ما أسباب مد أردوغان يد الصداقة لسوريا؟

شفقنا-ان اللقاء الذي من المقرر ان يجمع بين رؤساء كل من تركيا وسوريا اي أردوغان وبشار الأسد قد تحول الى أحد المواضيع الأساسية في السياسة الخارجية التركية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا يدور حول مكان هذا اللقاء هل يتم في أنقرة، او موسكو او بغداد؟ هذا وتشير التوقعات بانه ستشهد العاصمة العراقية بغداد الاجتماع المزمع عقده على المستوى الوزاري، بينما تستضيف العاصمة الروسية موسكو الاجتماع على مستوى القادة.

لقد انقضت أربع أعوام على اليوم الذي أعلن فيه الطرفان “إنهاء هذا الوضع ولقاء بعضهما البعض”. ويبدو أن أردوغان مستعد لإرسال دعوة، وقد صرح مؤخرا: “إذا اتخذ الأسد خطوة لتحسين العلاقات مع تركيا، فسنظهر له هذا النهج على الفور. وآمل أن نعيد العلاقات بين تركيا وسوريا إلى ما كانت عليه في الماضي”.

لكن إذا نظرنا إلى الوضع من وجهة نظر الأسد، سنرى أن مناطق سورية مازالت محتلة. ويخضع ما يقرب من 10% من الأراضي السورية لسيطرة الجيش التركي والميليشيات المتحالفة معه. وقدم الأسد طلبين طبيعيين خلال اجتماعات على مستوى رؤساء المخابرات والوزراء في موسكو: انسحاب الجيش التركي من سوريا ووقف دعم الجماعات الإرهابية. تدرك تركيا جيدا أنها لن تتمكن من الخروج من المستنقع الذي غرقت فيه في سوريا إلى أن تتوصل إلى اتفاق مع الأسد، وعليها أن تظهر بعض المرونة.

أردوغان جاد في لقاء الأسد، لكنه لا يريد التحدث عن موقف تركيا مما يجري في سوريا. إن حل هذه المشكلات أمر صعب للغاية بحيث لا يمكن فعل أي شيء من خلال إطلاق الوعود التي لا فرصة لها ان ترى النور. ويعتقد مجموعة من الخبراء الأتراك أنه إذا تمكنا من تطبيع العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات، فيمكننا تطبيع العلاقات مع سوريا.

 لا شك أن اعادة العلاقات مع سوريا لا يمكن مقارنته بأي دولة أخرى. إضافة إلى ذلك فإن عملية اعادة مياه العلاقات الى مجاريها مع الدول المذكورة استغرقت فترة طويلة جدا. كما ان تركيا لم تحتل هذه البلدان ولم تشكل جيشا وطنيا فيها. ولم تدخل حربا عليها، ولم تستضيف الملايين من مواطنيهم كلاجئين، ولم تنهب مدنهم.

مما لا شك فيه أن الوضع يسير بطريقة أنه إذا قام الطرفان بمراجعة العلاقات، فسيأتي هذا الأمر بثمار نتائجه لكلا الطرفين. إن الوضع الحالي والتطورات الإقليمية المحتملة جعلت الجانبين يتطلعان إلى المستقبل دون وضع الماضي في خبر كان. وفي الواقع فإن روسيا هي أفضل وسيط يمكن أن يثق به الطرفان. فموسكو هي الحليف والضامن لسوريا والشريك الاستراتيجي النسبي لتركيا.

إذا أراد الطرفان أن يحتضنا بعضهما البعض، فيجب عليهما أن يعلنا عن نواياهما الحقيقية. وما لم يتم التوصل إلى اتفاق، لن يشارك الأسد في اجتماع الزعماء. إضافة إلى ذلك، فهو لا يحبذ عقد اللقاء الأول في أنقرة.

وتشير الأدلة إلى أن رئيس الوزراء العراقي السوداني، وبعد اعادة علاقات أردوغان مع بغداد بعد 13 عاما، قد تدخل ويحاول توفير الحد الأدنى من الشروط لعقد اجتماع على المستوى الوزاري. وفي أنقرة، تبلورت على أرض الواقع مثل هذه المقاربة، الذي يبدو أنه يمكنهم الاجتماع مباشرة مع سوريا دون تأثير روسيا وإيران والتوصل إلى نتيجة.

لكن العراق لا يستطيع أن يعطي ضمانة ولو واحدا في المئة منها التي قدمتها روسيا لسوريا. لذلك، في عملية جدية بالنسبة لدمشق، يُفضل أن تكون موسكو مكان اللقاء الأول. ومن الواضح أن أردوغان في عجلة من أمره، لأنه يقوم حاليا بعمليات في العراق، لكن من غير الممكن توسيع هذه العمليات إلى سوريا.

فتح صفحة جديدة مع دمشق 

ومن دون فتح صفحة جديدة مع دمشق، لن تتشكل شروط عودة المهاجرين. ومع استمرار العداء، يصبح الوضع أكثر تدميرا. قد نشهد تغيرات في السياسة السورية بعد الانتخابات في أمريكا. وإذا قتلت الحرب الإسرائيلية اللبنانية سوريا، فإن تركيا التي دخلت في هذا البلد طولا وعرضا، لن تتمكن من الهروب من هذا الوضع. وهذه أسباب كافية لعودة عبارة “أخي الأسد” للظهور على لسان أردوغان.

ورغم أنه يبدو أن الأسد ليس في عجلة من أمره، فمن الواضح أنه يحتاج إلى اعادة العلاقات مع أنقرة. الاقتصاد السوري يواجه مشاكل. وبرامج إعادة إعمار المدينة تتقدم ببطء. إن تطبيع العلاقات مع تركيا يمكن أن يوفر فرصا لتحسين الوضع الاقتصادي وإعادة بناء المدن السورية. وطالما أن الدرع التركي نشط، فلن يتمكن الأسد من القضاء على الجماعات المسلحة.

 ويرى الأسد أن الضغط على تركيا فيما يتعلق بقضية الإدارة الذاتية مفيد له ويقيم الضغط التركي على أمريكا بأنه مفيد لكنه ليس كافيا. وهو قلق من امتداد الحرب إلى المنطقة على يد إسرائيل. وهو يعلم أن كل شيء سيتغير إذا امتدت الحرب إلى سوريا. وهو في حاجة ماسة إلى إنهاء العزلة الدولية. ويتعرض كلا الزعيمين لضغوط، لكن مواقفهما لا تزال متباعدة.

إن النهج الذي تتبعه تركيا في سوريا واضح. اذ ترفض تواجد الجماعات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني/حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب/القوات الديمقراطية السورية على حدوده. كما تعمل على عودة اللاجئين السوريين الذين فروا إلى تركيا خوفا على حياتهم. واليوم، يعيش الناس في مناطق سيطرة تركيا (في الشمال السوري) دون قلق على سلامة حياتهم، وقد عاد حتى الآن نحو 700 ألف لاجئ سوري طوعا إلى بلادهم.

 منذ البداية، زعمت تركيا كلما سنحت لها الفرصة: “أنا لا أطمع في الأراضي السورية”. لكن بالنسبة للجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة، فإن جهودها تهدف إلى تفكيك سوريا. وبذريعة محاربة داعش، احتلت أمريكا عمليا 30% من الأراضي السورية، وهي المنطقة التي توجد بها أغنى الموارد. وتتواجد في هذه المناطق جماعة PKK/YPG/PYD الإرهابية وقوات سوريا الديمقراطية. كما تجاهلت روسيا تواجد هؤلاء الإرهابيين هناك.

المصدر: صحيفة اعتماد

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-07-18 00:46:47
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version