ٍَالرئيسيةموضوعات وتقارير
ما ينطبق على المطلة، ينطبق على تل أبيب
ما ينطبق على المطلة، ينطبق على تل أبيب
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- كتب الشاعر نتان ألترمان في سنة 1938، بمناسبة تأسيس “سرايا الميدان” [وهي فرق مسلحة يهودية شُكلت ضمن إطار “الهاغانا” للدفاع عن اليشوف اليهودي ضد هجمات الفلسطينيين]: “لا عودة إلى الوراء، لا توجد طريق أُخرى، ولا يوجد شعب ينسحب من حفر حياته”. لكن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، نسينا العقيدة القتالية، وأضعنا الطريق.
- على صعيد التصريحات، لا يبدو أن شيئاً تغيّر، إذ يكرر زعماؤنا أقوالهم، وهذا ما فعله بنيامين نتنياهو طوال العقد الماضي، إن “حال سديروت كحال تل أبيب”. مؤخراً، انضم إليهم بني غانتس عندما صرّح: “حال المطلة كحال تل أبيب وكفرغزة”.
- بقيَ أن نرى ما إذا كان سينجح الطرفان في السيطرة على تطور الأحداث ومنع التدهور إلى حرب لا يرغب فيها أحد، والأهم من ذلك، هل ستقرر الحكومة الإسرائيلية أن تقول “كفى” في مرحلة معينة، وتعمل كما وعد به زعماؤها من على كل المنابر.
- لكن الكلام شيء والأفعال شيء آخر. عملياً، لقد تخلينا عن سديروت أعواماً طويلة، وتركناها تحت مرمى نيران “حماس”، واليوم، تخلينا عن المطلة، وعن حانيتا، كما أن مستوطنات “غلاف غزة” لم تعد جزءاً من دولة إسرائيل. وبدلاً من شمال مزدهر، تحولت المستوطنات هنا إلى منطقة أمنية لا تقع داخل أراضي أعدائنا للدفاع عن مستوطناتنا، بل منطقة أمنية في داخل الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، الأمر الذي يسهّل على العدو شنّ الحرب علينا؛ حرب على نار هادئة، كما يرغب حزب الله، الذي هو مَن يملك زمام المبادرة ويهاجم، ونحن ندافع.
- منذ 7 أشهر، يستمر القتال على الحدود الشمالية من دون توقف، ولا تبدو النهاية في الأفق. يومياً، يهاجم حزب الله مستوطنات ومواقع عسكرية على طول الحدود، وفي عمق الجليل. والجيش الإسرائيلي يردّ دائماً بهجمات مركزة على مواقع حزب الله، ويغتال قادة الميدان من الحزب (هنا اعتادوا وصفهم بأنهم قادة “رفيعو المستوى”، كأن المقصود نصر الله، أو أحد مساعديه).
- بالنسبة إلى الجنود الإسرائيليين المنتشرين على طول الحدود، وأيضاً المئة ألف إسرائيلي الذين تم إجلاؤهم عن منازلهم، فإن ما يجري هو بمثابة حرب بكل معنى الكلمة، وتتسبب بدمار كبير في المستوطنات، وتحصد خسائر بشرية. لكن الحكومة والجيش يتعاملان مع جبهة الشمال كجبهة ثانوية، مقارنةً بجبهة غزة، وهما مستعدان لاستيعاب المواجهة الدائرة هناك. ويتم استبدال الأفعال بالتصريحات، مثل “حال المطلة هي كحال تل أبيب”.
- بالنسبة إلى حزب الله، من المهم أن يظهر أنه يقاتل من أجل غزة. لكنه لا يريد الانجرار إلى حرب شاملة يمكن أن يدفع ثمنها الباهظ، هو ومؤيدوه من الشيعة. لذلك، بعد كل يوم من القتال، يصل فيه الطرفان إلى ذروة التصعيد، تمرّ أيام من التهدئة وخفض المواجهات؛ مثل خطوة نحو الحرب، وخطوتين إلى الوراء.
- هذا المنطق قائم منذ 7 أشهر، لكن يجب أن نذكّر بأن الذين يؤججون النار، من الصعب سيطرتهم على ألسنتها، وللمواجهات المتواصلة ديناميتها الخاصة. مثلاً، استخدام حزب الله السلاح المتطور، أو مهاجمة أهداف في العمق الإسرائيلي، يمكن أن يؤديا إلى تصعيد. إلى جانب ذلك، من المهم أن نتذكر أنه على الطرف الثاني من الحدود، يوجد عدو يلتزم حرباً، هدفها القضاء على إسرائيل، على الرغم من أنه يدرس خطواته بحذر، بعكس السنوار، ويفضل انتظار الفرصة السانحة.
- يبقى أن ننتظر لكي نرى ما إذا كان الطرفان سينجحان في السيطرة على مسار الأحداث ومنع الانجرار إلى حرب شاملة لا يرغب فيها أحد، والأهم من ذلك، هل ستقول حكومة إسرائيل “كفى”. لكن يجب أن نعترف بأن موقف الولايات المتحدة المعارض بشدة لتوسيع نطاق الحرب، ربما سيجعل حزب الله هو الذي يقرر، ويمضي قدماً، ويفاجئنا.
- في هذه الأثناء، لا جديد في الشمال. وما كان قائماً لم يعد ممكناً. في ضوء هذا الواقع، نحن بحاجة إلى العودة إلى المبادىء الأساسية للعقيدة الأمنية الإسرائيلية. يجب أن نكون مبادرين وهجوميين، وأن ننقل القتال إلى أرض العدو، وأن نسعى لتحقيق حسم سريع. يجب ألّا نتخلى عن مستوطنات، أو نعمل على إخلائها، بل يجب رسم خطوط حمراء، من الصعب على حزب الله احترامها. يتعين على إسرائيل التخلص من حالة الشلل التي سيطرت عليها بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، واستغلال خوف حزب الله من الحرب أكثر من أيّ وقت مضى، بعد أن رأى ما حدث في غزة.