ٍَالرئيسية

زيارة رئيس وزراء الهند إلى روسيا.. الأسباب والنتائج

 

شفقنا- التقى الأسبوع الماضي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في أول زيارة له إلى روسيا بعد بداية الأزمة الأوكرانية، برئيس روسيا فلاديمير بوتين، وناقشا قضايا مهمة مثل نهاية الحرب، وإمدادات الأسلحة النووية والوقود والطاقة وما إلى ذلك. وفي هذا اللقاء التاريخي، استضاف الرئيس الروسي مودي في نوفو أوغاريوفو خارج موسكو، وأطلع رئيس الوزراء الهندي على هذه المنطقة السياحية بسيارة كهربائية.

وعلى هامش هذه الزيارة، افتتح رئيس الوزراء الهندي قنصليتين جديدتين لبلاده في مدينتي كازان ويكاترينبورغ، وأكد على العلاقات الإيجابية بين موسكو ونيودلهي. ورغم التعليقات الإيجابية والسلبية للمراقبين الدوليين حول زيارة مودي لروسيا، فإن وجود رئيس الوزراء الهندي في روسيا يبدو فرصة لاستئناف الجهود الدولية للتوسط بين موسكو وكييف. وقبل هذا الإجراء، لم تثمر جهود دول مثل جنوب أفريقيا وتركيا والصين والمملكة العربية السعودية لملء الفجوات بين روسيا وأوكرانيا.

ولم تلق زيارة رئيس الوزراء الهندي لموسكو ترحيبا من بعض زعماء العالم. وبالتزامن مع الجولة الجديدة من العمليات الخاصة للجيش الروسي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بيان ساخر إن “لقاء زعيم أكبر ديمقراطية في العالم مع الرئيس الروسي يمثل خيبة أمل كبيرة وضربة خطيرة لمحادثات السلام.”

هذا وانتقدت الولايات المتحدة هذه الزيارة. ورغم الرأي السلبي لواشنطن، يبدو أن وجود عدو مشترك اسمه الصين جعل الأميركيين يفهمون تصرفات الهنود السياسية تجاه روسيا. وفي تبرير علاقاتهم مع روسيا، يعتقد الهنود أن هذه العلاقات، بالإضافة إلى المساعدة في الحفاظ على مصالح نيودلهي، ستكون نافذة آمنة لخفض التوترات في محور دونباس-القرم. ورغم هذا، يرى الخبراء أن الهنود قرروا اتباع سياسة متميزة ومتقاربة في المنافسة بين القوى العظمى.

تعود العلاقة العميقة بين نيودلهي وموسكو إلى زمن الاتحاد السوفييتي. وفي الوقت الذي كانت الهند معروفة باعتبارها واحدة من أكبر القوى الاشتراكية في العالم، كانت تعتمد بشكل خطير على الروس من حيث توفير احتياجاتها العسكرية من الطاقة. ولم يتغير هذا الأمر بشكل جدي بعد سقوط جدار برلين واتجاه الهند نحو النظام الديمقراطي الليبرالي، وفي الوقت نفسه حافظ الهنود على علاقتهم الجيدة مع الكرملين.

ولا تزال الهند تعتمد بشكل كبير على المعدات العسكرية والطاقة الروسية. وبطبيعة الحال، تظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أنه بعد حرب أوكرانيا، انخفضت كمية صادرات الأسلحة الروسية إلى الهند.

العلاقات التجارية بين الهند وروسيا

 وتبلغ قيمة العلاقات التجارية بين الهند وروسيا حاليا 65 مليار دولار. وبعد بدء الحرب في أوكرانيا وفرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو على يد الحكومات الغربية، ترك الروس الأسواق الغربية وحاولوا العثور على عملاء جدد في القارة الآسيوية أو زيادة حصتهم في الأسواق التقليدية مثل الصين أو الهند. هذه المبادرة الجديدة جعلت الأدوات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غير فعالة، بل وزادت مبيعات النفط والغاز الروسي بشكل كبير.

ومن خلال تقديم خصومات خاصة، ساعدت روسيا الهنود على توفير مليارات الدولارات وفي الوقت نفسه الحصول على الموارد المالية اللازمة لمواصلة الحرب. ويبدو أن تجربة العقوبات على إيران جعلت الروس يتبنون موقفا أكثر تعمدا في التعامل مع العقوبات الغربية التي تصيبهم بالشلل.

والجانب الآخر الذي يحجب العلاقات الهندية الروسية هو اقتراب الروس من الصين. إن نظام مودي، الذي يعرّف الحزب الشيوعي الصيني بأنه المنافس الجيوستراتيجي للهند، يشعر بقلق بالغ إزاء اعتماد روسيا الاقتصادي الفني على بكين ويعتزم تغيير هذا التوازن. وقد ظهرت هذه القضية بوضوح خلال الاجتماع الأخير لمنظمة شنغهاي للتعاون. وفي كازاخستان، تحدث بوتين علانية عن توسيع العلاقات الاستراتيجية بين موسكو وبكين.

وفي العام الماضي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ عن محاولة للتوسط بين موسكو وكييف من خلال تقديم خطة من 13 نقطة. يشار إلى أنه في هذه الخطة، لم يتم النظر بجدية في مسألة استعادة وحدة أراضي أوكرانيا، وقد تسببت هذه القضية في رد فعل زيلينسكي السلبي على الاقتراح الصيني. وفي مثل هذه الحالة، يحاول الهنود، باعتبارهم أحد شركاء موسكو المهمين، المساعدة في إحلال السلام في أوكرانيا من خلال الاضطلاع بدور الوسيط. وما دام الأميركيون مستمرين في تقديم الأسلحة والمساعدات المالية لأوكرانيا، فإن أي احتمالات جدية للسلام في أوروبا سوف تظل بعيدة المنال.

آخر الكلام

ورغم النظرة السلبية لأعضاء “مجموعة السبع” تجاه تطور العلاقات بين الهند وروسيا، إلا أن الحقيقة هي أن النظام الدولي تغير ولم يعد مكانا لمواجهة قطبين متقابلين أو ترك أمريكا كما هي في الماضي. وفي النظام متعدد الأقطاب، تحاول القوى الناشئة التواصل مع كافة أقطاب القوة على أساس مبدأ الحفاظ على المصالح القصوى.

وقرر مودي، بعد فوزه مرة أخرى في الانتخابات الداخلية الهندية، الذهاب إلى موسكو في أول زيارة خارجية له لإظهار عمق العلاقات التاريخية بين روسيا والهند. والآن علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كان مودي، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا وشراء الطاقة وتوريد الأسلحة، كقوة ناشئة، قادرا على إرساء وقف إطلاق النار واحلال السلام على الجبهة الأوكرانية أم لا؟

المصدر: موقع راهبرد معاصر

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-07-15 00:56:27
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى