ٍَالرئيسية

العولمة بمثابة الدمقرطة والتحديث ومعوقات ظهورها في الشرق الأوسط

شفقنا-الديمقراطية والحداثة بمعناها المحلي والتقليدي هي عملية طويلة الأمد وتدريجية، وهاتان الظاهرتان بهذا القدر من التوسع لم تتشكلا إلا في بعض البلدان وبلغتا مرحلة النضج. تعتبر الديمقراطية في معظم البلدان والمناطق ظاهرة جديدة ومستوردة.

وللديمقراطية العديد من المكونات التي يمكن استخدامها لقياس مدى نجاح حكومة أو نظام ما في تحقيق هذه الظاهرة؛ وفي الوقت الحاضر، تزايدت أهمية ظاهرة الديمقراطية إلى حد أن العديد من الأنظمة غير الديمقراطية تستخدم هذا المصطلح لإضفاء الشرعية على نفسها، مع اختلاف قراءاتها وتفسيراتها.

تعتبر منطقة الشرق الأوسط من المناطق التي كان فيها نمو الديمقراطية ضئيلا جدا، وإذا ظهرت هذه الظاهرة فإنها حدثت على مستوى أولي وغير مكتمل تماما. إن الجهود المبذولة لتحقيق الديمقراطية وتوسيع الحداثة في هذه المنطقة لها أصول مختلفة، بما في ذلك الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، والربيع العربي في عام 2010، وغيرها من الأمثلة التي تستحق مناقشة منفصلة.

 لكن السؤال الأهم الذي يدور في أذهان شعوب ومثقفي هذه المنطقة هو لماذا واجهت عملية العولمة من حيث الديمقراطية والتحديث فشلا في الشرق الأوسط بشكل أو بآخر؟

وللإجابة المختصرة عن هذا السؤال سنذكر بعض الأمور فيما يلي.

معوقات طريق التحول الديمقراطي والتحديث في الشرق الأوسط

  • البنية التقليدية: إن أهم عامل يمنع النمو الثقافي والسياسي والاجتماعي وأحيانا الاقتصادي في المجتمعات النامية هو بنيتها التقليدية. ويرى ستيوارت هول أن عدم فهم مكونات العولمة ليس بقضية سطحية فحسب، بل انه خطير للغاية بالنسبة للبلدان ذات البنية التقليدية. بالطبع، ينبغي للمرء أن يدرك حقيقة أنه ليست كل القيم التقليدية تتعارض مع القيم الحديثة والعالمية، لكن بعض الناس يعتقدون أنه من خلال تفسيرهم للتراث، يساعد التراث أيضا على التنمية الثقافية والاجتماعية للمجتمعات.
  • ضعف المجتمع المدني والثقافي: المجتمع المدني هو مجموعة من المؤسسات والجمعيات والمنظمات الاجتماعية التي تلعب دورا مؤثرا في تشكيل السلطة السياسية، وتتحرر من أي تبعية للحكومة. ويمكن القول إن أحد العوامل المهمة التي تحول دون قيام الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط هو غياب أو ضعف المجتمع المدني والثقافي في دول هذه المنطقة؛ وبطبيعة الحال، حدثت بعض الحركات في هذا المجال، لكن لم يصل أي منها إلى الوجهة النهائية ولم يحقق الهدف النهائي، بل اختنق في مهده، أو لم يحمل أي وظيفة في هذا المجال، لكن يمكن القول بان بعض من هذه المجتمعات المدنية والمنظمات غير الحكومية استطاعت ان تتحدى البنية الحكومية.
  •  قلة التطور السياسي والاجتماعي والثقافي من داخل المجتمعات: ويمكن القول إن هذه القضية مهمة جدا. وصلت أوروبا في عصر التنمية إلى مستوى من الاستعداد جعل التنمية أولوية لجميع الأنظمة، وقد تحقق ذلك بفضل ذاكرة تاريخية نابعة من قلب المجتمع، بينما في دول الشرق الأوسط مثل: المملكة العربية السعودية، الكويت والإمارات العربية المتحدة وغيرها، فان الحكومة هي التي تنتهج بعض جوانب التنمية في مجال تراكم رأس المال والاقتصاد، ومع تغير الحكومة ستنهار هذه الهويات والأفكار المهزوزة.
  • الصراع بين الدين والديمقراطية: يرى بعض الخبراء أنه لا يوجد توافق بين المكونات الدينية ومكونات الديمقراطية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تصور أو إمكانية الجمع بين هذين المكونين. ويمكن القول إن السبب في ذلك هو أن هناك اختلافات عميقة بين القيم الدينية والقيم الديمقراطية، وقد تسببت هذه الاختلافات في عدم التوافق والصراع بين الدين والديمقراطية. ويرى الكثير من مفكري الشرق الأوسط أن قبول العولمة بمكوناتها يتعارض مع النظام الديني في دول هذه المنطقة.

الطبيعة القبلية للثقافة

سيمون براملي وراجرافون، وهما عالمان بارزان في الشرق الأوسط، يؤمنان بنفس الأسباب المذكورة؛ ويعتبرون أن الأسباب الرئيسية لرفض الحداثة والديمقراطية في مجتمعات الشرق الأوسط هي الطبيعة القبلية للثقافة، والطبيعة الفسيفسائية للبنية الاجتماعية، والحضور الكثيف للغربيين في الشركات النفطية.

 ويرى براملي أن العديد من الحكومات في منطقة الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وغيرها، ترتبط بالاقتصاد العالمي بطريقة خاصة جدا (من حيث إمدادات الطاقة والسوق الاستهلاكية). ; وهذا يعني أن هذه الحكومات ليست سوى جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي اقتصاديا، لكن تشابكها السياسي والاجتماعي والثقافي مع العالم لا يخضع لأي شروط عضوية.

ويرى بعض الخبراء أن محاولة إحياء الفكر الإسلامي يجب أن تفسر على أنها سياسة البحث عن الهوية في مواجهة سياسات الطرد والانسحاب والرفض. ويذهبون إلى أن سياسات الهوية تبحث عن نموذج جديد من الإجماع الذي بدأ ينشأ ويتكثف في الشرق الأوسط منذ أكثر من عقدين من الزمن.

ويرى آخرون إنه لا القومية ولا التغريب قادران على تدمير الهوية الإسلامية في البلدان الإسلامية.

كما يرى إرنست غيلنر أنه كان هناك فصل بين السياسة والدين في الديانات والمجتمعات غير الإسلامية، بينما لم يكن هناك فصل ثقافي بين هاتين الفئتين في الإسلام. ويفسر أن الإسلام في معظم الأحيان يعمل كجدار دفاعي ضد نفوذ الغرب، وبشكل عام يستخدم هذا المصطلح بحيث يمكن مقارنة رد فعل دول الشرق الأوسط على العولمة مع رد فعل الدول المستعمرة على الاستعمار.

والنقطة الأهم هي أن النظرة العالم الإسلامي الكونية ومفاهيم التوحيد والأمة أدت نظريا إلى تشكيل بنية سياسية مشتركة بين مجتمعات الشرق الأوسط تسمى الإسلاموية، ومن جهة أخرى في اغلبية المجتمعات والشعوب في الشرق الأوسط وخاصة العربية منها تتأسس أسس الهوية على مبدأ العرق والدين والقضايا الوطنية لا مكانة لها مقارنة بغيرها، ونتيجة لذلك فإن مكونات وقضايا مثل سيادة القانون، والتحضر، وحق الاختيار، والتصويت والديمقراطية، والحداثة بكل آلياتها، بالطبع، لا تكاد تكون مقبولة على شكل النمط الغربي؛ على سبيل المثال، ينطبق هذا على الجمهورية التركية، الذي يتمتع بأطول تجربة مع العلمانية.

وباختصار يمكن القول إن منطقة الشرق الأوسط أمامها طريق طويل للوصول إلى مستوى نشوء وظهور الديمقراطية والحداثة في كافة جوانبها مع الدول المتقدمة.

المصدر: ديبلماسي إيراني

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-04-16 02:30:54
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى