ٍَالرئيسيةمقالات
رسالة إلى رئيس الحكومة: هذه لحظة القرار التاريخي لولايتك
رسالة إلى رئيس الحكومة: هذه لحظة القرار التاريخي لولايتك
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
سيدي رئيس الحكومة
- حتى لو لم يتم إعلانه رسمياً، فإن الفصل العسكري انتهى منذ وقت. وفي الواقع، منذ 4 أشهر، كان يجب أن تدور الحرب في الميدان السياسي، وتحت قيادتك، أنت تواصل الجلوس في المقعد الخلفي، وتضع الجيش في المقدمة، وتطلب منه السير في كل اتجاه، من دون تحديد للوقت، أو ماذا يفعل بعد العملية العسكرية، أنت لا ترسل الجيش إلى رفح، بل ترسله إلى اللامكان. ولمزيد من الدقة، الجيش يرسَل إلى عملية ستؤدي، في نهاية المطاف، إلى خسارة الإنجازات التي حققها حتى الآن، وفي المقابل، ستقف “حماس” على قدميها مجدداً في كل مكان نخرج منه.
- وبعكس ما تورده وسائل الإعلام والسياسيون، أنت تعلم بأن النقاش الحقيقي هو ليس في الاختيار بين صفقة لاستعادة المخطوفين وبين رفح. كل إنسان عاقل يدرك أن الثنائي إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هو الذي يردعك عن الإمساك بالقيادة السياسية والتقدم نحو صفقة مخطوفين، ومعالجة موضوع رفح عسكرياً، ضمن إطار تسوية “اليوم التالي للحرب”، أو بواسطة تفكيك الكتائب التي لا تزال هناك، من خلال تسوية مع مصر. ويمكن أيضاً إغلاق محور فيلادلفي بواسطة المصريين، من أجل منع التهريب، وتحديد السيطرة المدنية في “اليوم التالي للحرب”، بصورة تمنع “حماس” من السيطرة على المنطقة من جديد.
- لكن أجندة بن غفير وسموتريتش هي السعي لعدم التسوية والفوضى الكاملة على الأرض، وبواسطتهما، هما يأملان بإعادة إقامة “غوش قطيف” وإصلاح قرار الانفصال التاريخي والشرخ الكبير. هما يدفعان إلى نشوء سيطرة إسرائيلية على القطاع كأمر واقع، وإقامة “غوش قطيف”، وطرد السكان الفلسطينيين إلى خارج القطاع. هذا هو السبب الذي من أجله يمنعان مناقشة الكابينيت “لليوم التالي للحرب”، حسبما طالب وزير الدفاع والوزير غانتس، والأميركيون، والمصريون أيضاً.
- بالنسبة إلى هذا الثناني، إن ثمن حياة المخطوفين وعدم عودتهم، وثمن قتلى الجيش الذين من المتوقع أن يسقطوا خلال احتلال رفح، وثمن العزلة الدولية الذي ندفعه الآن، والذي يمكن أن يتضاعف، وثمن المسّ بالعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وشحنات السلاح، وثمن التخلي عن اتفاق السلام مع السعودية، وعن إنشاء حلف إقليمي ودولي فعّال لكبح ايران النووية والتمدد الإيراني، وغيرها، أمور كلها لا تساوي شيئاً، مقارنةً بأحلام العودة إلى قطاع غزة و”غوش قطيف”.
- يعتقد سموتريتش أنه يحمل على كتفيه حتى اليوم قرار الانفصال عن غزة في سنة 2005، والتعاون الذي جرى، حينذاك، بين زعامة المفدال وحكومة شارون. يتصرف سموتريتش مثل بوتين الذي غزا أوكرانيا في محاولة لاستعادة مجد روسيا في أيام الاتحاد السوفياتي، والذي قد يخسره بسبب حنينه إلى روسيا القيصرية. لكن بوتين، بعكس سموتريتش، شهد نهاية حلمه عندما عاد الاقتصاد الروسي 35 عاماً إلى الوراء. ليس لدى سموتريتش أيّ إدراك لحدود القوة، أو ضغوط الواقع، ومن الممكن أن يعيد إسرائيل 60 عاماً إلى الوراء من كل النواحي الوطنية.
- ستصبح إسرائيل دولة منبوذة في العالم بكل معنى الكلمة. اقتصادها الحساس للعولمة سينهار بسبب الأضرار التي لحقت به، وسيتفكك المجتمع داخلياً، وسيصل العداء للسامية إلى ما كان عليه قبل الحرب العالمية الثانية. سموتريتش ورفيقه/منافسه بن غفير، يعيشان نشوة جنون العظمة، لقد استعادا الثقة بعد نجاح الجيش الإسرائيلي، وبعد عدم مطالبتهما بتحمُّل المسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر. ويتصرفان بحماسة مسيانية وفق الآية التي تقول “شعب لوحده يصمد، ولن يأخذ في الاعتبار الأمم الأُخرى”، بالنسبة إليهما، الأثمان التي تحدثنا عنها سابقاً يمكن تحمُّلها، وهي ضرورية، في مقابل الرؤيا التي يدفعان بها قدماً من دون أن يكون لديهما فكرة عن حجم الكارثة المقبلة التي يتسببان بها.
- سيدي رئيس الحكومة، لا يوجد خيار آخر. عليك أن تختار ما بين دولة إسرائيل الصهيونية، وبين دولة يهودية مسيانية. عليك أن تختار بين الازدهار، أو الخراب. عليك أن تختار بين استعادة مَن بقي من المخطوفين في قيد الحياة، أو البحث عن جثثهم في الأنفاق. عليك أن تختار بين السلام مع السعودية والازدهار السياسي، وبين العزلة والنبذ الإقليمي والدولي. عليك أن تختار بين كبح فعّال لإيران وتطلعاتها، أو استمرار إحكام حلقة النار الشيعية حولنا، وهرولة إيران نحو القنبلة. سيدي، أنت تجلس في منصب القائد، وأنت الذي تقود. لا تسمح للآخرين بجرّنا إلى الهاوية. أنت ونحن سندفع الثمن في جميع الأحوال، لكن إذا أنقذت إسرائيل من الكارثة، وأعدت الأمل إليها، فإنهم سيتذكرون قيادتك بتقدير كبير.