على مواقع التواصل الاجتماعي، اختلفت الآراء بين من اعتبرها خطة من الوزارة الوصية على القطاع الديني لتقييد حرية الخطيب وجعله مجرد قارئ لخطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بفرض خطبة موحدة كان أول ضحاياها خطيب رفض الالتزام بها.
فيما اعتبرها آخرون ضرورة من أجل توحيد الخطاب الديني والوقوف في وجه تجاوزات بعض الأئمة والخطباء. فلماذا لجأت السلطات الدينية إلى توحيد خطبة الجمعة في المغرب، وكيف سينعكس على عمل الأئمة والخطباء في المملكة؟
لماذا قرار توحيد خطبة الجمعة في المغرب؟
يوم 28 يونيو/حزيران 2024، وجه المجلس العلمي الأعلى (أعلى هيئة للعلماء في المغرب)، رسالة إلى المجالس العلمية الجهوية أعلن من خلالها عن البدء بتطبيق الخطبة الموحدة الأولى في إطار “خطة تسديد التبليغ”، وتعميمها على كافة مساجد المملكة.
حيث سبق أن أعلن المجلس الأعلى للعلماء عن إطلاق حملة تواصلية رقمية واسعة لخطة تبليغ دينية جديدة، حيث سيتم تشكيل فريق من مرشدات ومرشدي وزارة الأوقاف الأعضاء بالمجالس العلمية المحلية لهذا الغرض.
فيما أوضح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أحمد التوفيق، أن خطة التبليغ التي ينتظر إعطاء انطلاقة لها على منصات التواصل الاجتماعي، ستجيب عن “أسئلة تتعلق بردم وتشخيص الهوة الفاصلة بين حال الناس ومراد الدين”.
وأضاف الوزير المغربي أنه “بات ضرورياً في الوقت الحالي أن يجد العلماء أجوبة عن أسباب تشخيص هذه الهوة إذا أرادوا أن يستمروا في رسالتهم وتحمل مسؤوليتهم بالمعنى العلمي الموروث”.
كما أشار المسؤول المغربي إلى أهمية تحديد أسباب الفجوة بين حاجات الناس ومبادئ الدين، “لأن ذلك يساعد العلماء على مواصلة رسالتهم بشكل فعّال ومسؤول”.
توحيد خطب الجمعة “إجراء مؤقت”
بعد الجدل الذي صاحب الإعلان عن توحيد خطبة الجمعة في المغرب، خرجت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتوضيح على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أكدت فيه أن “تعميم الخطب هو أمر مؤقت وليس دائماً”.
وقالت الوزارة في بيانها: “إن أمر تعميم الخطب هو مؤقت وليس دائماً، يروم التحسيس العام بهذا المشروع وبناء الاستجابة له والتفاعل الإيجابي معه، ومدارسة مواضيع بعينها في دروس وعظ منتظمة في خطة المؤسسة”.
كما قالت: “سيستمر الخطباء بعد ذلك في إعداد خطبهم مجتهدين في بناء هذه المضامين اعتماداً على كفاءتهم وهم محل ثقة، مبلغين ومرشدين وناصحين للناس بما ينفعهم ويصلح أحوالهم في دنياهم وأخراهم إن شاء الله”.
وذكرت الوزارة أيضاً أنه: “نظراً لما لهذه الخطة من طموح في إصلاح أحوال الناس، والعمل على الإسهام في تخليق الحياة العامة بأخلاق الدين، فانخراط كل القيمين الدينيين فيها هو انخراط في أوجه من البر والإحسان والصلاح والمعروف الذي يعود بالنفع على البلاد والعباد”.
“ضحايا” توحيد خطبة الجمعة
بعد أيام من تنزيل قرار توحيد خطبة الجمعة في المغرب، قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الثلاثاء 3 يوليو/تموز، توقيف خطيب جمعة يعمل بمسجد “المنبر الكبير” على مستوى قرية “العوامة” التابعة لمدينة طنجة شمال المغرب.
وذكرت وسائل إعلام مغربية أن أن سبب توقيف الخطيب، أحمد أجندوز، هو “رفضه للخطبة الموحدة، وأوضحت أن القرار الذي صدر عن وزارة الأوقاف وتوصل به الخطيب اتهمه “بالزج بالخطبة في حساسيات ضيقة” على حد تعبيرها.
توقيف الخطيب جاء بعد تقرير للمديرية الإقليمية لوزارة الأوقاف، يتعلق بعدم الالتزام بعناصر الخطبة الموحدة ليوم الجمعة 29 يونيو/حزيران 2024، حيث أعلن عن رفضها معتبراً إياها “إهانة وانتقاصاً من قيمة الخطباء”.
بينما كشف الخطيب في مقطع فيديو منسوب له انتشر على مواقع التواصل، أنه مستعد للإجابة والرد عن أي تساؤلات حول خطبته، وقال في ذات المقطع إن “أجرته التي يتقاضاها لا تتعدى 400 درهم، هل هذه أجرة خطيب؟”.
تعليقاً على ذلك اعتبر، محمد حمداوي، القيادي في جماعة “العدل والإحسان” ورئيس مكتب علاقاتها الخارجية، أن ذلك “يبين نية الوزارة من خطتها الرامية إلى جعل الخطباء والوعاظ والعلماء مجرد مذيعي قنوات موظفين لديها”، وفق ما نشرته الصفحة الرسمية للجماعة على “فيسبوك”.
نقاش محتدم
النقاش بشأن توحيد خطبة الجمعة في المغرب انتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تباينت آراء المغاربة بشأن الهدف من وراء قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
حيث اعتبر الإعلامي والكاتب الصحفي المغربي، محمد الضو السراج، أن قرار توحيد خطبة الجمعة في المغرب قرار جرئ يبعد خطبة الجمعة عن “تسييس المنابر التي تسيطر على عدد منها جماعة العدل والإحسان وأخرى تقع تحت نفوذ جماعة التجديد والإصلاح” على حد زعمه.
بينما تساءل الدكتور طارق ليساوي عن المغزى من توحيد خطبة الجمعة في المغرب، وكتب على صفحته في فيسبوك: “سؤال لأهل الاختصاص والفهم السليم لروح الإسلام ومقاصده العميقة، هل يجوز مقاطعة صلاة الجمعة بعد قرار توحيد الخطبة”
كما تساءل قائلاً: “هل قرار توحيد الخطبة ينسجم مع الحكمة من خطبة الجمعة ربط منبر رسول الله بقضايا الناس؟ هل يعقل أن تكون الخطبة موحدة رغم الفارق بين المدن والقرى؟ هل من المنطقي أن يخطب الإمام عن ضرورة احترام قانون السير في قرية لا توجد بها طرق معبدة وقد رأينا قرى في الحوز لا تصلها السيارات؟”
من جهته، قال القيادي في جماعة العدل والإحسان محمد حمداوي إن ما أقدمت عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، يخالف صريح الدين والشرع والسنة في الحرية التي أناطها الإسلام بالدعاة من خطباء وعلماء ووعاظ ومؤطرين في اختيار ما يرونه مناسبا لما هو مطروح أمامهم من قضايا مجتمعية تستلزم التوجيه والإرشاد.
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-07-08 07:34:03
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي