وفي ما يلي نص الكلمة:
بداية، أود أن أهنئ رئاسة الاتحاد الروسي لمجلس الأمن، وأشكركم على عقد وتنظيم هذه المبادرة في الوقت المناسب.
إن التعددية الفعالة للأطراف ضرورية لضمان السلام والأمن الدوليين. ونؤكد على أهمية مثل هذه المبادرات لتسليط الضوء على ضرورة التعددية والتأكيد على العواقب الضارة للأحادية الأنانية.
جمهورية إيران الإسلامية، باعتبارها أحد الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة، تؤكد التزامها الدائم بالتعددية الفعالة القائمة على القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
واسمحوا لي، سيدي الرئيس، أن أنتهز هذه الفرصة لأثير بعض النقاط من جانب جمهورية إيران الإسلامية:
1) لم يتم إنشاء الأمم المتحدة فقط من أجل “إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب”، بل أيضاً من أجل “تنمية العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير مصيرها”.. إن هذه المبادئ وغيرها من المبادئ والأهداف السامية التي يتضمنها الميثاق لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التعاون المتعدد الأطراف.. فالأحادية تتعارض مع السلام والعدالة.
2) المساواة في الحكم هي الجوهر الأساس لمنظومة الأمم المتحدة. ويرتكز هذا المبدأ على حق كل شعب في تقرير مصيره، والذي يستطيع من خلاله تقرير مصيره. إن “حظر التهديد أو اللجوء إلى القوة”، و”التسوية السلمية للنزاعات”، وكذلك “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى” كلها أمور تم وضعها بهدف حماية سيادة الدول ضد العدوان الأجنبي وضمان الصداقة والعلاقات الودية بينهما. إن الأحادية تقوض الأسس الجوهرية للأمم المتحدة ومبادئها الأساسية. فالأحادية دعوة إلى الظلم والمواجهة والحرب.
3) إن الأمم المتحدة، باعتبارها الرمز الأكبر للتعددية، تتعرض لكارثة الأحادية. ومن المؤسف أن بعض الأعضاء الدائمين يستغلون مجلس الأمن دائما لتحقيق أجنداتهم الاستراتيجية أو السياسية. فمن ناحية، استخدموا نفوذ المجلس للضغط على الدول ذات السيادة المستقلة، ومن ناحية أخرى، منعوا عمل المجلس لوقف العدوان وانتهاكات السلام من قبل الدول المتحالفة معهم وحلفائهم. ومن الأمثلة الواضحة للغاية على ذلك استخدام حق النقض الذي استمر لعقود من الزمن ضد أي قرار ذي معنى من قبل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وعدوانه المتكرر ضد دول المنطقة. وهنا أود التأكيد على أن دعم وتضامن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع فصائل المقاومة هو عمل مشروع في إطار القانون الدولي بهدف إنهاء الاحتلال والعدوان في المنطقة. إن المقاومة هي رد على الأحادية والدعم المتعصب لكيان إجرامي يرتكب جريمة الإبادة الجماعية في غزة والأراضي الفلسطينية.
4) تتطلب تعددية الأطراف احترام تقسيم العمل بين الأمم المتحدة. إن تسلل المجلس إلى مسائل خارجة عن جدول أعماله والتي وردت بوضوح في الميثاق، يعرض للخطر سلامة الميثاق باعتباره معاهدة حكومية دولية ويصرف انتباه المجلس عن وظيفته الصحيحة. وبالإضافة إلى ذلك، “اتفق أعضاء الأمم المتحدة على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفقا للميثاق”. وأود هنا أن أشير إلى القرارات الجائرة التي فرضت ضد جمهورية إيران الإسلامية خلال الأعوام من 2006 إلى 2010، والتي جاءت نتيجة ادعاءات الولايات المتحدة التي لا أساس لها من الصحة بشأن برنامج إيران النووي السلمي، والتي تتعارض مع حقوق إيران التي يقرها ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، حيث كانت منتهكة للحقوق الأساسية لشعب بلدي. وأؤكد أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتلك المجموعة من الأعضاء الذين لعبوا دورا رئيسيا في فرض تلك العقوبات غير القانونية وغير المشروعة على جمهورية إيران الإسلامية لا يمكن أن يتنصلوا من مسؤوليتهم عن انتهاك حقوق شعبنا.
