممن في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه وليعزي بعضهم بعضا بمصاب الحسين عليه السلام..)

وتابع الشيخ الرماحي حديثه ان “ما ورد عن الامام الصادق ((عليه السلام)) ايضا في بيان فضائل وكرامات هذه الزيارة انها تقضي الحوائج فمن كانت له حاجة  فليزر الحسين عليه السلام بزيارة عاشوراء فأنها تقضى له”.

ولفت الشيخ الى مضامين الزيارة قائلاً “الزيارة فيها الكثير من المضامين العالية ولكن نحاول ان نقتصر على بعض النقاط المهمة، الزيارة تبدأ بالسلام على الإمام سلام الله عليه بكنيته وبجده وبابيه وبأمه عليهم السلام وعلى كل من نزل معه في ذلك الموقف العظيم يوم عاشوراء يوم معركة الحق مع الباطل المعركة الفاصلة في التاريخ الاسلامي التي فصلت وميزت مدرسة الحق عن سلاطين الجور والظلم، و من مضامينها التبرؤ من الظلمة في كل زمان ومكان، وعلى الانسان المؤمن من يتولى علي وآل علي ان يعمل بهذه المضامين العالية بأن يتبرأ من الظالمين وطلاب السلطة و المناصب وعليه ان يتحلى بتلك الروح الحسينية التي يكون بها انسان يطالب بالحق لا ان يسكت عن حقه”.

عاشوراء كشفت زيف السلاطين واظهرت الحقيقة

ونوه الى  ان “عاشوراء  جردت السلاطين من ألقاب كانوا يلقبون بها وهم منها براء، جردتهم من لقب أمير المؤمنين التي كانت تطلق عند بعض المدارس على كل من يتولى الامر، ونقول ان الامام سلام الله عليه قد بين للأمة ان هؤلاء السلاطين هم سلاطين عروش وملك وشهرة وثروة وخمور وغناء بعيدا عن دين رسول الله صلى الله عليه واله و كان البيان بان يقدم دمه الشريف لهذه الامة كي تعي ما يجري حولها من تداول وتوارث للسلطة من جهلة القوم الذين لا يعرفون عن الدين وعن الاسلام شيء ايضا ذكر المصيبة العظيمة التي حلت بالإسلام بسبب سفك هذا الدم الطاهر دمر الإمام الحسين وامتد الاجرام ليشمل الصغار والكبار الشيبة حتى سبيت النساء عيال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) كل ذلك قد كشف زيف السلطة الغاشمة وعرى حقيقتها “.

عاشوراء ميزان الحق والباطل

واسترسل الرماحي في حديثه عن مضامين الزيارة ان “القاعدة الاخرى التي يذكرها الإمام سلام الله عليه ويضعها منهجا لشيعته في معرفة من هم أهل الحق و من هم أهل الباطل وان لا يتولى المؤمن أهل الباطل هي قاعدة(سلم لمن سالمكم وعدو لمن عاداكم) كما ورد في الزيارة الشريفة وان لا يختلف المؤمن مع اخيه الذي هو سلم لمحمد وآل محمد فلابد ان يكون سلم له ايضا وهذا الامر لا يقتصر فقط على حقبة معينة وانما هو منهج للحياة ومنهج عام يشمل جميع الأزمنة والاماكن”.

رسائل مهمة الى العالم

تحمل عاشوراء رسائل وقيم تصلح لكل المجتمعات والبلدان لما فيها مشتركات إنسانية، مما يستدعي معرفة كيفية ايصال هذه الرسائل الى المجتمعات.

الاستاذ الدكتور أحمد الصفار التدريسي في جامعة مانشستر البريطانية تحدث عن هذا الجانب بالتفصيل قائلا ان “ايصال عدة رسائل مهمة الى العالم يكون بالشكل اولا والمضمون ثانيا اما من ناحية الشكل هناك عدة نقاط اوجزها بما يلي:

اولا: التضامن والوحدة من خلال فعالية مواكب العزاء الجماعية مما يظهر قوه الروابط الاجتماعية والتكاتف المجتمعي.

ثانيا: اظهار السلام والتسامح فتبين ذلك اللافتات والشعارات مما يبرز القيم الانسانية المشتركة.

ثالثا: عملية التوزيع المجاني للطعام والماء هو تعبير عن الكرم والضيافة حبا وكرامة للإمام الحسين عليه السلام.

رابعا: الايثار والتضحية وذلك يتمثل بالخدمة العامة من خلال قيام المتطوعين بخدمة المشاركين وتنظيم المراسم بروح من الايثار والتفاني كل ذلك يعكس التضحية والبذل من اجل الآخرين.

خامسا: التنظيم والانضباط الواضح، ان التنظيم المحكم من مظاهر التنظيم الجيد والانضباط في سير المواكب والمراسم كل ذلك يعكس الجدية والاحترام للقيم والمبادئ .

سادسا: التنسيق والتعاون بين مختلف المواكب لضمان سير المراسم بشكل منظم ومرتب و احترام المكان والبيئة وذلك من خلال الحفاظ على نظافة الاماكن العامة وعدم التسبب في الفوضى والالتزام بالقوانين والأنظمة المحلية خلال المراسم كل ذلك يظهر الاحترام العام للنظام.

سابعا: ان من النقاط المهمة التي نركز عليها في الشكل هو ترديد الاهازيج والقصائد الحسينية التي تعبر عن التراث الثقافي والديني بروح من الخشوع والروحانية وهذا يعكس الالتزام العميق بمضمون الزيارة.

ثامنا: قراءة الادعية والزيارات الخاصة بهذه المناسبة هذه ايضا تعطينا صورة عن الاتصال بالله سبحانه وتعالى.

تاسعا: ايصال الرسائل الإنسانية الى المجتمعات الغربية وذلك بتنظيم الفعاليات الخيرية التي تعكس القيم الإنسانية النبيلة ويقوم بهذه المهمة الشيعة المقيمون بالغرب ومن الامثلة حملات التبرع بالدم وتوزيع الملابس وتوزيع ادوية للفقراء والمحتاجين تحت شعار نصرة المظلوم التي دعا لها الامام الحسين عليه السلام.

وتابع الدكتور الصفار قوله “اما ايصال الرسائل العاشورائية من خلال مضمون الزيارة فهنالك ايضا رسائل أخرى يمكن ايجازها على النحو الاتي:

اولا: التضحية من اجل الحق والعدالة بالتذكير بتضحية الإمام الحسين عليه السلام وانصاره الذين قدموا ارواحهم من اجل نصرة الحق والوقوف ضد الظلمة.

ثانيا: الصمود والثبات فزياره عاشوراء تعبر عن الصمود والثبات مهما كانت التضحيات وتعليم الاجيال القادمة اهمية الوقوف بجانب القيم والمبادئ.

ثالثا الوحدة الإنسانية بالتأكيد على رسالة الإمام الحسين عليه السلام الداعية الى الوحدة الانسانية والتعاون بين الناس بغض النظر عن اختلافاتهم .

رابعا: المظلوميات التاريخية فمضمون زيارة عاشوراء تذكر المختصين بكتابة التاريخ والمفكرين وغيرهم بالمظلوميات التي تعرض لها اهل البيت عليهم السلام ثم التأكيد على ضرورة استلهام الدروس منها لتعزيز العدل والمساوات في الحاضر.

خامسا: الاصلاح الاجتماعي من خلال تسليط الضوء على رسالة الاصلاح التي قادها الامام الحسين عليه السلام والتي تؤكد على ان الحرية والكرامة الإنسانية من القيم الأساسية التي يجب الدفاع عنها وذلك من خلال احياء زيارة عاشوراء”.

الامام الحسين (ع)  بث في النفوس روح الحرية ورفض الظلم على مر العصور

السيد علي المحنا من  قسم التوجيه الديني في العتبة الحسينية المقدسة يذهب الى  ان “الامام الحسين عليه السلام بث في نفوس المؤمنين ومن تبعه روح الحرية ورفض الظلم على مر العصور وصارت أعداد الزائرين والمؤمنين بالقضية الحسينية تزداد عام تلو الاخر، مضيفاً “لا يخفى على الجميع أن ذلك لطف الالهي وان دماء الامام الحسين هي امتداد لرسالة النبي صلى الله عليه واله وسلم وان دمائه الزكية قد ارست قواعد الاسلام الصحيح وحفظت الدين “.

وينوه الى ان “الاعلام الغربي يحاول النيل من زيارة عاشوراء بتسليط الضوء على بعض التصرفات غير اللائقة التي تصدر بشكل شخصي ويصدرها الى العالم بأنها اخلاق زائري الامام الحسين عليه السلام”.

ويختم قوله “لا يجوز للمنصف ان يعتمد على الجزئيات في تكوين صورة كلية حول موضوع معين او قضية معينة لابد للإنسان ان ينظر للمسائل الكلية من تثقيف ونبذ الحقد والكراهية بين الاديان و ينظر الى سماحة وكرم اتباع أهل البيت بتقديم خدماتهم المتكاملة للزائرين في زيارة عاشوراء”.

*وكالة كربلاء الدولية

انتهى

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-07-28 07:27:35
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى