هل نجحت جولة شي في إصلاح العلاقات الصينية الأوروبية؟
هل نجحت جولة شي في إصلاح العلاقات الصينية الأوروبية؟
15 مايو، 2024
استمع
أجرى الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال الفترة من 5 إلى 10 مايو 2024، جولة أوروبية، تُعد الأولى له منذ عام 2019، شملت ثلاث زيارات دولة إلى كل من فرنسا وصربيا والمجر، التقى خلالها بقادة وزعماء الدول الثلاث، فضلاً عن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في باريس؛ لمناقشة العديد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بجانب سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والدول الثلاث التي شملتها الجولة.
سياقات مأزومة:
جاءت جولة الرئيس شي إلى أوروبا في ظل أجواء وسياقات يشوبها التوتر والصراع، سواء فيما يتصل بطبيعة العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، أم فيما يتصل بأبرز الأزمات الإقليمية والدولية المشتعلة في الوقت الراهن، ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:
- توتر العلاقات الصينية الأوروبية: شهدت الفترة الأخيرة توتراً ملحوظاً في العلاقات بين الصين وأوروبا. فعلى المستوى الاقتصادي التجاري، تصاعدت الحرب والاحتكاكات التجارية بين الطرفين على خلفية قيام الاتحاد الأوروبي بانتهاج سلسلة من الإجراءات التصعيدية ضد بكين، ركزت على واردات المعدات الطبية من الصين، وكذلك منتجات توربينات الرياح الصينية، كما تمت مداهمة مقرات شركة صينية لصناعة المعدات الأمنية، في إطار تحقيقات التكتل الأوروبي بشأن حصولها على إعانات حكومية.
وقد جاءت هذه الإجراءات، في إطار حملة أوروبية مكثفة تقودها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين؛ بهدف التخلص من الواردات الصينية؛ بسبب مخاوف بشأن تأمين التقنيات الرئيسية لأوروبا، كما تقود تحقيقاً تدعمه فرنسا لمكافحة تدفق السيارات الكهربائية الصينية إلى أوروبا. وقد دفعت الإجراءات الأوروبية بشأن الواردات الصينية بكين إلى الرد بالمثل؛ بإجراء تحقيق مماثل بشأن سعر مشروب البراندي المستورد من فرنسا.
وعلى المستوى الأمني الاستخباراتي، ألقت السلطات الأمنية في ألمانيا وبريطانيا مؤخراً القبض على ستة أشخاص بتهمة التجسس لحساب الصين. وعلى الصعيد السياسي الاستراتيجي، يُبدي الاتحاد الأوروبي شكوكاً متزايدة حيال تنامي الطموحات العالمية للصين ونفوذها، فضلاً عن استياء أوروبا بشأن تزايد علاقات الصين مع روسيا، ولاسيما إثر الحرب الروسية في أوكرانيا.
- تباين المواقف بشأن الحرب في أوكرانيا: بعد مرور ما يزيد على عامين على اندلاعها، ما زالت الحرب الدائرة في أوكرانيا، تمثل إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في إطار العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي. فمن جهته، يتكتل الغرب وراء أوكرانيا، ويتخذ العديد من المواقف التي تدعم موقفها ضد روسيا. فقد شهدت الفترة الأخيرة بروز العديد من المواقف الغربية اللافتة، ومنها دعوة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في 2 مايو 2024، الغرب إلى التدخل العسكري المباشر في أوكرانيا لمواجهة تقدم القوات الروسية، وهو الطرح الذي جاء على خلفية مخاوفه من تأثر الأمن الأوروبي في حال نجاح روسيا في الانتصار في أوكرانيا.
كما جرى استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية، بعد مصادقة واشنطن مؤخراً على خطة مساعدات لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار؛ من شأنها إتاحة الفرصة لكييف لتدعيم قواتها ومحاولة تحقيق الاستقرار على الجبهة.
وعلى الجانب المقابل، وعلى الرغم من عدم إدانتها للحرب الروسية في أوكرانيا؛ وهو ما أثار استياء الغرب ضدها، فإن الصين تدعو إلى الحوار، وتعارض أي استخدام للأسلحة النووية، وتحث على احترام وحدة أراضي جميع الدول، كما أنها تدعو إلى أخذ المخاوف الأمنية الروسية تجاه حلف “الناتو” في الاعتبار، كما تشدد على أنها ليست سبب الأزمة، وأنها ليست طرفاً فيها، وتؤكد حقها في تطوير علاقات تجارية طبيعية مع جميع الدول، بما فيها روسيا.
- الحرب الإسرائيلية على غزة: مثّلت الحرب التي أطلقتها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، رداً على استهداف حركة حماس لها، أحد محددات العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، ولاسيما في ظل تباين مقاربتي الطرفين تجاه الحرب، التي أسفرت عن استشهاد ما يقرب من 35 ألف فلسطيني. فمن جهتها، تبنت الصين العديد من المرتكزات للتعامل مع تداعيات الحرب، تمثلت في: الدعوة للوقف الفوري لإطلاق النار، ومنع استهداف المدنيين، والمطالبة بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ورفض سياسة العقاب الجماعي.
ومن جانبه، فقد اتسم موقف الاتحاد الأوروبي إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة بتبني معايير مزدوجة، وغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، فضلاً عن الامتناع عن اتخاذ أي تدبير أو إجراء لمحاسبة إسرائيل، ورفض ربط علاقاته مع إسرائيل بالممارسات الإسرائيلية في الحرب. وقد أدت الانقسامات الداخلية في الاتحاد الأوروبي إلى إخفاقه في تبني سياسة قوية ومؤثرة إزاء الحرب الإسرائيلية في غزة؛ إذ يرى غالبية القادة الأوروبيين أن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يؤثر في المصالح الأوروبية.
مخرجات الجولة:
شهدت جولة الرئيس شي الأوروبية؛ مناقشة العديد من القضايا والموضوعات بين الصين والاتحاد الأوروبي، وكذلك الدول الثلاث التي شملتها الجولة، ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:
- الأزمة الأوكرانية: مثّلت مسألة كيفية التعاطي مع أزمة الحرب الروسية في أوكرانيا إحدى القضايا الرئيسية للجولة، ولاسيما خلال محادثات الرئيس شي في فرنسا مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين؛ إذ ترغب أوروبا في إيقاف الحرب التي ما زالت تدور رحاها حتى الآن في أوكرانيا؛ وهو ما يفسر تصريحات فون دير لاين، التي مفادها تعويل فرنسا والاتحاد الأوروبي على قيام الصين بتوظيف علاقاتها القوية مع روسيا لدفعها إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا. وكذلك، دعوة الرئيس ماكرون، نظيره الصيني، شي جين بينغ، إلى استخدام تأثيره في روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وترى باريس أن بكين هي الجهة الوحيدة التي يمكنها التأثير في موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لإعادة النظر في الحرب. وربما عملت فرنسا على محاولة استغلال زيارة الرئيس شي لإرسال رسائل غربية، من خلاله، إلى روسيا، خاصة وأن هناك زيارة رسمية مرتقبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الصين قبل نهاية مايو 2024.
كذلك، ترغب أوروبا في دفع الصين إلى وقف تزويد روسيا بالسلع ذات الاستخدام المزدوج؛ إذ تشير مصادر فرنسية إلى أن الصين تساعد روسيا عسكرياً بشكل غير مباشر، عبر إمدادها بالمعدات والآلات التي تمكنها من تأهيل صناعتها الدفاعية وتلبية احتياجاتها من الأسلحة والذخائر.
- محاولة تسوية الخلافات التجارية: سعت الصين والاتحاد الأوروبي إلى محاولة التوصل إلى حلول لعلاج الخلافات التجارية بين الجانبين، ولاسيما فيما يتصل بالاختلال الكبير في الميزان التجاري لصالح الصين؛ إذ دعت باريس وبروكسل بكين إلى ضمان تجارة أكثر توازناً مع أوروبا، وتقليص الخلل التجاري بين الجانبين.
فوفقاً لأرقام التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي في عام 2023، فقد بلغت صادرات أوروبا إلى الصين نحو 223.5 مليار دولار، في حين بلغت واردات أوروبا من الصين نحو 514.4 مليار دولار، وهو ما يشير إلى وجود عجز في الميزان التجاري بين الطرفين يُقدر بنحو 290.9 مليار دولار لصالح الصين.
ومن هنا، تطالب أوروبا الصين بضرورة تحسين إمكانية وصول الشركات الأوروبية إلى الأسواق الصينية، وتقليل إعانات الدعم للمصدرين الصينيين. ورداً على المخاوف الغربية بشأن احتمال التخلص من السلع الصينية المدعومة، رفضت بكين ما يدعيه الاتحاد الأوروبي بشأن ما يُطلق عليه مشكلة الطاقة الفائضة في الصين؛ إذ أكد الرئيس شي أن إنتاج بكين الضخم من السلع الخضراء عالية التقنية سيساعد الكوكب على الوفاء بالتزاماته المناخية.
