يجب ألا نقبل بالجوائز التي توزَّع لـ”حماس”
تاريخ المقال
المصدر
- في الوقت الذي أعلن زعماء أيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافهم الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، استكملت قوات الجيش حملة عسكرية واسعة ضد أهداف “إرهابية” في مدينة جنين. حملة إضافية في سلسلة لا تنتهي من العمليات من أجل إحباط عاصمة “الإرهاب” في شمال الضفة وضواحيها.
- وعملياً، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، نفّذت قوات الأمن الإسرائيلية أكثر من 4000 عملية اعتقال في مناطق مختلفة داخل الضفة الغربية. هناك حديث عن 18 عملية اعتقال في اليوم. هذا هو المركّب الأساسي في سلسلة أدوات، يجب على إسرائيل أن تستثمرها للسماح باستقرار أمني وكبح “الإرهاب” في المناطق التي تقع ضمن سيادة السلطة الفلسطينية؛ السلطة نفسها التي يريدون الآن الاعتراف بها كدولة. ومن دون ما تقوم به إسرائيل، أشك فيما إذا كانت قادرة على الصمود وحدها في مواجهة هذه التحديات. “حماس” سارعت إلى تبنّي الإنجازات. لقد شرحوا لرئيس حكومة النرويج الذي ادّعى أن: الاعتراف بفلسطين يهدف إلى دعم القوى المعتدلة. وقالوا له (ولزعماء آخرين سذج، ما يفهمه الجمهور الفلسطيني والعالم العربي: هذه الخطوة، بعد “مذبحة” السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تُعتبر إنجازاً للتنظيم “الإرهابي”.
- لقد تفاخر حسام بدران، المسؤول في حركة “حماس” قائلاً: جاء الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أعقاب معركة “طوفان الأقصى” وصمود المقاومة. وتم نشر أقواله بالتزامن مع نشر فيديو خطف المجندات من “ناحل عوز”، والذي ملأ شاشات التلفاز الإسرائيلية.
التأثير في الوعي
- صحيح أن هذه الخطوة مليئة بالنفاق، لكنها أيضاً لا تدرك الإسقاطات الممكنة لهذه الخطوة على ميزان القوى داخل المعسكر الفلسطيني نفسه: تنصيب “حماس” نفسها على أنها الجهة التي سيحصل الفلسطينيون، بفضلها، على إنجاز كهذا، إلى جانب ارتفاع التأييد لها داخل الجمهور الفلسطيني، إذ إن الصراع بشأن وراثة منصب أبو مازن، يمكن أن يفتح الباب للحركة من أجل السيطرة على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
- ليس هذا فقط. هذه الخطوة التي ستُنسب إلى “حماس”، تشكل أيضاً دعماً لـ”محور المقاومة” برمّته، وتقوّي المتطرفين الإسلاميين، بغض النظر عن هويتهم، بدلاً من التوحد حول موقف يقول إن طريق “الإرهاب” مرفوضة، ولن تحقق أيّ إنجازات. الرسالة من هذه الخطوة هي العكس: “الإرهاب” يحقق الإنجازات. عملياً، إن تأثير الاعتراف الأحادي الجانب محدود جداً، فهو لا يتطرق إلى مسألة الحدود، وهكذا اعترفت أغلبية دول العالم بالدولة الفلسطينية التي تم قبولها كعضو مراقب في الأمم المتحدة.
- تأثير هذه الخطوة الأساسي هو في الوعي والمد الذي تخلقه. وبصورة خاصة حين يحدث هذا بالتزامن مع مسارات في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، وفي الوقت الذي تضغط الإدارة الأميركية على إسرائيل من أجل الموافقة على صفقة، يكون أحد مركّباتها التزام مسار يقود إلى دولة فلسطينية في نهاية المطاف.
- على هذا الصعيد، إن تحفُّظ الولايات المتحدة عن هذه الخطوة الأحادية الجانب مهم جداً، وذلك لمنع انجرار دول إضافية، وأيضاً لكي تمنع وصول هذه الخطوة إلى عتبة واشنطن نفسها.
- بعد الثمن الكبير الذي دفعته إسرائيل ولا تزال، فإن المستوى السياسي مُرغَم على تبنّي نهج أكثر وضوحاً وحذراً في موقفه السياسي. على إسرائيل أن تعتمد فقط على نفسها، وأن تمتنع من الدخول في مسارات تكون صعبة، ويكون الخروج منها غير ممكن.
- على الصعيد الأمني، وبغض النظر عن مكانة الفلسطينيين، على إسرائيل الاستمرار في التواجد والعمل من أجل أمنها على كافة الصعد كما تفعل اليوم، من دون أيّ تنازلات. سيكون عليها الاستمرار في السيطرة الكاملة والعملياتية على الحدود وخط التماس، وأن تضمن حرية العمل الأمني داخل الميدان، وأن تمنع تطور مسارات شبيهة بما حدث في غزة.
- سيكون على الجيش والشاباك الاستمرار في العمل ضد البنى “الإرهابية”، وإحباط التهريب، أو تصنيع الأدوات القتالية، وتبنّي نهج التشكيك في أجهزة الأمن الفلسطينية، ومنع سيطرة “حماس” على مؤسسات الحكم بكل الطرق الممكنة، بغض النظر عمّا إذا كان بشكل مباشر، أو بشراكة مع أيّ جهة سياسية أُخرى، أو عبر أذرع. هذا هو معنى مقولة- ندافع عن أنفسنا بقوانا الخاصة.