5) التدابير القسرية الأحادية الجانب في شكل عقوبات تتجاوز الحدود الإقليمية لا تزال تشكل مظهراً من مظاهر الأحادية المتطرفة وغير الإنسانية. ويجب أن تتحمل أميركا وحلفاؤها الغربيون، الذين ينفذون تلك العقوبات، المسؤولية عن الدمار والموت والمعاناة التي لا نهاية لها للدول الخاضعة للعقوبات، بما في ذلك شعب بلدي.
لقد أظهرت جمهورية إيران الإسلامية دائمًا التزامها بالتعددية، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك مشاركتها البناءة في إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة. لقد تمكنت خطة العمل الشاملة المشتركة، باعتبارها مبادرة ناجحة متعددة الأطراف، من معالجة إحدى القضايا غير الضرورية والقلق المزيف للدول الغربية فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي السلمي، وكان من المفترض أن ترفع العقوبات القاسية عن أكتاف الشعب الإيراني.
ومن المؤسف أن هذه العملية المتعددة الأطراف واجهت تحدياً خطيراً في ظل النهج الأحادي الذي اتبعه الغرب والولايات المتحدة. ويعد انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاقية أحد مظاهر الانفرادية على الساحة الدولية، مما ألحق الضرر بجميع أطراف الاتفاقية.
وبنفس الطريقة، فإن سياسة الجوار التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي إحدى نتائج الاهتمام بالتعددية لحل القضايا والاهتمامات المشتركة. وفي هذا السياق، تسعى إيران إلى الحوار والتعاون الإقليميين لخلق بيئة يمكن من خلالها تخصيص الموارد لتحقيق التقدم والتنمية في المنطقة لصالح الجميع. وفي الواقع، فإن تعزيز الشراكة والتعاون من أجل الأمن الجماعي والتنمية المستدامة في المنطقة سيكون المبدأ التوجيهي للسياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية.
في النهاية، أود أن أؤكد على النهج والسياسة الخارجية للحكومة الجديدة في جمهورية إيران الإسلامية، والتي تقوم على تعزيز التعددية على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. أعلن فخامة السيد الدكتور بزشكيان، الرئيس الإيراني المنتخب، أن النهج الرئيسي للسياسة الخارجية لحكومته سيكون فتح آفاق جديدة وتوسيع علاقات الصداقة بشكل شامل مع الحكومات الأخرى على أساس الحوار والتعاون والمساواة والاحترام المتبادل، وفي إطار هذا النهج، تولي حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مكانة خاصة ورفيعة لتعميق العلاقات الشاملة مع دول الجوار وحكومات المنطقة والحكومات الأخرى.
كما أشار الأمين العام، فإن التحديات العالمية “لا يمكن حلها إلا من خلال احترام القانون الدولي، والالتزام بالالتزامات العالمية، واعتماد الأطر المناسبة للحوكمة المتعددة الأطراف”. ومع التأكيد على هذه النقطة، فإن جمهورية إيران الإسلامية ترحب بأي مبادرة لتعزيز تعددية الأطراف وزيادة احترام القانون الدولي وتحقيق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. إن تعددية الأطراف هي المفتاح الرئيسي للتعامل مع التهديدات والتحديات العالمية. ونعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتهيئة بيئة آمنة وعادلة وشاملة حتى تتمكن جميع الدول من الاستفادة من السلام والنمو المستدام.
/انتهى/
المصدر
الكاتب:
الموقع : tn.ai
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-07-16 21:01:53
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي