ٍَالرئيسية

أفغانستان؛ ثمانية أعوام على قمع “حركة النور”، آفاق مظلمة وعدالة غائبة

 شفقنا – قبل ثمانية أعوام، وفي 23 تموز/يوليو، نزل عشرات الألوف من الهزارة والشيعة في أفغانستان إلى الشوارع في أضخم حركة مدنية بتاريخ البلاد عُرفت بـ “حركة النور” ورددوا شعار “العدالة”؛ لكن لم تمر ساعات حتى أخمد، تفجير قاتل، الصرخات المنادية بالعدالة، وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود إلى السماء وامتزجت الدماء الحمراء بتراب كابل.

ولقي في هذا التفجير 86 شخصا مصرعه، معظمهم كانوا طلبة وشبانا متعلمين ونشطاء اجتماعيين وثقافيين من الهزارة، وأصيب أكثر من 400 آخرين.

ونفذ الهجوم على المشاركين في مسيرة “حركة النور” الاحتجاجية، ثلاثة انتحاريين، فجّر أحدهم نفسه بين الجموع المحتشدة، فيما جاء التفجير الثاني ناقصا، وقُتل الشخص الثالث على يد الشرطة.

وأعلنت الرئاسة العامة للأمن القومي الأفغاني آنذاك أن المتفجرات التي استخدمت في هذا الهجوم كانت من نوع ” RDX” والتي هي بحوزة الحكومات فقط.

وتبنى تنظيم داعش الإرهابي مسؤولية هذا الهجوم الانتحاري، غير أن المحتجين رأوا أن هذا الهجوم، تم التخطيط له وتنفيذه بالتنسيق مع عناصر من داخل الحكومة الأفغانية لا سيما مكتب مجلس الأمن القومي الأفغاني بقيادة محمد حنيف أتمر.

كيف تشكلت حركة النور؟

وتشكلت حركة النور في أفغانستان، احتجاجا على تغيير مسار نقل خطوط الكهرباء سعة 500 كيلوواط تركمانستان، من ولاية باميان التي يقطنها الشيعة إلى سالنغ.

وكان مجلس الوزراء الأفغاني قد صادق في اجتماعه بتاريخ 30 نيسان/ابريل 2016، على تغيير مسار نقل كهرباء تركمانستان سعة 500 كيلوواط إلى أفغانستان، من باميان إلى سالنغ.

واعتبر مجتمع الهزارة والشيعة الأفغان، هذا القرار بانه “تمييزي” ما تسبب باندلاع احتجاجات واسعة للأحزاب السياسية والنشطاء المدنيين والمجموعات الاجتماعية ضده.

وفي ظل إلحاح الحكومة على قرارها، أصبحت الاحتجاجات ضده، أكثر انسجاما شيئا فشيئا وتمخضت عن تشكيل “حركة النور”.

وهذه الحركة التي تبلورت على يد الشبان والأكاديميين الهزارة، حظيت بدعم قادة الأحزاب السياسية وممثلي المجلس الوطني الأفغاني ومسؤولي الهزارة في الحكومة الأفغانية، وتحولت إلى أكثر الحركات المدنية جدية وضخامة في تاريخ أفغانستان.

ونظمت “حركة النور” مظاهرات مرتين بمدينة كابل. المظاهرات الأولى جرت في 16 أيار/مايو بمشاركة عشرات الألوف، وتقدم فيها المتظاهرون إلى القرب من القصر الرئاسي الجمهوري بصورة سلمية، وانتهت من خلال طرح مطالب محددة لدى الحكومة الأفغانية والأسرة الدولية.

وخرجت مظاهرات واسعة ثانية في سائر الولايات الأفغانية بما فيها دايكندي وباميان وعدد من بلدان العالم، دعما لحركة النور ومطالبها.

وأقيمت المظاهرات الثانية لحركة النور في 23 تموز/يوليو 2016 . وعلى خلفية إصرار الحكومة على قرارها، وأقام المحتجون اعتصاما مفتوحا في ساحة “دهمزنغ”.

لكن وفي حوالي الساعة ۲:۰۰ من بعد ظهر اليوم ذاته، وبينما كان المحتجون منشغلين بنصب خيم الاعتصام وبدء الجزء الثاني من احتجاجاتهم، تعرضوا لهجوم انتحاري قاتل؛ الهجوم الذي اعتبر بمنزلة “قمع مباشر” لهذه الحركة والهزارة في أفغانستان.

 

ما بعد حركة النور

وأهم مطالب حركة النور، تمثلت في إلغاء قرار مجلس الوزراء الأفغاني بتغيير مسار نقل الطاقة الكهربائية سعة 500 كيلوواط تركمانستان، وتطبيق العدالة الاجتماعية ووضع نهاية للتمييز الممنهج ضد الهزارة الأفغان.

واليوم حيث تمر ثماني سنوات على هذا الهجوم المفجع ضد هذه الحركة، باتت الآفاق المستقبلية لأفغانستان “قاتمة” في ضوء سيطرة طالبان عليها، وأصبح “غياب العدالة” يفتك بهذا البلد، أكثر من أي وقت مضى.

وفي الذكرى السنوية الثامنة لشهداء حركة النور، يكرم الشعب الأفغاني، ذكرى هؤلاء الضحايا، ويثني على حركتهم ضد “الظلم” و “التمييز” و “الاستبداد” ويعتبرها أسوة للأجيال المستقبلية في أفغانستان.

ويتفاعل المواطنون الأفغان على مواقع التواصل الاجتماعي بهذه المناسبة ويقولون أن قمع حركة النور والشبان الذين ناضلوا من أجل العدالة، كان له تداعيات مدمرة على أفغانستان، وأدى إلى زوال أرضية تطبيق العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة في البلاد وحال دون ظهور حركات مدنية قوية.

وفي معرض إشارتهم إلى سياسات “التمييز” و “التطرف” و”الطائفية” التي تتبعها طالبان، يقولون أن هذه السياسات تزيل بالكامل أرضية توفير العدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق المواطنة في أفغانستان، وتزيد من الهوة بين المواطنين والعرقيات المختلفة في البلاد.

ويرى رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأفغان أنه إن لم يتم قمع حركة النور، وكانت الحكومة تعتمد سياسة المواطنة وتصغي إلى مطالب المواطنين، لما كان النظام الجمهوري ينهار، وتقع البلاد في قبضة طالبان.

انتهى

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-07-24 06:20:27
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى