الرد الإيراني يمكن أن يزيد في حدة الحرب

الرد الإيراني يمكن أن يزيد في حدة الحرب

تاريخ المقال

14 أبريل 2024

المصدر

هآرتس

المؤلف

عاموس هرئيل

للمرة الثانية خلال 48 ساعة، والثالثة منذ بدء الحرب، اضطر الرئيس الأميركي إلى قول “D’ont”. وقد كان تحذير بايدن موجهاً مرة أُخرى إلى القيادة الإيرانية التي هددت بالانتقام لمقتل مسؤولها الرفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال حسن مهدوي (المعروف أيضاً باسم محمد رضا زاهدي) في عملية اغتيال في دمشق في الأول من نيسان/أبريل نُسبت إلى إسرائيل. وربما كان لكلام بايدن في ليلة السبت، الذي ترافق مع إرسال مسؤولين رفيعي المستوى من القيادة المركزية للجيش الأميركي (ستاتكوم) إلى إسرائيل، ونشْر قوات في شتى أنحاء الشرق الأوسط، تأثير معين في النظام في طهران، لكن ليس هناك سبب لافتراض أن الإيرانيين سيرتدعون عن الرد، أو أنهم سيكتفون بالسيطرة على سفينة الشحن التي لها علاقة غير مباشرة بإسرائيل في خليج عُمان. فقد تحدثت التقارير هذه الليلة عن إطلاق عشرات المسيّرات من الأراضي الإيرانية في اتجاه إسرائيل، ومن المعقول افتراض أننا نقف في مواجهة تصعيد إضافي، وربما في مواجهة حرب إقليمية.

وقد هدفت الخطوات الأميركية إلى إظهار القوة، كما فعلت الإدارة الأميركية في أواسط تشرين الأول/أكتوبر بعد أيام من نشوب الحرب بين إسرائيل و”حماس”. يومها أيضاً برز تخوُف من انضمام حزب الله، وربما إيران، إلى الهجوم “الإرهابي” الذي شنته “حماس”، فسارع الرئيس بايدن إلى إطلاق التحذيرات الكلامية المدعومة بالأفعال، فأرسل حاملتين للطائرات إلى المنطقة، عادت إحداهما من منطقة الشرق الأوسط إلى قاعدتها في كانون الثاني/يناير، بينما بقيت الثانية (دوايت أيزنهاور) في منطقة البحر الأحمر، وتوجهت في نهاية الأسبوع نحو إسرائيل للتمليح للإيرانيين بأن عليهم ألاّ يرتكبوا خطأ.

وإلى جانب الحركة البحرية، نشرت بكثافة منظومات الدفاع الجوي في شتى أنحاء الشرق الأوسط، مع تشديد التواصل مع إسرائيل ودول أُخرى. وهنا برزت، بصورة واسعة النطاق، منظومة الدفاع الجوي الإقليمي التي بحثت في إقامتها الولايات المتحدة وإسرائيل قبل عامَين. كما أن اعتراض المسيّرات والصواريخ التي أطلقها الحوثيون من اليمن طوال الحرب في اتجاه إسرائيل استند إلى هذا التعاون الإقليمي الواسع النطاق. والآن، لدى إسرائيل قدرة كشف متقدمة وبعيدة المدى تسمح لها بالاستعداد للدفاع عن نفسها إزاء تهديد يبعد عنها عدة مئات من الكيلومترات.

ومع ذلك، ومع مرور الوقت، فإن هناك عدداً كبيراً من المشكلات؛ أولاً، إن تجنُد بايدن وتصريحاته يجسدان اعتماد إسرائيل الكبير على الولايات المتحدة (والمفارقة أن حكومة نتنياهو فعلت كل ما في وسعها لمهاجمة الرئيس والاستخفاف به في الأشهر الأخيرة). ثانياً، إن الرد الإيراني يمكن أن يطرح الشكوك بشأن القوة الأميركية.

لقد ركزت وسائل الإعلام في إسرائيل والخارج في الأيام الأخيرة على سيناريو هجوم تشنه إيران، وهو مزيج من هجومها على منشآت النفط أرامكو في السعودية في أيلول/سبتمبر 2019، وهجمات إيرانية ضد قواعد أميركية في سورية والعراق، انتقاماً لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، بعد مرور 4 أشهر. وإن هجوماً كهذا يمكن أن يشمل مزيجاً من عشرات أو مئات المسيّرات والصواريخ البحرية والصواريخ الباليستية. وتوجد فوارق كبيرة في سرعة تحليق هذه الأسلحة المتعددة (المسيّرات بطيئة للغاية)، ولذلك، فمن المطلوب التنسيق على عدة قنوات، ومن المنتظَر أن تكون الأهداف عسكرية لا مدنية، ومن الممكن أن تكون بعيدة عن وسط البلد، لتقليص خطر وقوع إصابات بين المدنيين.

وهذا بالإضافة إلى المنظومة المشتركة للكشف، وتشغّل إسرائيل 3 طبقات اعتراضية هي من الأدنى إلى الأعلى: القبة الحديدية، ومقلاع داود، وصاروخ حيتس. وفي مواجهة المسيّرات، بصورة خاصة، لدى إسرائيل وسائل للتشويش كوسائل القتال الإلكترونية. ونظراً إلى بطء حركة المسيّرات والصواريخ البحرية، فإن أجهزة الكشف عنها تغطّي مناطق واسعة جداً شرقي إسرائيل، كما يجب الأخذ في الحسبان إمكان القيام بعمليات اعتراضية في كل أنحاء المنطقة، حتى تلك البعيدة عن حدود إسرائيل. ومع ذلك، وكما جرى مع إطلاق المسيّرات من لبنان واليمن، فمن الممكن انطلاق صفارات الإنذار كما يجري لدى اعتراض مسيّرات وصواريخ، وربما يستمر الهجوم لساعات عديدة، وتؤدي شظايا الصواريخ الاعتراضية إلى وقوع أضرار.

وإن تطوُر الأمور لاحقاً مرتبط بقدرة الدفاع الإسرائيلية، وبنتائج الهجوم الإيراني، ونوع الأهداف التي تعرضت للهجوم، وحجم الأضرار، وبصورة أساسية عدد الإصابات، وقد أعلنت إسرائيل أنها سترد على الاعتداءات ضدها، وحرصت على تسريب أنها اختارت أهدافاً إيرانية للرد، لكن مع ذلك، فإن طبيعة الرد ستحددها العمليات الإيرانية، كما ستتأثر بالموقف الأميركي، فالتأييد الأميركي لن يكون من دون مقابل، ومن الضروري الأخذ في الحسبان اعتبارت الإدارة في واشنطن.

ما هو واضح الآن أن شيئاً أساسياً تغير في الحسابات الإيرانية، ويبدو أنه لم يطرأ على بال القيادة في إسرائيل والمؤسسة الأمنية أن إيران سترد بصورة حادة وواسعة النطاق على الاغتيال، وربما تكون السياسة الإيرانية ثمرة الشعور بأن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء في اغتيالها اثنَين من كبار قادة الحرس الثوري في دمشق خلال 4 أشهر، لكن هذا له علاقة أيضاً بالانطباع الذي يسود طهران بأن إسرائيل ضعيفة وعالقة في حربها مع “حماس”، ومن الممكن ضربها مباشرة.

Exit mobile version