- بيان مشترك حول الأوضاع في الشرق الأوسط: صدر بيان صيني فرنسي مشترك من 10 نقاط حول الشرق الأوسط؛ إذ أعرب الرئيسان الفرنسي والصيني عن رفضهما للهجوم الإسرائيلي على رفح؛ لما قد يترتب عليه من كارثة إنسانية على نطاق جديد. كما دعت الصين وفرنسا إلى التنفيذ الملموس لحل الدولتين، ونددتا بسياسة إسرائيل في بناء المستوطنات بالضفة الغربية.
-
تعزيز التعاون الاقتصادي مع فرنسا: تمخضت زيارة الرئيس شي إلى فرنسا عن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين؛ وهو ما تجلى في انعقاد مجلس الأعمال الصيني الفرنسي المشترك، بحضور الرئيسين الصيني والفرنسي. فضلاً عن قيام الشركات الفرنسية والصينية بتوقيع العديد من الاتفاقيات المشتركة، بما في ذلك عقود بناء مترو الأنفاق لشركة ألستوم الفرنسية، ومذكرة تفاهم مشتركة مع شركة إيرباص بشأن تعميق التعاون في مجال الطيران، والاتفاق بين شركة أورانو الفرنسية وشركة شيامن تنغستن للطاقة الجديدة الصينية؛ لتشكيل شراكة استراتيجية عالمية في صناعة البطاريات، وتوقيع مذكرة تفاهم بين شركة (Fives) الفرنسية وشركة (Envision) الصينية للتعاون في تجميع خلايا البطاريات في فرنسا. وأبدت الصين اعتزامها استيراد المزيد من المنتجات الزراعية الفرنسية، وخاصة منتجات الجبن ولحم الخنزير والنبيذ.
-
تعزيز علاقات بكين مع صربيا والمجر: في إطار سعي الرئيس شي إلى تفعيل علاقات بلاده مع الدول الصديقة على أطراف الاتحاد الأوروبي، ولاسيما مع صربيا والمجر، واللتان تُعدان بوابة مبادرة الحزام والطريق الصينية في أوروبا. فقد اتفقت الصين وصربيا على بناء “مُستقبل مُشترك”، كما وقّعت الدولتان على 29 اتفاقية لتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتنظيمية والقانونية. كذلك، ستصبح صربيا أول دولة أوروبية منذ سنوات تدخل في اتفاقية تجارة حرة مع الصين، عندما تدخل الاتفاقية الموقعة العام الماضي حيز التنفيذ في أول يوليو 2024.
وخلال زيارته للمجر، أكّد الرئيس شي أن المجر يمكن أن تساعد الصين على تعميق العلاقات مع دول وسط وشرق أوروبا، لضمان علاقات “ثابتة” بين بكين والاتحاد الأوروبي؛ إذ يُعد رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، حليفاً رئيسياً للصين في الاتحاد الأوروبي، ولطالما أبدى معارضته للمساعي الأوروبية الرامية إلى مساءلة الصين بشأن قضايا حقوق الإنسان.
نجاح جزئي للجولة:
في ضوء المواقف الصينية والأوروبية بشأن القضايا الدولية والإقليمية التي نوقشت خلالها، يمكن تقييم مدى نجاح أو إخفاق الجولة في تحقيق أهدافها، سواء بشأن تخفيف حدة التوتر في علاقات الطرفين، وخاصة على الصعيد الاقتصادي، أو بشأن حدوث تحوّل في موقف بكين تجاه الحرب الأوكرانية، على النحو التالي:
- ثبات موقف الصين بشأن الأزمة الأوكرانية: من غير المرجح أن يطرأ تغيير على موقف الرئيس شي بشأن الحرب في أوكرانيا، ولاسيما وأن بكين ترى أن استمرار الحرب لا يُشكل عائقاً أمام تعميق شراكتها الاستراتيجية مع موسكو؛ إذ تُعد الصين من أبرز الأطراف التي استفادت من أزمة الحرب الأوكرانية؛ من خلال حصولها على النفط الروسي بأسعار تفضيلية، وزيادة تجارتها مع روسيا، فضلاً عن تعزيز دورها ونفوذها على المستوى الدولي.
-
تمسك الصين بموقفها بشأن الاحتكاكات التجارية مع أوروبا: من المستبعد أيضاً أن يلجأ الرئيس شي إلى تغيير موقفه إزاء مسألة اختلال التوازن التجاري المتفاقم بين الصين والاتحاد الأوروبي؛ نتيجة للطاقة الفائضة في الصين، وخاصة في صناعات السيارات الكهربائية والتكنولوجيا الخضراء، في ضوء تركيز الصين على مضاعفة النمو القائم على التصدير إلى الخارج. واتجاه بكين مؤخراً إلى فرض رسوم جمركية على بعض الواردات الأوروبية، رداً على الإجراءات الأوروبية ضد منتجاتها؛ وهو ما يعني أن قيام أوروبا بفرض رسوم جمركية على الصادرات الصينية سيُقابل برد فعل قوي من جانب الأخيرة؛ إذ يمكن لبكين أن تفرض قيوداً على تصدير المواد اللازمة لصنع الرقائق الدقيقة وعلى الصادرات الفرنسية إلى الصين والعديد من العناصر الأخرى.
-
إصرار أوروبا على الحرب التجارية ضد الصين: على الرغم من تأكيد أورسولا فون دير لاين، خلال مقابلتها الرئيس شي في باريس، أهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبكين. فإنها هاجمت ما اعتبرته فائض الإنتاج الصيني، وأكدت أن التكتل الأوروبي “لن يتردد في اتخاذ قرارات حازمة” لحماية اقتصاده وأمنه بالاستفادة من “أدوات الدفاع التجاري؛ إذا كان ذلك ضرورياً”؛ وهو ما يشير إلى إصرار الاتحاد الأوروبي على المضي قدماً في سياسته الهادفة إلى تقييد الواردات الصينية إلى أسواقه؛ الأمر الذي يعني أن الفترة المقبلة قد تشهد مزيداً من الخلافات والاحتكاكات التجارية بين الجانبين.
-
دور واشنطن كمحدد للعلاقات بين الصين وأوروبا: لا يمكن الحديث عن العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي بمعزل عن علاقات الجانبين مع الولايات المتحدة، والتي تُعد أحد الأطراف التي تؤدي دوراً رئيسياً في تحديد بوصلة واتجاه العلاقات الصينية الأوروبية، ولعل التساؤل الرئيسي الذي تطرحه الجولة الأوروبية الأخيرة للرئيس الصيني، شي جين بينغ، يتمثل في: ما مدى احتمالية أن تتبنى دول الاتحاد الأوروبي، كلها أو بعضها، توجهاً مخالفاً للولايات المتحدة فيما يتعلق بعلاقاتها مع الصين؟
في حقيقة الأمر، يمكن القول إنه على الرغم من بروز بعض الدعوات الأوروبية، ولاسيما من جانب فرنسا، في الآونة الأخيرة، بضرورة أن تسعى أوروبا إلى تحقيق الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة، وكذلك ضرورة أن تتخلص من تبعيتها لواشنطن، وهي دعوات قابلتها بكين بترحيب شديد؛ لأنها تصب في مصلحتها بدرجة كبيرة، خاصة وأن منع واشنطن من ربط حلفائها في آسيا وأوروبا، يُعد هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية الصينية؛ فإن الأمر يتوقف في نهاية المطاف على مواقف وتصرفات الصين إزاء شركائها الأوروبيين، والتي يترتب عليها؛ إما تزايد التقارب مع واشنطن؛ وهو الأمر الذي لن يكون في مصلحة بكين، وإما اتجاه الشركاء الأوروبيين نحو تبني سياسة أكثر استقلالية عن واشنطن في علاقاتهم مع الصين؛ وهو الأمر الذي سيصب في مصلحة الأخيرة. النموذج الواضح هنا، تصرفات بكين التي دفعت الرئيس الفرنسي ماكرون مؤخراً إلى الاقتراب من النهج الأمريكي تجاه الصين. وهو ما تجلى في اقتراحه أن تتبنى أوروبا نهجاً أكثر واقعية لمعالجة الاختلالات التجارية مع الصين.
وفي التقدير؛ يمكن القول إن جولة الرئيس شي الأخيرة إلى أوروبا تعكس الاهتمام الكبير الذي تحظى به القارة العجوز في إطار السياسة الخارجية الصينية، بما يدفعها إلى محاولة التحرك لإزالة وتقليل المخاطر التي قد تترتب على التوترات والخلافات التي تؤثر في العلاقات بين بكين وبروكسل؛ بما يؤدي إلى الحد من تداعياتها وانعكاساتها السلبية على هذه العلاقات. ومع ذلك، فقد كشفت الجولة عن استمرار التباين في وجهات النظر والمواقف، ليس فحسب بشأن كيفية معالجة الخلافات والاحتكاكات التجارية بين الطرفين، وإنما أيضاً بشأن الحرب في أوكرانيا، وذلك رغم ما تمخضت عنه الجولة من نجاح جزئي في بعض الملفات؛ وهو ما يعني أن التوتر والخلاف سيظلان ملازمان للعلاقات الصينية الأوروبية في الفترة المقبلة.